وكذلك نعرف يا عباد الله، أن هذا الحج -والحمد لله- قد تيسرت أسبابه، وقد سهل أمره، بدل ما كان شاقا صعبا، كما في قول الله تعالى: { وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ } أخبر بأنهم قديما لا يبلغون البيت إلا بعد شق الأنفس، وبعد التعب وبعد المشقة؛ وذلك لبعد المسافة، ولتكلف الوصول، ولصعوبة الطرق، وكذلك أيضا لوجود قطاع الطريق؛ لوجود من يقطعوا على الحجاج طريقهم، ويسلبهم أموالهم ورواحلهم ونفقاتهم، فهذا كله قد زال بحمد الله بعد أن هيأ الله هذه الدولة التي أمنت الطرق، وأخذت على أيدي أولئك الكفار، وقطعت دابرهم. وكذلك أيضا يسر الله الطرق، وسهلت وسفلتت، وأصبح الطريق بعدما كان يقطع في أيام متتابعة يقطع في ساعات قليلة؛ وذلك فضل الله، وذلك تيسيره على عباده. |