وهكذا –أيضا- كتب علمائنا ومشايخنا التي يحذرون فيها من الفساد والشر، ويُبَيِّنون فيها أن أعداء الإسلام حريصون على نشر دياناتهم الباطلة وإضلال المسلمين بواسطة كتبهم، وعلى ألسن دعاتهم، فهم ينشرون أو يُرْسِلون الدُّعاة، فيتمكنون من الدخول في المجتمعات ونحوها. فأولا: مظاهرهم: مظاهر معتقدية واعتقاداتهم، فيظهرون بهذه المظاهر. وثانيا: عباداتهم على حسب معتقداتهم السيئة. وثالثا: ألسنتهم تدعو إلى ما هم عليه، فتجد النصارى متمسكين بنصرانيتهم، وتجدهم يمدحون دياناتهم، ويمدحون دعاتهم، ويذكرون أنهم أَوْلَى بالاقتداء، وأَوْلَى بالصواب، وهكذا. وكذلك غير العرب من أهل الديانات الأخرى يصعب أن يتحولوا من دياناتهم، فهؤلاء بوذيون، أو هندوس، أو سيخ، أو قاديانيون، أو نحوهم من الديانات الباطلة، ومع ذلك يخدعون الكثير من جهلة المسلمين، فإياكم وإياهم! كذلك المبتدعة فإنهم –أيضا- مُقِيمون على بِدَعِهِم، ويتشددون في التمسك بها، ويصعب تحولهم، ويخدعون كثيرا ممن داخلوه، ويدعونه إلى أن يكون منهم، فتجد مَنْ يتسمون بالشيعة، يعني الرافضة يدعون إلى معتقدهم، ويبينون أنهم على صواب، وأن ما لهم ذنب إلا أنهم يُحِبُّون أهل البيت، وكذبوا! فليسوا يحبونهم وإن ادَّعَوْا ذلك، وتجدهم يُظْهِرون مساوئ الصحابة، ويَسُبُّون أبا بكر وعمر -رضي الله عنهما- ويسمونهما الجبت والطاغوت- قاتلهم الله!- وهم مع ذلك يتشددون في أمر عقيدتهم. وكذلك –أيضا- طائفة المبتدعة والصوفية الذين يدعون إلى الْغُلُوِّ في الأولياء، وفي السادة الذين يعتقدون فيهم، فهم كثيرون ومتمكنون. وإذا عرفنا هذه الأخطار فطريق النجاة واضحة كما ذكرنا أولا- والحمد لله- يقول الله تعالى: { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا } حبل الله شرف متين، حبل الله: دينه، سنة نبيه، حث عليها نبينا -صلى الله عليه وسلم- فقال: { أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن تَأَمَّرَ عليكم عبدٌ، فإنه مَنْ يَعِشْ منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها، وعَضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثاتِ الأمور! فإن كل محدثة بدعة، وإن كل بدعة ضلالة } . هذا الحديث كان في آخر حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- لما قالوا له: كأنها موعظة مُوَدِّعٍ فَأَوْصِنَا، فأوصاهم: أولا: بتقوى الله؛ لأن مَنِ اتقى الله أطاعه، وأوصاهم: ثانيا: بالسمع والطاعة لولاة الأمور ولو كان الوالي عبدا حبشيا مُجَدَّعَ الأطراف، كأن رأسه زبيبة، يقودهم بكتاب الله، يقول: اسمعوا له وأطيعوا، وأخبرهم بأنه مَنْ يعش منهم يجد اختلافا كثيرا في الأمة، وهذا الاختلاف هو اختلاف المِلل، واختلاف النحل، لكل وجهة هو موليها، قد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: { وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة } . ثلاث وسبعون، اثنتان وسبعون منحرفون، وواحدة: أهل الاستقامة، وهم الفرقة الناجية الذين قال النبي