النوع الثالث: يقول: وإن دعا المقبــور نفسه فقد أشـرك باللـه العظيم وجحد لـن يقبـل الله تعــالى منه صرفـا ولا عـدلا فيعفو عنه إذ كـل ذنـب موشك الغفران إلا اتخـاذ النــد للرحـمن يقول: إذا كان قصده دعاء الميت نفسه - يعني - أتى إلى المقبرة لأجل أن يدعو الميت، فيقول: يا حسين اشفع لنا يا علي خذ بأيدينا يا عيدروس انصرنا يا تاج نحن في جوارك، نأمُل منك أن تعطينا لا تحرمنا، لا شك أن هذا دعاء شركي ظاهر، دعاء غير الله -تعالى-. وكـل مـن دعـا معـه أحـدا أشـرك باللـه ولـو محمــدا فهذا بلا شك دعاء غير الله -تعالى- فيُنتبه لمثل ذلك، ويعرف أن الذين يقصدون الأموات يدعون الميت من دون الله أنهم مشركون شركا ظاهرا. وكـل ذنب موشك الغفــران إلا اتخــاذ النــد للرحمــن يقول الله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } . هذه أنواع زياراتهم للقبور، ولعلنا غدا -إن شاء الله- نزيد هذا الموضوع إيضاحا مع ما بعده، نقف هاهنا. والله أعلم، وصلى الله على محمد . أسئـلة س: بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله يقول السائل: فضيلة الشيخ هل السفر من مكان لآخر لأداء التعزية ؟ لا بأس؛ وذلك لأنه ليس سفرا لبقعة؛ إنما المنهي عنه السفر لبقعة كقبر أو مسجد أو جبل أو واد أو شجرة، فأما السفر لأجل زيارة أقارب له أو زيارة أبوين أو زيارة أحباب أو أصدقاء لأجل أن يسليهم أو يعزيهم؛ فلا حرج في ذلك. س: يقول: ماذا ينوي من يزور المدينة النبوية وماذا لو كان في نيته من الزيارة السلام على النبي صلى الله عليه وسلم وزيارة قبره؟ الواجب لمن زار المدينة أن ينوي زيارة المسجد النبوي ؛ لأنه من المساجد التي تشد إليها الرحال لمضاعفة الأجر، فإن الصلاة فيه بألف صلاة فيما سواه، والصلاة في المسجد الحرام أفضل منه؛ لأنها بمائة ألف - كما ورد في الحديث - فإذا قصد المدينة فلا يقل: أزور قبر - النبي صلى الله عليه وسلم - ولا أسافر لأجل زيارة أهل البقيع ولا لزيارة الشهداء؛ بل للصلاة في المسجد الذي تضاعف فيه الصلوات، وتضاعف فيه العبادة؛ لكونه أول مسجد بني هناك بعد الإسلام؛ ولكونه أُسس على التقوى، ثم إذا وصل إلى المدينة وصلى في المسجد فعند ذلك يزور القبر من غير شد رحل ويزور قبور البقيع وقبور الشهداء للدعاء لهم وللسلام عليهم. س: يقول: كيف يجمع بين حديث.. { إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب } وبين ما وقع من مظاهر الشرك وعبادة القبور في الجزيرة قبل دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله؟ الشيطان يئس لما رأى قوة الإسلام في صدر هذه الأمة، انقطع رجاؤه أن يعود الناس إلى الكفر؛ ولكن الشيطان لا يعلم الغيب، فمع طول العهد رجع الناس إلى عبادة الأوثان قبل عهد الشيخ محمد وبعده - كما هو الواقع – فيقال: إن يأس الشيطان ليس دليلا على عدم الوقوع؛ إنما كأنه لما رأى إقبال الناس على الدين، وجهادهم، وانتظام الإسلام، وقوة أهله، وشدة بأسهم، وتمسكهم به، ظن أنهم لا يرجعون إلى الأوثان، وظنه ليس يقينيا؛ إنما هو يأس من قبل نفسه؛ ولكن أعمل الحيلة فيما بعد مع تطاول القرون، وتتابع الأزمنة إلى أن وقع الناس فيما وقعوا فيه، قد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم- بأنه يقع في هذه الأمة مشركون، ففي الحديث الذي في السنن، يقول -صلى الله عليه وسلم- { ولا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان } وقد وقع ذلك . س: يقول: إذا كان الرجل يذهب إلى المقبرة كل أسبوع مرة في أحد الأيام ويقف عند قبر أبيه ويدعو له وللمسلمين فهل في ذلك شئ ؟ لا مانع إذا كان يزور المقبرة بدون شد رحل كل أسبوع أو كل شهر مرة أو مرتين، فلا مانع من أن يزور القبور ويدعو لهم عموما ويسلم على قبر أبيه أو قبر من يعرفه، فيقف عند القبر، ويقول: السلام عليك يا أبتاه، أو سلام عليك ورحمة الله وبركاته، وما أشبه ذلك، ورد أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- كلما قدم من سفر قصد المسجد وصلى فيه ركعتين، ثم أتى إلى القبر، فقال: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر السلام عليك يا أبتاه، ثم ينصرف، السلام لا شك أنه دعاء، فهو يدعو لهم بالسلامة من العذاب، ومن الآفات، ومن الأحزان، وما أشبهها. س: يقول: فضيلة الشيخ ما الحكم فيما لو تنافس فريقان في لعب الكرة على من يفوز منهما يُعشي أي: يقدم العشاء للفائز أو ...؟ لا ينبغي أن يكون ذلك لمجرد هذا اللعب، فإن اللعب مجرد لعب كاسمه، لا شك أنه إذا كان هناك من يتمرن على هذا اللعب، ويكتسب لياقة، وقوة ونشاطا في بدنه، أنه يستفيد، فالفائدة إنما هو تقوية البدن وتقوية الأعضاء بالسعي ونحو ذلك، ويكفي عن ذلك السباق على الأقدام، وكذلك - أيضًا – السعي، وكثرة الحركة والمشي مما يكسب البدن قوة، فأما أن يجعل لمن فاز بهذه اللعبة كذا وكذا، أو يجعل عليه كذا وكذا، فأرى أن ذلك غير مشروع؛ ولكن إذا كان شيئا يسيرا كطعام ونحوه فقد يتسامح في ذلك. والله أعلم، وصلى الله على محمد . |