أخرج فيما قد مضى من ظهــر آدم ذريتـــه كالـــــــــذر هكذا جاء في حديث: أن الله { استخرج ذرية آدم من ظهره كالذر وأخذ عليهم العهد، وأنه استنطقهم: { أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى } } والآية فيها كلام طويل آية الأعراف: { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ } وفي قراءة " ذرياتهم " { وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ } إلى آخره، فيها كلام ذكره شارح " الطحاوية " وغيره. أخرج فيما قد مضى من ظهـــر آدم ذريتـــــه كالـــــــذر وأخذ العهــد عليهـم أنــــه لا رب معبـود بحـــق غــــيره { أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ } يعني: معبودكم { قَالُوا بَلَى } هذا هو العهد الأول. ثم بعد ذلك قد ينسون وقد يغفلون عن ذلك العهد الذي أُخذ عليهم وهو الفطرة؛ { فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا } ؛ فلأجل ذلك أرسل الله -تعالى- الرسل، يقول: وبعد هذا رسلـه قــد أرســلا لهم وبالحــق الكتــاب أنــــزلا أي أنهم قد يغفلون عن ذلك العهد، وقد لا تدل فطرتهم على ما خلقوا له، وقد يغير فطرتهم من يربيهم، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم - { كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء } ؛ يعني أنه يولد مستعدا لمعرفة ربه بفطرته، لو تُرك وتلك الفطرة لعرف الحق، وآمن به؛ ولكنه يأتيه من يغير فطرته، ويحرفها، ويصرفها؛ فلأجل ذلك أرسل الله -تعالى- الرسل، |