صلى الله عليه وسلم: { لا تزال طائفة من أمتي على الحق منتصرين أو ظاهرين حتى يأتي أمر الله، لا يضرهم مَنْ خذلهم، ولا مَنْ خالفهم. } فهذا دليل واضح على أنه عليه الصلاة والسلام حَذَّرَنَا من هذه الْفِرَق. وهذه الفرق موجودون، ولكن بلادنا- والحمد لله- ودولتنا دولة إسلامية، يوجد فيهم المتصوفة الذين يدعون إلى الغلو في الصالحين وإلى التوسل بالأموات. يوجد فينا من بيننا هؤلاء الشيعة الرافضة الذين يتسمون بأنهم يحبون أهل البيت، يوجد هنا –أيضا- من هم الْمُئَوِّلة، ويوجد كذلك مَنْ يدعو إلى العلمانية وغيرها. وإذا كانوا موجودين وهم بيننا ومن جِلدتنا ويتكلمون بلساننا فإن علينا أن نحذرهم، وأن لا ننخدع بدعاياتهم، الذين يدعون إلى الشركيات، وإلى تعظيم الأموات والتوسل بهم، وإلى شد الرحال إلى القبور نَحْذَرهم، والذين يدعون إلى سَبِّ الصحابة وإلى تنقصهم نَحْذَرهم، ونُحَذِّرُ منهم. وكذلك الذين يدعون أيضا إلى بدع أخرى متمكنة أو غير متمكنة، الذين يدعون إلى البعثية، إلى العلمانية، إلى الباطنية، إلى النُّصَيْرِيَّة، إلى الدُّرُوز وأشباه هؤلاء، وكذلك إلى التعطيل، وإلى التمثيل وما أشبه ذلك. وهكذا –أيضا- الذين يدعون إلى الإباحية، والذين يدعون إلى المعاصي، والذين يدعون إلى الفسوق ويسمون ذلك الترفيه والتنزه والتفكه والتسلية وما أشبه ذلك! ما علموا أن هذا دعوة إلى خروج عن سبيل الله -تعالى- وإلى كفر به! وإلى معصية مخالفة لطاعة الله، قد يحذر العاقل من هذه الوسائل كلها، وإذا تمسك بذلك فإنه -إن شاء الله- من الفرقة الناجية { لا يضرهم مَنْ خذلهم ولا مَنْ خالفهم } وهم الذين يقرءون القرآن، ويعملون به، يقرءون الأحاديث النبوية كلها، ولا يَرُدُّون شيئا منها. كذلك -أيضا- يقرءون كتب أهل العلم التي تتعلق بالسنة كالأئمة الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد والبخاري ومسلم والليث بن سعد والأوزاعي والثوري ونحوهم من الأئمة في السلف، وكذلك مَن بعدهم كابن قدامة وابن تيمية وابن كثير والذهبي وابن القيم ونحوهم. وكذلك أئمة الدعوة كالإمام محمد بن عبد الوهاب والإمام محمد بن سعود وأولادهما وأحفادهما.. كل هؤلاء- والحمد لله- قدوة حسنة إذا سرنا على طريقتهم، فإننا على سبيل النجاة، ومَنِ انحرف عن طريقتهم فإنه على سبيل الانحراف والضلال، نعوذ بالله من الانحراف، ونسأله أن يرزقنا التمسك بالدين، والسير على النهج القويم، إنه على ذلك قدير، إنه على كل شئ قدير، والله أعلم وصلى الله على محمد . الأسئـلة جزى الله فضيلة الشيخ على هذه الكلمة الطيبة، والآن مع الأسئلة. س: سائل يقول: هل للدين أثر يُرَى بالعين أو يُحَسُّ في حياة الفرد والمجتمع؟ لا شك أن دين الإسلام هو دين الظهور والعلو والتمكين في حياة الأفراد، وفي حياة المجتمعات، وأن ضده هو دين الانحطاط، الأديان الباطلة مآلها إلى الانحطاط، وإلى الفساد، وإلى الإنحراف، وإلى الخسران المبين، والأدلة على ذلك ظاهرة، فنقول مثلا النبي -صلى الله علية وسلم- لما دعا إلى الإسلام نَبَذَهُ أهل الجزيرة، ولكن لَمَّا أسلم عددٌ قليل أظهرهم الله –تعالى- وأيدهم. ومثال ثان: الشيخ محمد بن عبد الوهاب لما أنه بايع الإمام محمد بن سعود كانوا أهل قرية صغيرة تسمى الدرعية في مكان منحدر، ومع ذلك لما أنه تمسك به أظهره الله –تعالى- وآله، مع أنه خالفه أهل البلاد الذين حوله، قرى ومدن ودول، ولكن أظهره الله -تعالى- ودَلَّهُ على الخير، فظهر على الأديان التي حوله. ومثال ثالث: الإمام الملك عبد العزيز -رحمه الله- لما أنه استعاد هذه المملكة بعد ما استولى عليها غيره من الترك وغيرهم نصره الله، ما معه إلا أهل قريته أهل الرياض وهي . قرية صغيرة ولكن كلما كادَهُ أحد نصره الله عليهم، ففتح الشمال والجنوب والشرق والغرب، وتوسع في هذه المملكة كما ترون، كل ذلك بسبب الإسلام الحقيقي، وضد ذلك ظاهر أن أهل الكفر يُذِلُّهُم الله تعالى ويقيضهم ، نعم. س: سائل يقول: ما معنى حديث: { عَجِبَ ربك من شاب ليس له صبوة } عادة الشباب يكون معهم مَيْلٌ إلى اللهو، في سِنِّ الشباب من العاشرة إلى الثلاثين عادة يكون الشاب يحب اللهو، ويحب اللعب، ويحب المرح، فإذا قُدِّر شابٌ ليس مائلا إلى هذا الصبا، وإلى هذا اللهو فإن ذلك علامة سعادته، وهو من أعجب الأحوال! كيف أن زملاءه يدعونه إلى الملاهي: اذهب معنا نلعب كذا وكذا، ومع ذلك حماه الله تعالى. هذا ذكره ابن كثير في تفسير قوله تعالى: { يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا } صَبِيٌّ، أن الأولاد قالوا له: اذهب معنا نلعب وهو صبي، فقال: ويحكم يا شباب ما خُلِقْنَا للعب، ما خُلِقْنَا للعب. هذا من فضل الله –تعالى- على الشاب الذي يكون منصرفا عن اللهو واللعب، نعم. س: سائل يقول: ظهر في الآونة الأخيرة أساليب وطرق تدعي فيها البنوك أنها مجازة شرعا، ومن ذلك الخدمة التي يقدمها أحد البنوك للحصول على السيولة النقدية بطريقة ميسرة وهي شراء العميل بالتقسيط لسلعة مملوكة للبنك، ثم بيعها لطرف ثالث بطريقة ميسرة كما يقول البنك وهنا لم يتضح لنا كيفية هذه الطريقة، وهل هذا الطرف الثالث مرتبط مع البنك باتفاقية معينة حول شراء هذه السلعة وتأمين المبلغ النقدي؟ أم أن هذا الطرف الثالث هو شخص وَهْمِيٌّ لإضفاء الصفة الشرعية لمثل هذه المعاملة البنكية، أفيدونا وجزاكم الله خيرا. لا شك أن كُلًّا يسعى في خاصة نفسه، ومصلحته الخاصة عادة سواء البنوك أو غيرهم، واحتاج الناس في هذه الأزمنة إلى السيولات، وإلى النقود، فلم يجدوا بُدًّا إلا الاستدانة، هذا يستدين للزواج أو للبناء أو لوفاء دَيْنٍ أو ما أشبه ذلك فيقعون في هذه المآزق. كان الأولون إذا احتاج أحدهم اشترى مثلا سلعا دَيْنًا، ولكنه يشتريها بسعر الجملة، ثم يفرقها ويربح فيها، يبيعها بسعر مُفَرَّقٍ، ويربح فيها. إذا احتاج مثلا إلى مائة ألف فإنه يشتري مثلا عمائم أو ثيابا أو قلانس أو أحذية أو ساعات أوما أشبه ذلك تُبَاع بسعر الجملة مثلا بعشرين، وهو يشتريها بخمسة وعشرين، والذين يبيعونها بالتفريق يبيعونها