السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، أحمد الله وأشكره، وأثني عليه وأستغفره، وأسأله أن يوزعنا شكر نعمه، وأن يدفع عنا نقمه، وأصلي وأسلم على عبده ورسوله محمد الذي أرسله الله بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، وعلى آله وأصحابه الذين ساروا على نهجه، واتبعوا طريقته في النصح والتوجيه للأمة الإسلامية وبعد ... فإني أعلم -والحمد لله- أنكم على معرفة، وعلى دين، وعلى إيمان، وليس فيكم -والحمد لله- جاهل لا يعرف كيف يعبد ربه، ولا يعرف كيف يترك ما حرم الله عليه، ولكن من باب النصيحة، ومن باب التذكير، ومن باب الدعوة إلى الله، ومن باب البيان والتعليم الذي فرضه الله تعالى على كل مَنْ عنده علم، ومعرفةٌ بشيء من الشريعة أن يبينه ويُعَلِّمَهُ. أمر الله بالتذكير في قوله تعالى: { فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ } يعني: يذكره أن الله تعالى أنعم عليه، وأمره بأن يذكر، وكان يلتزم التذكير، ويقرأ في صلاة الجمعة كثيرا قوله تعالى: { فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى } وقوله تعالى: { فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ } بمعنى أنه يمتثل أمر الله، فتكون خُطَبُهُ تذكيرا ووعظا وإرشادا، وهكذا يجب على أفراد أمته أن يُذَكِّرُوا الناسي، ويعلموا الجاهل، ويرشدوا الحيران، ويهدوا مَنْ ضَلَّ عن سبيل الله تعالى، ويساعدوا أو يُقَوُّوا من تكاسل؛ وبذلك ينتبه المسلمون، ويتعلمون ويعملون، وذلك أن المسلمين وإن كانوا يأتون بالشهادتين، ويُصَلُّون، ويصومون، ويتعبدون بالعبادات التي أمر الله بها، ولكن لا بد أن يكون معهم خَلَلٌ، وأن يكون هناك نقص؛ فيحتاجون إلى مَنْ ينبههم على ما عندهم من الخلل أو من النقص. |