فضيلة الشيخ نشكرك شكرا جزيلا، ونقول لكم قول النبي -صلى الله عليه وسلم- { من فعل إليه معروفا فقال لأخيه: جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء } فجزاكم الله خيرا على ما أتحفتمونا من قبول دعوتنا والالتقاء بطلاب تحفيظ القرآن الكريم أمل هذه البلدة بعد الله سبحانه وتعالى، يريدون منك - أولا يا فضيلة الشيخ - كلمة توجيهية ثم نتركهم معك في أسئلتهم التي حضروها لك. بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه. وبعد: إنني فرح مسرور بما رأيت وبما سمعت؛ فإن اهتمام أولاد المسلمين بكتاب ربهم حفظا وفهما وتدبرا يبشر بخير؛ وذلك لأنه سبب في الهداية والاستقامة والثبات بإذن الله على الحق؛ حيث إن حفظة القرآن هم الذين يطبقونه ويعملون به، ويظهر عليهم أثر السكون والاطمئنان، والاعتقاد السليم، كما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بصيامه إذا الناس يفطرون، وبقيامه إذا الناس ينامون -يعني تهجده- وبصمته إذا الناس يخوضون . أمثلة يريد بها أن حامل القرآن يتأثر بالقرآن فيعمل به، ويكثر من الأعمال الصالحة التي يدعو إليها ربنا –تعالى- في القرآن وفي السنة، ولا شك أن هذا مما يظهر أثره على حملة القرآن. ثم جاء في الحديث الذي في صحيح مسلم قوله -صلى الله عليه وسلم- { والقرآن حجة لك أو عليك } يعني: أنه إما أن يشهد لك أو يشهد عليك؛ فإذا كنت ممن عمل به وتأثر به واتبع إرشاداته وأوامره؛ فإنه خير شاهد لك وخير وسيلة في النجاة، وإلا كان شاهدا عليك. وفي الحديث الذي أورده ابن رجب في اللطائف أنه { يجاء بحامل القرآن الذي قد عمل به فينتصب القرآن له خصما فيقول: يا رب، حملته إياي، فخير حامل عمل بحدودي واتبع أوامري وترك زواجري؛ فلا يزال يقذف له بالحجج حتى يقال: شأنك به فلا يدعه حتى يدخله الجنة أو يلبسه تاج الوقار. ويجاء بالرجل قد حمل القرآن ولم يعمل به؛ فينتصب له القرآن خصما فيقول: يا رب، حملته إياي فبئس حامل، ركب زواجري وترك أوامري وتعدى حدودي؛ فلا يزال يقذف له بالحجج حتى يقال: شأنك به، فلا يدعه حتى يكبه على وجهه في النار } . فهذا معنى: القرآن حجة لك أو عليك، وأنشد ابن رجب: ويل لـمـن شفـعـاؤه خصمــاؤه والصور في يـوم القيـامـة ينـفـخ يعني: إذا كان خصمك هو شفيعك؛ فإنك لا تفلح؛ أنت ترجو شفاعته، ولكن ما أتيت بالسبب ألا وهو تطبيقه والعمل به؛ فإن هذا هو الثمرة، إذا وفقك الله –تعالى- وحفظته؛ فعليك أن تحرص على أن تعمل به حق العمل. |