فمن فضائل القرآن أنه كلام الله ؛ تكلم به حقيقة كما ذكر ذلك. قال الله عز وجل: { وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ } { يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ } كذلك قال الله تعالى: { وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ } ذلك بلا شك دليل على فضله؛ لأنه كلام الله. وكذلك قال الله تعالى: { يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ } وإذا كان كلام الله فإن ذلك إشارة لهذه الأمة أن كان بينهم كلام الله الذي أنزله على قلب نبينا -صلى الله عليه وسلم- فما أعظمه من فضل! وما أعظمه من شرف! وما أعظمه من ميزة! ميز الله بها هذه الأمة. ومن فضله أن الله تعالى تحدى به أفصح العرب وأقدرهم على البيان، وأخبر بأنهم لا يقدرون على معارضته؛ قال الله تعالى: { قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا } لا يقدرون على أن يعارضوه بمثله ولو ساعد بعضهم بعضا وهذا خبر من الله وقع حقيقيا. وكذلك تحداهم بعشر سور مثله، قال تعالى: { أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ } وأخبر بأنهم لا يقدرون على ذلك. تحداهم بعد ذلك بسورة واحدة؛ فقال تعالى: { وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا } أخبر بأنهم لا يفعلون ولا يقدرون؛ وذلك لأنه كلام الله الذي هو أبلغ كلام فلا يقدرون على أن يعارضوه ولا على أن يأتوا بسورة واحدة؛ من مثل سوره. |