ذلك لأن كثيرا وكثيرا وقعوا في إهمال من تحت أيديهم؛ فإهمال الأولاد يتعرضون؛ يعني ما بين السابعة إلى العشرين إذا أهملوا من قبل ولي أمرهم؛ فإنهم يتعرضون لمن يفسدهم؛ فيقعون في شرب المسكرات، ويقعون في تعاطي المخدرات، ويقعون في شرب الدخان، ويقعون في سماع الغناء واللهو وما إلى ذلك؛ فيفسدون وتفسد أخلاقهم. فمتى يقدر بعد ذلك على أن يصلحهم ويردهم إلى الحق وإلى الاستقامة؟ ويكون هو الذي يندم عندما يقعون في هذه المشكلات، وعندما تتمكن هذه المعاصي منهم، وتكون جبلة وعادة لا يقدرون على أن يتركوها ليندموا بعد ذلك، يحاول إصلاحهم ولا يقدر. كذلك أيضا إهمال أهل البيت؛ إما أن يجلب إليه ما يفسدهم وإما أن يهملهم ويتركهم لمن يفسدهم. هذا أيضا مما وقع فيه الكثير؛ حيث إنهم لم يشعروا إلا وقد وقع أهلوهم زوجات وبنات وأخوات ونحو ذلك -وقعوا في منكرات، ووقعوا في فواحش. والمسئول الذي هو وليهم وصاحب المنزل منشغل؛ إما منشغل مع زملائه وجلسائه ولا يدري ما أهل بيته فيه؟ وإما أنه منشغل بحرفته ووظيفته وتجارته منشغل الانشغال الكامل، ولا ينتبه لمن استرعاه الله تعالى من أولاده ومن ذريته ومن أهله؛ فيقعون في منكرات وهو مشغول عنهم. لا شك أن هذا إما بسبب من صاحب المنزل وإما بسبب من غيره؛ فالأسباب التي من أصحاب المنازل هو جلب هذه الملاهي؛ آلات الملاهي وآلات الاستقبال للقنوات الفضائية، وأشرطة الفيديو التي يسجل فيه الأشياء القبيحة قبيحة المنظر وما أشبه ذلك؛ فالوسيلة إلى التطهير هو إزالتها؛ فأما الذين تساهلوا وأهملوا أو جلبوها؛ فإنهم يكونون متسببين. فإذا نصحك صاحب لك وأخ لك؛ فعليك أن تقبل نصيحته وتطهر منزلك من هذه الأجهزة وما أشبهها. وكذلك أيضا إهمال الأولاد يذهبون فيتسكعون في الطرق، ويجلسون على الأرصفة، ويحتكون بمن يوقعهم؛ يزين لهم شرب الدخان، ويزين لهم أكل المخدرات أو الوقوع في المسكرات أو ما أشبه ذلك؛ فيفسدون. كذلك أيضا يذهبون إلى المقاهي الممتلئة بالفساد، التي فيها هذه الصور وفيها هذه الأغاني وهذه الملاهي وهذه الموسيقى وهذه الطبول وما أشبهها. فيألفونها ويصعب بعد ذلك انفطامهم عنها، ولا يقدر على أن يخلصهم؛ فعند ذلك يقول: إني أريد أن أحفظهم فيدخل عليهم ما يفسدهم. وكان الأولى له قبل أن يقعوا في هذا الشر أن يراقبهم ويحفظهم ويأخذ بأيديهم إلى المساجد وإلى حلقات العلم، وإلى حلقات تحفيظ القرآن ويتعاهدهم بالحفظ، ويشجعهم على حفظ القرآن أو حفظ العلوم النافعة التي تعود عليهم بالمصلحة وما أشبهها. وهكذا أيضا إذا لاحظ عليك أحد إخوتك إهمال نسائك وأنهن يدخلن في الأسواق، وإذا دخلن في الأسواق المزدحمة فلا بد أن يكون هناك من يزاحمهن، وهناك من يعاكس وهناك من يكلم، وهناك من يحتك بهن ويتكلم معهن خفية وما إلى ذلك، فماذا تكون العاقبة؟ لا شك أن العاقبة وخيمة؛ حيث إن المرأة ضعيفة إذا احتك بها من يشير إليها ويعدها ويمنيها من شياطين الإنس؛ فإنها سوف تقع إلا ما شاء الله في هذا المنكر بأن يجتذبها إلى محله أو يركبها في سيارته أو ما أشبه ذلك. وهكذا نقول: إذا لوحظ عليك أو لاحظت على أحد من أصدقائك أو من جيرانك إهمال النساء وعدم المحافظة عليهن؛ فعليكم أن تلاحظوا على إخوانكم الذين أهملوا والذين غفلوا عما يعمله نساؤهم. المرأة مثلا إذا ركبت وحدها في سيارة الأجرة؛ ماذا يكون؟ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: { ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما } لا بد أنه يدخل بينهما وأنه يقرب بعضهما إلى بعض، ولو قال الرجل: إني واثق بامرأتي، إني عارف نزاهتها، فإن الشيطان قد يغلبها. كذلك أيضا عليه أن يكون معه غيرة وحماس على نسائه أن يقعن في شيء من المحرمات بسبب تساهله. ولقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حث على المحافظة على العورات وعلى النساء فقال: { ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء } ؛ يعني أن الرجال يفتتنون بالنساء، وأنهم لا يستطيعون التحمل إذا رأوا المرأة المتكشفة أو نحو ذلك؛ فالرجل ضعيف. ويقول أيضا -صلى الله عليه وسلم- { اتقوا الدنيا واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء } . أول فتنتهم؛ يعني أنهم وقعوا في هذه المحرمات، وقعوا في الزنا، وقعوا في الفواحش بسبب أن النساء أخذن يتجملن أمامهم، ويتبرجن ويبدين شيئا من زينتهن مما يكون سببا في الوقوع في الفواحش ومقدماتها وأسبابها ونحو ذلك. وهكذا أيضا لما أن بعض الصحابة -رضي الله عنه- قال: "لو وجدت مع امرأتي رجلًا لضربته بالسيف غير مصفح"؛ يعني لضربته بحد السيف، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- { أتعجبون من غيرة سعد لأنا أغير منه، والله أغير منا } هكذا غيرة الصحابة رضي الله عنهم، وهكذا أيضا أخبر -صلى الله عليه وسلم- بأنه أغير منه. الغيرة هي الحماس على المحارم. |