إذا –مثلا- أن الإنسان تزوج امرأة أخرى؛ فإن عليه العدل بين الزوجتين، ولا يجوز له أن يظلم إحداهما؛ فيضرها، عليه أن يعدل بينهما، { كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقسم بين نسائه، يبيت عند كل واحدة ليلة، ويقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك؛ فلا تلمني فيما تملك ولا أملك } . يعني: القلب، أما القلب والمحبة القلبية فهذه لا يملكها، لا يملكها الإنسان، إنما الذي يملكه هو العدل الظاهر، وهو أن يعطي كل واحدة ليلة يبيت عندها، فإذا بات عند واحدة أكثر؛ فقد ظلم. وكذلك أيضا النفقة، إذا أنفق عليهن؛ فيسوي بينهن، يعدل بينهن في النفقة، فيعطي كل واحدة حاجتها، وحاجة أولادها من النفقة؛ من الطعام، ومن الكسوة، ومن المتاع، ومن الأثاث، وما أشبه ذلك من الحاجات. أما كونه يقطع النفقة عن واحدة فإن هذا ظلم، ولو كان لها أولاد يقدرون على الإنفاق عليها؛ فإن النفقة تكون على زوجها، الزوج الذي هو يملك الاستمتاع بها، فإذا كان كذلك؛ فإنه هو الذي ينفق عليها، ويعطيها حاجتها، ولا يظلمها . لو أسقطت عنه حقها من المبيت؛ فلا بأس، إذا كبرت، وأسنت، وخافت أنه يطلقها، وقالت: لا تطلقني، وأنت مباح في المبيت، لا حاجة لي في أن تبيت معي، ولا أن تجامعني، إذا سمحت بذلك؛ فإن لها الحق، وله حينئذ أن يترك حقها، الذي هو الاستمتاع. وكذلك أيضا، إذا كان لها دخل، وقالت: لا تطلقني وأنا أسقط عنك نفقتي، كأن يكون لها راتب شهري، أو لها أولاد يكتسبون وينفقون عليها، فمتى أسقطت حقها من النفقة؛ فلا حرج في ذلك والأمر إليها. فأما أن تكون مطالبة له بحقها؛ فلا يحق له، والحال هذه أن يظلمها، وأن يبخسها حقها إذا لم يكن له حاجة بها؛ فليطلقها، والله تعالى يقول: { وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ } إذا طلقها استغنت، أغناها الله تعالى، إما أن تجد زوجا يعاشرها بالعشرة المعروفة، وإما أن تجد من يغنيها الله تعالى به. |