بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ. قَالَ الْإِمَامُ التِّرْمِذِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: كِتَابُ النِّكَاحِ بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا يُقَالُ لِلْمُتَزَوِّجِ. حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عبد العزيز بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا رَفَّأَ الْإِنْسَانَ إِذَا تَزَوَّجَ قَالَ: { بَارَكَ اللَّهُ لَكَ وَبَارَكَ عَلَيْكَ وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي الْخَيْرِ } . قَالَ: وَفِي الْبَابِ عن علي بن أبي طالب قال أبو عيسى حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدٍ . قوله: إِذَا رَفَّأَ يَعْنِي إِذَا دَعَا لَهُ، وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ تُسْتَعْمَلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ رَفَّأَهُ: دَعَا لَهُ. وَكَانَ الدُّعَاءُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَقُولُوا: بِالرَّفَاءِ وَالْبَنِينَ. فَاتَّخَذُوا فِعْلًا مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَةِ فَقَالُوا: رَفَّأَهُ يَعْنِي قَال لَهُ: "بِالرَّفَاءِ وَالْبَنِينَ" هَكَذَا كَانَتْْ دَعْوَتُهِمْ؛ أَيْ: نَدْعُو لَكَ بِالرَّفَاءِ الَّذِي هُوَ السَّعَةُ وَالرِّزْقُ وَالرَّفَاهِيَةُ وَباِلْبَنِينَ، يَدْعُونَ لَهُ بِأَنْ يَكُونَ ذُرِّيَّتُهُ بَنِينَ يَعْنِي: ذُكُورًا؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَئِدُونَ الْبَنَاتِ أَوْ يُمْسِكُونَهُنَّ عَلَى هُونٍ. فَلِذَلِكَ غَيَّرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَعْوَتَهُم وَجَعَلَ بَدَلَهَا الْبَرَكَةَ وَالْخَيْرَ، فَكَانَ يَدْعُو لِلْمُتَزَوِّجِ بقوله: { بَارَكَ اللَّهُ لَكَ وَبَارَكَ عَلَيْكَ وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ } أَيْ: بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَالْبَرَكَةُ لَهُ وَالْبَرَكَةُ عَلَيْهِ هُمَا بِمَعْنًى. معلوم أَنَّ الْبَرَكَةَ هِيَ كَثْرَةُ الْخَيْرِ وَأَنَّهَا تَكُونُ مِنَ اللَّهِ –تَعَالَى- يَدْعُو لَهُ بِأَنْ يَكُونَ مُبَارَكًا أَيْنَمَا كَانَ، وأن يُبَارَكَ له فِي مَالِهِ وَيُبَارَكَ فِي ذُرِّيَّتِهِ وَيُبَارَكَ لَهُ فِي زَوْجَتِهِ وَيُبَارَكَ لَهُ فِي أَعْمَالِهِ وَ في مَكَاسِبِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. فَهَذِهِ دَعْوَةٌ طَيِّبَةٌ؛ لِأَجْلِ ذَلِكَ يُسْتَحَبُّ عِنْدَ الْعَقْدِ أَنْ يُقَالَ لِلْمُتَزَوِّجِ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ وَبَارَكَ عَلَيْكَ، أَوْ بَارَكَ اللَّهُ لَكُمَا وَبَارَكَ عَلَيْكُمَا وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ وعافية، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ فيَكون هَذَا بَدَلَ مَا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تدعو به أَنَّ الْخَيْرَ مَحْبُوبٌ لِكُلِّ النَّاسِ، وَكَذَلِكَ الْبَرَكَةُ مَحْبُوبَةٌ لِلنُّفُوسِ، فَالدُّعَاءُ بِهِمَا من الْمُتَزَوِّجِ ومن الْعَاقِدِ ومن الرفقاء كلهم الذين يدعون له ، كُلُّ ذَلِكَ يُرْجَى إِجَابَتُهُ. |