جزاكم الله خيرا,وبارك في علمكم، ونفع بكم أمة الإسلام والمسلمين ... نحبكم في ذات الله تعالى، ونحب لكم الخير, ومن أحب مسلما أحب له ما يحب لنفسه؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: { لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا. ألا أدلكم على ما إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم } . وثانيا: نذكركم بأن واجبكم الذي قمتم به وتقومون هو واجب المسلمين جميعا، وهو ميزة هذه الأمة المحمدية؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: { لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد الظالم، ولتأطرنه على الحق أطرا؛ أو ليضربن الله قلوب بعضكم ببعض ثم يلعنكم كما لعن من قبلكم } . وقال الله تعالى في صفة هذه الأمة جميعا: { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ } . يدل على فضل هذه الوظيفة الأمر والنهي، وأنها بمنزلة رفيعة, قُدمت في هذه الآية على الإيمان: { تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ } والتقديم يدل على وجوب الاهتمام بها. وكذلك جعلها الله –تعالى- من صفات المؤمنين, قال الله تعالى: { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ } ثم وصفهم بخمس صفات: { يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } فقدم في هذه الخمس الأمر والنهي على الصلاة والزكاة؛ لأن هذا يدل على فضله والاهتمام به؛ الصلاة والزكاة مصلحتها وثوابها يختص بها المصلي، وأما الأمر والنهي فإنه يتعدى منك إلى غيرك؛ تنفع غيرك وتقيمه على الحق. وإذا كان كذلك؛ فإننا نشجعكم أيها الإخوة على هذا العمل الذي تضلعتم به, وتصديتم له, والذي قمتم فيه مقام الأمة. الأمة واجب عليها جميعا القيام بهذا, ولكن ذُكر أنه من فروض الكفاية؛ إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، ودليل ذلك قول الله تعالى: { وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ } أمة؛ يعني طائفة وجماعة يقومون بهذا الواجب الذي هو الدعوة والأمر والنهي. فإذا كان هذا؛ تعين على طائفة أصبح واجب عليهم القيام به, وسقط الإثم عن الباقين إذا كفى هؤلاء, فإذا احتاجوا إلى غيرهم ولم يكف عددهم؛ ضم إليهم غيرهم، وكذلك أيضا قام معهم آخرون. وليس شرطا أن يكون معينا وموظفا ومتسميا بأنه أحد أعضاء هذه الهيئات، بل يقوم بذلك محتسبا ومتطوعا؛ حتى يؤدي هذا الفرض الذي هو فرض على الأمة، ويقوم بما أوجب الله على الأمة. فإذا لم يفعلوا، وظهرت المنكرات ولم تغير؛ خيف على الأمة أن ينزل بهم العقاب العام. فمن أدلة ذلك قول الله تعالى: { وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً } أي لا تختص بالعاصين بل تعمهم وتعم غيرهم. وكذلك ما ذكر عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: { أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ } وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه؛ أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده } أوشك يعني قرب؛ أي العقاب حري أن يعمهم. وفي حديث آخر: { إن المعصية إذا خفيت لم تضر إلا صاحبها، وإذا ظهرت فلم تغير ضرت العامة } ؛ يعني إذا كانوا قادرين على تغييرها, وفي حديث آخر: { ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي هم أقوى وأقدر من أهل المعاصي فلا يغيرون؛ إلا عمهم الله بالعقاب } أو كما جاء في الحديث. والأدلة على ذلك واضحة وكثيرة، وقد تكررت معكم، وعرفتموها؛ فلا نطيل بذكرها. |