أعداء الإسلام وحملتهم على المرأة المسلمة

ثم إنهم أيضًا أعداؤنا لما وفدوا إلينا جاءوا بنسائهم، وتجرأ نساؤهم على أن يبدون كاشفات لوجوههن، مبديات لزينتهن، ولما كان كذلك وكانوا أهل معرفة في نظر الناس وأهل حذق وأهل صنعة وأهل اختراع؛ زُيِّن إلى الجهلة أن نساءهم كذلك، وأن نساءنا متأخرات، وأنهن متزمتات متشددات، وأن التستر هذا من جملة ما أخرهن، ومن جملة ما تعاب به المرأة إذا تسترت، فكثر في هذه الأزمنة الذين يدعون نساء المؤمنين إلى أن يبدين وجوههن، وإلى أن يكشفن عن زينتهن، ولو كان فيها ما فيها من الفتنة، وصاروا يظهرون شبهات يشبهون بها على كثير من نساء المؤمنين، وفشا هذا الأمر في كثير من البلاد الإسلامية؛ بل صار عيبًا أن المرأة تتستر، وأنها تستر وجهها؛ بل وصل الأمر في بعض البلاد الإسلامية إلى أنهم متى رأوا المرأة المتسترة نزعوا حجابها، نزعوا الحجاب الذي على وجهها حتى تكشف وجهها، وتكشف رأسها، وربما يعاقبون زوجها ولي أمرها إذا أمرها بالتستر، لا شك أن هذا خلاف السنة. ولا شك أن الدعاة فيما بيننا الذين يدعون إلى تكشف النساء، ويدعون إلى بروزهن؛ ما قصدوا بذلك مصلحة نسائنا، ولا قصدوا بذلك نصيحةً للمؤمنات؛ ولكنهم قصدوا بذلك أن يتشبه نساؤنا بنساء الكفار، وقصدوا أيضًا مقاصد سيئة، وهو أن يشبعوا غرائزهم وشهواتهم من النظر إلى هؤلاء النساء المؤمنات المتحجبات والمتسترات، فيريدون من المرأة أنها تبدي زينتها حتى ينظروا إليها، وحتى يتلذذوا بالنظر إلى جمالها وإلى وجهها، وحتى يتمكنوا والعياذ بالله من فعل ما يريدون من المحرمات كالزنا أو مقدمات الزنا. ولا شك أن هذا كله مما ابتلينا به حيث كثر الذين يدعون إلى بروز النساء ويقولون: إنكم ظلمتم المرأة؛ حيث إنكم تحجبونها بين أربعة جدران، لا تخرج من بيتها دائمًا، وحيث إنكم ظلمتموها إذا خرجت أن تغطوا وجهها، حتى كأنها ليس لها وجه وليس لها عينان. ما أرادوا بذلك نصيحة النساء، فنقول: إن الله تعالى أحكم وأعلم، فهو سبحانه أمر بصيانة النساء، فقال تعالى: { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } خطاب لأمهات المؤمنين ونساء المؤمنين، اثبتن في بيوتكن، لا تخرجن إلا لضرورة، وإذا خرجتن فلا تتبرجن، التبرج هو التكشف وإبداء المحاسن، كأنها رفعت نفسها حتى صارت كالبروج البارزة، لا تبرجن.