وكذلك قد ذكر العلماء أن هذه الوظيفة من واجبات الأمة ومن فروض الكفاية، والدليل قوله تعالى: { وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ } ومعنى ذلك: أنه يجب أن يكون من الأمة طائفة يتولون هذا الأمر، فمن رحمة الله تعالى أنه ما أوجبه على كل فرد، وإنما أوجبه على طائفة، ولكن لا بد أن تكون الطائفة تؤدي الواجب وتقوم به وتحصل بها الكفاية؛ ولهذا كان من فروض الكفاية إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، وإذا تركوه كلهم أثموا كلهم. وهذا دليل على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على الأمة كلهم؛ لأنهم إذا كانوا يأثمون كلهم بتركه، فهو دليل على أنهم كلهم مكلفون به، فإثمهم جميعهم إذا تركوه دليل على تكليفهم إذا قدروا عليه -أنهم كلهم مكلفون، ولكن إذا عين لذلك أعيان فإنه يتعين عليهم؛ يصير عليهم فرض عين، وعلى بقية الأمة فرض كفاية. |