فبعد ذلك نقول: إن من تأخر عن أداء فريضة الحج، وقد تيسرت أسبابه يعتبر مفرطا، ويعتبر مهملا؛ حيث إنه ترك ركنا من أركان الدين وهو قادر عليه، واعتبره بعض الصحابة كافرا أو نصرانيا قال عمر -رضي الله عنه- أما لقد هممت أن أبعث إلى هذه القرى، فمن قدر على الحج فلم يحج أن أضع عليهم الجزية؛ ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين. وكذلك روي عن علي أنه قال: من قدر على الحج ولم يحج يعني الفريضة فليمت إن شاء يهوديا، وإن شاء نصرانيا. وقد حث النبي -صلى الله عليه وسلم- على المبادرة والإسراع لأداء هذا النسك فقال: { بادروا بالحج -يعني الفريضة- فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له } ؛ وذلك أن الإنسان لا يدوم على حاله؛ ففي هذه الأزمنة قد يكون هو آمن مطمئن، فقد يتبدل الأمن بالخوف، وقد تتبدل الصحة بالمرض، وقد يتبدل الغنى بالفقر، وقد يتبدل الصغر بالكبر، ويتبدل الشباب بالهرم؛ فيعوقه عائق، ويعتبر مفرطا مهملا؛ فيكون ملوما؛ حيث إنه فرط وهو قادر. |