بثلاثين أو يبيعونها بأربعين، فيصبر على بيعها بِسِعْرٍ مفرق، ويربح فيها، فمثل هذا طريقة ليس فيها ضرر وفيها مصلحة، ولكن الناس في هذه الأزمنة كأنهم كسلوا وضعفوا عن مثل هذا، فلجئوا إلى البنوك في هذه المعاملات. نرشدك إلى الطريقة السليمة في التعامل مع البنوك إذا بدا لك أن تشتري منهم سيارة لتبيعها فإنك تأتي إلى البنك، وتقول: السيارة رقم كذا عند المعرض كذا أريدها كَدَيْنٍ، فهم يتصلون بالمعرض، ويقولون: احجزها لنا، ثم يرسلون مندوبًا منهم بثمنها، يا مندوب، سَلِّمْ ثمنها، واستلم مفاتيحها وأوراقها، وانقلها من زاويةٍ إلى زاويةٍ، وارجع إلينا، فإذا رجع إليهم قالوا: هذه أوراقها، وهذه مفاتيحها، والآن قد دخلتْ ملكنا، ولا نستطيع أن نَرُدَّها، ولا نبيعك شيئا قبل أن نملكه، ولك الخيار، اشتريناها بستين، ونبيعك بسبعين أو بثمانين أقساطا، أترضى أم لا ترضى؟ لا إكراه عليك ولا نأخذ منك شيئا، فإذا لم تَرْضَ وذهبتْ إلى غيرهم فلك ذلك، وإذا رضيتَ واشتريتها منهم فإنهم يعطونك تفويضًا على المعرض، وإذا أردت أن تبيعها فلا تَبِعْهَا وهي في موضعها، بل غيِّر مكانها، وبِعْهَا على طرف ثالث على بنك آخر، أو على معرض، أو على شخص آخر، وانتفع بقيمتها. هذه لا بأس بها، فأمَّا أنهم يلزمونك أو يبيعونك قبل أن يشتروها فلا يجوز. س: سائل يقول: هل العلاقة بين الفرد ومسئوله علاقة عمل فقط، أم أن هناك علاقة دين أخرى؟ علاقة دين ودنيا، وكل من كان رئيسا على طائفة أو مسئولا عنهم فإنه يجتهد في إصلاحهم، فالمدرس ليس مسئولا فقط عن إلقاء ذلك الدرس، بل مسئول عن النصيحة، وعن إِنْكَار المنكر، فإذا رأى طالبا مثلا يَسُبُّ ويشتم أدَّبه وعَلَّمَهُ، وإذا رأى طالبا أو اتهمه أنه يدخن فإنه يؤدبه، ويرفع بأمره، وإذا رأى طالبا أو طُلَّابًا لا يُصَلُّون فإنه يُؤَدِّبُهُمْ، وهكذا إذا اتهمهم بأفعال سيئة. ونقول كذلك: الرئيس على فرقة ونحوهم مسئول عن أنهم يؤدون العمل الرسمي، ومسئول –أيضا- عن نصيحتهم، فيلقي عليهم النصيحة، ويرشدهم، ويأمرهم بالخير، ويحذرهم عن الشر، ويبين لهم الأضرار التي تُحْدِقُ بهم، فينهاهم مثلا عن شُرْبِ الدخان؛ لأنه مُضِرٌّ عقلا ونقلا، وينهاهم عن المخدرات؛ لأنها تُذْهِبُ العقول، وعن المسكرات والمحرمات، وينهاهم عن ترك الصلوات. ويحثهم على تعلم القرآن، وعلى تعلم الفقه بالسنة وما أشبه ذلك، زيادة على أنه يؤدبهم على العمل، فيؤدب هذا عن تأخره مثلا أو يُوَبِّخُهُ، وهذا عن تكاسله وعدم أدائه لما أُمِرَ به مما هو وظيفة رسمية وأشباه ذلك. س: سائل يقول: هل التسلسل القيادي يعتبر تسلسلا لطاعة ولي الأمر أم ماذا؟ ما كنت أتصور التسلسل يعني بهذه العبارة، ولكن نقول: إن التقيد بالأنظمة هو المتبع، فإذا كان عليك رئيس، وعلى الرئيس رئيس آخر، وعلى الثالث رئيس رابع ونحو ذلك، فإذا اشتكيت من أمر أو نحوه فإنك ترفعه إلى رئيسك المباشر؛ حتى يزيل ما عليك من الضرر ونحوه، ولا حاجة إلى أن ترفعه إلى الذي فوقه وتقول: أرفعه إلى رئيس رئيسي؛ لأنه سيردك ويقول: المسئول عنك رئيسك المباشر، وما أشبه ذلك، في رفع مظلمة مثلا، أو بَخْسِ حق، أو مطالبة بحق من الحقوق أو ما أشبه ذلك، كترقية، أو سَكَنٍ، أو إجازة أو ما أشبه ذلك، هذا هو المتبع. وإذا رأيت أن رئيسك ظلمك- وإن كان ذلك يختلف باختلاف الأحوال- فلك أن ترفع إلى مَنْ فوقه وهكذا. س: سائل يقول: هل الإهمال في وقت أو جودة العمل يُعَدُّ من تضييع الأمانة؟ لا شك أن الإنسان المسئول عن عمل يكون مطالبا بفعله ولا يجوز له الإهمال، ويعتبر خائنا للأمانة التي اؤتمن عليها، قال الله تعالى: { وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ } أي: مراقبون. فنوصي كُلَّ من اؤتُمِنَ على أمر وعمل أن يقوم به كما ينبغي، ولو لم يكن عليه مَنْ يراقبه، ولو لم يكن عنده مَنْ يحاسبه، يعلم أن الله تعالى فوقه، فلا يقول: سأتساهل في هذا الأمر، أو في هذا الحضور، أو في هذا الدوام، . أنه ليس عندي أحد وأتركه إذا لم يكن عندي مَنْ ينقب علي، أو يفشي أمري. نقول له: قم بما أوجب الله عليك لله ولدولتك، فإن الله هو الذي يتولى الحساب. س: سائل يقول: إني متزوج من عدة سنوات ولم أرزق ذرية، وفكرت في إجراء عملية الإنجاب عن طريق الأنابيب أو ما يسمى بأطفال الأنابيب، فهل في هذه العملية محذور شرعي؟ علما أني بحاجة إلى ذلك، وما نصيحتكم لي، وجزاكم الله خيرا. بُحث مسألة طفل الأنابيب أو التلقيح الصناعي ونحوه، وما رخص فيه العلماء، ومشايخنا نهوا عن ذلك، والذين رخصوا فيه مجتهدون، وفي نظري أنه لا يجوز، وما ذاك إلا لما فيه من مخالفة فتاوى كبار العلماء ونحوهم، نعم. س: سائل يقول: أنا رجل عسكري، ويكون لدي في اليوم عملٌ متواصلٌ لمدة ساعتين في أول النهار، ومن ثَمَّ ينتهي عملي ويكون لدي فراغ، فأنام أحيانا إلى صلاة الظهر فهل علي شيء في ذلك؟ وهل راتبي يعتبر فيه شيء من الحرام؟ وجزاكم الله خيرا. عليك أن تستأذن من رئيسك، فإذا كان ما عندك عمل أصلا، ورخص لك أن تنام أو أن تذهب لقضاء حوائجك فلك ذلك، وإذا قيل أنه يبدو عمل، فليس له أن يرخص لك حتى ينتهي وقت الحاجة إليك. س: سائل يقول: لقد أغواني الشيطان وارتكبت فاحشة الزنا بامرأة، وحملتْ، وأصبحت في الشهر الثاني، فطلبت المرأة أن أساعدها على إجهاض الجنين بطريقة غير شرعية فرفضت مساعدتها؛ حتى لا أشترك معها في ذنب أكبر من الزنا، فقامت المرأة بإجهاض الجنين، ما هي الطريقة للتصرف في مثل هذا الموضوع إنزال الجنين أم إبقاؤه؟ وهذا صعب، وما هي نصيحتكم؟ وجزاكم الله خيرا. المختار أنها إذا علقت وتَمَّ للجنين أكثر من أربعين يوما -ولو كان من حرام- لا يجوز إسقاطه، يجوز في الأربعين الأولى، ومع ذلك فإنها تتحمل وتصبر وتعترف بما حصل منها، ولو أقيم عليها حد الزنا كجلد أو رجم، وإذا أسقطت، وأجهضت، وسترت نفسها، وتابت توبة صادقة، وتاب الزاني -أيضا- فيما بينه وبين الله، فالله يَقْبَلُ التوبة عن عباده، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: { مَنِ ابتلي بشيء من هذه القاذورات- يعني فواحش الزنا- فليستتر بستر الله، فإنه مَنْ يُبْدِ لنا صفحته نُقِمْ عليه حَدَّ الله } نعم. س: سائل يقول: لقد كنت ألعب البالوت، وصار شجار بيني وبين زملائي في اللعب، فقمت غاضبا وقلت في نفسي: زوجتي طالق إذا لعبت مرة أخرى حيث إن زوجتي في الشهر الرابع من حملها، وبعد أسبوع رجعت ولعبت، فما الحكم في ذلك؟ أفتونا وجزاكم الله خيرا. يظهر أنك ما تريد إلا منع نفسك من هذا اللعب، وأنك ما ذكرت الطلاق إلا لتجنب اللعب، فنفتيك بأنه لا يقع الطلاق، ولكن عليك الكفارة إطعام عشرة مساكين. س: سائل يقول: رجل أفطر من رمضان منذ زمن قديم، ولا يذكر كم يومًا أفطره فهل عليه قضاء؟ وكم يوما يقضيه؟ علما أنه في هذه الفترة السابقة لم يكن من المحافظين على الصلاة، أما الآن فهو تائب إلى الله -عز وجل- فما رأيكم؟ وجزاكم الله خيرا. نوصيه بكثرة التطوع: أن يصوم مثلا إثنين وخميسا، أو أن يصوم من كل شهر ثلاثة أيام بِنِيَّةِ التطوع، يستمر على هذا مثلا سنوات، لعل ذلك يُكَفِّرُ ما كان فرط منه. نعم. س: سائل يقول: هل يجوز اقتناء العرائس المجسمة لدى الأطفال الكاملة التصوير، أم لا يجوز؟ أفتونا مأجورين. لا يجوز؛ لأنها صور كاملة الخلق؛ فلا يجوز اقتناؤها ولو للأطفال، كان الأطفال قديما هم الذين يصنعون لأنفسهم تلك اللعب، فالطفلة مثلا تأخذ عودا، ثم تجعل له عودا معترضا، ثم تعقده فيه، ثم تَلُفُّ عليه خرقة، وتجعل هذا كهيئة الرأس، وهذا المعترض كهيئة اليدين، وتلعب به كأنه لعبة، فأما هذه الصور المجسدة فنرى أنها حرام. س: سائل يقول: ما حكم شراء الذهب ببطاقة الصَّرَّاف أي: يتم حَسْمُ قيمة الذهب من حساب الشخص بالبنك، ويأخذ ما اشترى من الذهب من المحل، وليس يدًا بِيَدٍ؟ جاء الحديث بأن: { الذهب بالذهب مثلا بمثل يدًا بِيَدٍ } والذهب والفضة يكون يدًا بِيَدٍ، ولكن حيث إنه له وديعة أمانة في البنك، فلا مانع من أن يكتب له الشيك، ويحيله على حسابه، فيكون ذلك كاليد باليد، أو كذلك بطاقة الصراف. س: هل يجوز تعليق آيات القرآن الكريم في البيت مثلا، مثل المعوذات وغيرها؟ إذا كان للاستفادة فلا بأس، كلما دخل قرأ هذه الآية، واستفاد واستحضر معناها لا بأس بذلك، وإذا كان لمجرد الزينة فلا يجوز. س: سائل يقول: أيهما أفضل تأدية السنة الراتبة في المسجد، أم في البيت ؟ وأيهما أعظم أجرا؟ في البيت أعظم أجرا، لكن إذا خشي بأنه ينشغل فإنه يؤديها في المسجد إذا كان ذلك أقرب إلى أنه يداوم عليها. س: سائل يقول: ما الحكم في رجل تزوج وتصرف إعاشته نقدا، وأحيانا يكون أعزب، فهل يجوز له الأكل في مطعم العمل ؟ علما أنه قد يفيض شيء من الأكل؟ لا بأس، الأمر في هذا فيه سعة، سواء أكل في بيته، أو في مطعم العمل، سواء صرف ذلك من حسابه، أو أعطي هذه الإعاشة باسم كونه من العاملين. س: سائل يقول: ما هو تفسير هذا الحديث: { ما يُكْتَبُ للمؤمن من صلاته إلا ما حضر قلبه } وإذا كنت كثير الهواجس في الصلاة هل تُقْبَلُ صلاتي أم لا؟ مع العلم أنني كذلك، فأرجو منك الدعاء لي يا شيخ بأن يشفيني الله من هذا الداء. السهو يقع كثيرا منا، ومن غيرنا، فأينا لا يسهو؟! وأينا لا يحدث نفسه؟! ومع ذلك يحرص المصلي على أن يُحْضِرَ قلبه بقدر ما يستطيع، ومتى عرض له وسوسة فإنه يصرفها عن قلبه، ويحدث قلبه بما هو فيه من العبادة، ويتفكر في الآيات، أو في الأدعية حتى يحفظ نفسه، نعم. س: سائل يقول: لقد كنت في سن أسرق المال، والآن قد تبت إلى الله -عز وجل- هل أنا مطالب بإعادة الأشياء المسروقة وأنتم تعلمون بأن في ذلك مشقة؟ أفيدونا وجزاكم الله خيرا. يلزم رَدُّهَا، فإن كنت تعرف أهلها فردها إليهم ولو بطريقة غير مباشرة، بأن تعطيها بعض مَنْ يرسلها إليهم من غير أن يعلموا أنها من فلان، أو ما أشبه ذلك، وإذا جهلتهم فإنك تتصدق بها، وإذا عجزت عنها الآن فاكتبها كَدَيْنٍ في ذمتك، نعم. س: سائل يقول: هل تجوز الصلاة على مَنْ خنق أو قتل نفسه وهل يجوز تشييع جنازته؟ حيث إن كثيرا من الناس قال: إنها تجوز. أفتونا عن ذلك وجزاكم الله خيرا. ذكروا أن الإمام العامَّ لا يُصَلِّي على مَنْ قتل نفسه، الإمام العام الذي هو القاضي مثلا أو الأمير، وأما الباقون فإنهم يُصَلُّون عليه، ويُشَيِّعُون جنازته، وأمره إلى الله. . نرجو من الإخوة التقدم؛ لأن إخوانكم خارج المسجد في الشمس، فَمَنْ كانت أمامه فرجة فليتقدم إليها؛ حتى يتمكن الإخوة خارج المسجد أن يدخلوا في المسجد. س: شاب يقول: أنا مسلم أصلي وأصوم وأتصدق، ولكن أحب أن أنظر إلى النساء والأفلام الخليعة ، وأرجو نصيحتي وجزاكم الله خيرا. هذا من المعصية يا أخي، عَوِّدْ نفسك التعفف، وغُضَّ من بصرك، اقرأ قول الله تعالى: { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ } النظرة جاء في الحديث: { النظرة سهم مسموم من سهام إبليس } فَتَوَقَّ النظر إلى النساء العاريات، وكذلك إلى الصور والأفلام ونحوها؛ حتى يحفظك الله تعالى. س: سائل يقول: الدخول في موقع الإنترنت التي تكون خاصة بغير المسلمين وهم يتحدثون في دياناتهم، علما بأن دخول المسلم في هذه المواقع لا يعطونه مجالا للتحدث هل يجوز وخاصة لمن ثقافتهم الدينية لا تساعدهم على الرد على هذه الديانات؟ نرى أنهم لا يدخلون إلا إذا كان عندهم قدرة، فإذا كانوا يتمكنون من إظهار الحق، والرد على الباطل فلهم أن يدخلوا، وإذا كان الكفار لا يمكنونهم وإنما يعطونهم كلمتين أو سطرين ثم يقطعون عليهم كلامهم فلا يدخلوا، وإذا كانوا لا يقدرون على أن يردوا تلك الشبهات التي يشبه بها الكفار فلا يدخلوا. س: سائل يقول: ما حُكْمُ لَعْنِ الرجل ولده أو زوجته ؟ وما هي كفارته؟ لا يجوز، جاء في الحديث: { لا يَدْعُ أحدكم على نفسه، ولا على ماله ولا على ولده، لا توافقوا ساعة لا يُسْأَلُ الله فيها شيئا إلا أعطاه } المعنى: يتحفظ المسلم.. يحفظ لسانه، فربما تصيب الدعوة فيتأسف: يا ليتني ما دعوت على ولدي! ليتني ما دعوت على امرأتي! هذه الدعوة قُبِلَتْ! نعم. س: سائل يقول: هل تأخير الصلاة في جماعة المسجد عن وقتها بخمس دقائق عليه إثم مع العلم أنه صلى في جماعة متأخرة في المسجد؟ خمس دقائق ونحوها يتسامح فيها، إنما التأخير الذي ذكر في قوله تعالى: { الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ } هو تأخيرها حتى يخرج وقتها، تأخير صلاة النهار إلى الليل، أو تأخير صلاة الليل إلى النهار، كالذي لا يصلي الفجر إلا بعد الإشراق، أو لا يصلي العصر إلا بعد الغروب، هذا مُتَوَعَّدٌ عليه. س: فضيلة الشيخ كثير من الشباب من قد ابتلي بآفة المخدرات فهل هناك كلمة توجيهية لمثل هؤلاء الذين يتعاطونها. ابتلي كثيرهم من شبابٍ وكبارٍ بهذه المخدرات، وكذلك –أيضا- بالدُّخَان، وكذلك بالمسكرات، ولا شك أنها من كيد الأعداء، أعداؤنا الذين يتربصون بنا الدوائر، ويحلمون بأنهم يريدون أن يستولوا علينا لِيَسُومُونا سوء العذاب، فَكَّرُوا وقَدَّرُوا فلم يجدوا حيلة إلا إرسال هذه الأسلحة الفتاكة. هذه المخدرات فتكت -مع الأسف- بكثير فألحقتهم بالمجانين، وأضعفت عقولهم، وأضعفت تفكيرهم. فنقول: عليكم أن تحاربوا هذه المخدرات، وهذه الإصابات التي أُرسلت إليكم من أَلَدِّ الألدة، من أعدى الأعداء من اليهود الذين يحاولون إضراركم والاستيلاء على بلادكم، ومن النصارى، ومن العلمانيين، ومن الشيوعيين، ومن الكفرة والفجرة. فإذا تمادينا ووقعنا في هذه باسم أنها تُنَشِّطُ -كما يدَّعُون!!- أو أنها تشحذ الفكر! وكُلُّ ذلك من الكذب، وإنما هي تسلب العقول، وتُضْعِفُ الأفكار، فعلى المسلم أن يحافظ على عقله، ويحافظ على دينه، ويحافظ على ماله، ويحافظ على بدنه، ويبتعد عن هذه الأسباب، ثم عليكم أن تنصحوا إخوانكم وأبناءكم وجيرانكم عن أن يقعوا في هذا. فنحن نقول: إن إخواننا الحاضرين- إن شاء الله- لا نتهمهم بوقوع في شيء من هذه المحرمات، ولكن نقول: إنكم قد تعرفون فلانا وفلانا، فإذا عرفتموهم فانصحوهم قبل أن تتمكن هذه العاهات والأمراض منهم، فلا يستطيعون بعد ذلك أن يتخلصوا، فيصعب عليهم ويقولون: يا ليتنا أطعنا فلانا! وأطعنا فلانا لمَّا نصح! فيندمون حين لا ينفع الندم، فما داموا في مبادئ ذلك، أو قبل أن يبدءوا فيه، ولكنهم يُفَكِّرُون، وجاءهم مَنْ ينصحهم، ومَنْ يُحَذِّرهم، فإنهم -إن شاء الله- سيستجيبون، ويكون لكم الأجر في إنقاذهم، فَمَنْ أنقذ مسلما من شر، فكأنه أعتقه من النار. - جزى الله فضيلة الشيخ على ما قدم، وفي الختام لا يسعنا إلا أن نشكر فضيلته على هذا اللقاء الطيب، وكذلك نشكر أهل الفضل على فضلهم، { ومَنْ لا يشكر الناس لا يشكر الله } فنشكر ولاة أمرنا في هذا اللواء المبارك على حرصهم لمثل هذه المحاضرات والندوات التي يريدون بها نفعَ وإصلاحَ هذا الجندي المسلم في هذا اللواء وغيره، ولأن فضيلة الشيخ -حفظه الله- له موعد في الجامع الكبير لصلاة الظهر، ولإلقاء درسه، فلفضيلته درسٌ بعد صلاة الظهر، وبعد صلاة العصر، ومحاضرة بين المغرب والعشاء. ونسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجعلنا ممن يستمع القول، ويتبع أحسنه، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. |