بعد ذلك يقول: وأن الشهداء أحياءٌ عند ربهم يُرْزَقُون. الشهداء الذين يُقْتَلُون في سبيل الله، ذكر الله تعالى أنهم أحياء، وحياتهم حياةٌ برزخية، معلوم أن أجسادهم دُفِنَتْ في الأرض، وأن أموالهم قُسِّمَتْ بعدهم، وأن نساءهم أُحِلَّتْ بعدهم لمن يتزوجهن، فَدَلَّ على أنهم قد ماتوا؛ ولكن جاء في الحديث: { أن أرواحهم في أجواف طير خُضْرٍ، تعلق في شجر الجنة } وهذا من خصائصهم، { أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } . أرواح أهل السعادة باقية ناعمة إلى يوم يبعثون، الأرواح بعد خروجها من الأجساد إذا كان أهلها من أهل السعادة فإنها مُنَعَّمَةٌ، ولذلك تبقى منعمة إلى يوم البعث، أيا كانت باقية منعمة إلى يوم البعث. أما أرواح أهل الشقاوة، فإنها معذبة إلى يوم الدِّين؛ يعني في هذه الدنيا تخرج روح الإنسان، إذا ماتَ خرجتْ روحه؛ فإن كان سعيدا فإنها مُنَعَّمَةٌ، وإن كان شَقِيًّا فإنها مُعَذَّبَةٌ، وأما الجسد فإنه يفنى، ومع ذلك الله تعالى قادِرٌ على أن يُوصِلَ إلى الجسد ولو كان ترابًا بعضا من أنواع العذاب، يوصِلُ إليه العذاب أو النعيم. |