الشهادة بالرسالة لنبينا صلى الله عليه وسلم

بعده يقول: وأن خيـر خـلـقــه محـمـدا من جـاءنـا بالبينـات والهــدى هذه هي الشهادة الثانية. رسـولـه إلـى جـميع الخــلق بالنـور والهـدى وديــن الحــق هذه شهادة أن محمدا رسول الله، أولا: أنه خير خلقه يعني أفضلهم، أفضل البشر، ثانيا: أن اسمه محمد سمي به لكثرة خصاله الحميدة، سمي به قبله سبعة عشر على ما قاله ابن الهائم (جاءنا بالبينات والهدى) كما أخبر الله: { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ } (الهدى): هو ما يدل على الحق وما يظهره، والبينات: الآيات المعجزة. رسوله إلى جميع الخلق؛ يعني نشهد بأنه مرسل من ربه، (والرسول): من يحمل رسالة من قوم إلى قوم، والرسل هم الذين حملهم الله تعالى شرائعه، سماهم رسلا لأنه بعثهم وأرسلهم، والملائكة أيضا رسل قال الله تعالى: { جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ } يعني أنهم رسل من الله إلى الأنبياء؛ فالملك رسول من ربه إلى الرسول البشري، والرسول البشري رسول إلى أمته. واختص نبينا -صلى الله عليه وسلم- بعموم رسالته إلى جميع الخلق، أنه مرسل إلى جميع الخلق، يقول في الحديث: { وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة } ؛ يعني كل نبي يرسل إلى قومه كما في قوله تعالى: { وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا } يعني: أخوهم في النسب، { وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا } { كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ } { وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا } أما نبينا -صلى الله عليه وسلم- فإن رسالته عامة للقاصي والداني من جميع البشر من الجن والإنس، أرسله الله تعالى بالنور والهدى ودين الحق والبينات. النور قيل: إن المراد به القرآن يقول الله تعالى: { وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ } وقال تعالى: { فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا } وسمي بذلك لأنه يستنير به الطريق لمن يقرأه ويتمسك به، والهدى قد عرفنا في آخر البيت قبله بالبينات، والهدى: ما يهتدي به الناس ويعرفون به كيف يسيرون سيرا معنويا، ودين الحق ذكر في قوله: { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ } يعني الدين الصحيح الذي ليس فيه اعوجاج، وليس فيه انحراف، والذي هو حق وليس بباطل.