إذا قال القارئ: { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } الدين هو يوم القيامة، { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } سمي بيوم الدين؛ لأنه الذي يجازى فيه العباد على أعمالهم، يوم الجزاء والحساب، وهو يوم القيامة، اليوم الآخر؛ فإذا قال: { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } اعترف بأن هناك يوم آخر وهو بعد هذه الحياة الدنيا، بعد انتهاء الدنيا يبعث الناس يوم القيامة ويدانون؛ يعني: يجازون بأعمالهم، كما في قول الله -تعالى- { يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ } ثم قال: { وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ } فهذا يوم الدين، يوم الجزاء والحساب؛ الله -تعالى- هو المالك له وحده. في ذلك اليوم يتخلى كل عن ملكه لا أحد يملك شيئا ولو حبة، ولو ذرة؛ كل يتخلى عما كان يملكه، يكون المُلك لله وحده؛ هذا الاعتراف بأن الله -تعالى- هو المالك، وأن الملك ملكه، وأنه المتصرف في خلقه، يحمل المسلم على أن يدين لله -تعالى- بالعبودية، وأن يعترف بفضله، وأن يعترف بعطائه وإنعامه عليه، وأن يعبده حق عبادته؛ إذا قال: { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } . مع أن الله تعالى مالك الدنيا، ومالك الدين؛ فالملك الحقيقي لله -تعالى- قال -تعالى- { تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ } ولكن في الدنيا من يتسمون بأنهم ملوك، وفي الآخرة كل يتخلى عن ملكه، فلا أحد يستبد بملك شيء، { لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } . |