يدخل في ذلك سب الإسلام، وسب الدين، والسخرية بأهله، فإن ذلك من أشد أنواع الردة، فالله تعالى حكم على أولئك بالكفر، ومع الأسف فإنه يقع كثيرًا ممن يتسمون بالإٍسلام، توعدهم الله تعالى بأنواع الوعيد، قال الله تعالى: { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } هكذا حكم بكفرهم. وكانت القصة أن بعضًا ممن غزوا مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك لما كانوا في أثناء الطريق؛ أخذوا يسخرون بأهل الإيمان، فقال أحدهم: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء -يريد النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الذين حوله- يقول: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونًا، ولا أكذب ألسنا، ولا أجبن عند اللقاء. -يصف الرسول والصحابة حوله بأن همهم بطونهم، وأنهم أكذب ألسنًا، وأنهم جبناء وضعفاء ليسوا جرءاء على القتال- هكذا وصفهم، كفَّره الله تعالى بذلك، { لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } . ومن ذلك قول الله تعالى: { الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } كان سبب ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم حث على الصدقة، فجاء رجل بصدقة كثيرة، فقال بعضهم: إنه مراءٍ، إنه يريد التمدح. وجاء رجل كان فقيرًا فكان يكد ويعمل، فوفر صاعًا من طعام، فقالوا: إن الله غني عن صاع فلان. فنزلت، { الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ } يعيبون المتطوع ذلك الذي جاء بصدقة كثيرة، { وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ } يعيبون ذلك الذي تصدق بالصاع { فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ } هكذا توعدهم، { سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } هكذا توعدهم، { سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } ذكر من عملهم أنهم يعيبون ذلك المتطوع، وأنهم يعيبون ذلك المتصدق بصدقة قليلة، فهكذا عقوبة الذين يسخرون من أهل الإيمان ومن أهل الخير . كذلك أيضًا ذكرهم الله تعالى في قوله: { سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } يعني: لما أنهم بدلوا نعمة الله أخبرهم بأنه شديد العقاب، لا شك أن ذلك دليل على أن الذين اتصفوا بهذا الصفة يكونون كذلك، ثم قال تعالى: { زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا } يسخرون يعني يستهزئون بالمؤمنين، هذا من صفات الكفار، { وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } أهل التقوى فوقكم أيها الكافرون؛ ولو أنكم تستضعفونهم وتعيبونهم وتسخرون منهم. |