المعنى: إذا وقع منهم العدوان، وقع منهم الظلم من بعضهم على بعض، وقع بينهم القتال، ووقع بينهم النهب والسلب؛ فلا يأمنون أن يتسلط عليهم العدو فيسومهم سوء العذاب، هكذا فسره العلماء وهذا هو الواقع. إذا نظرنا مثلاً إلى ما الذي سلط التتار على المسلمين في أول القرن السابع، في القرن السابع وما بعده؟ لا شك أنه الاختلاف بين الأمة، لما اختلفوا ولما صار بعضهم يقاتل بعضا وتفرقوا وصاروا أحزاباً وصاروا شيعا، انتهز العدو هذا الاختلاف؛ فعند ذلك تسلطوا على ما يليهم وقتلوا من المسلمين ألوف الألوف من بغداد ونحوها، قتلوا ما يزيد على المليون، ثم ساروا إلى الشام ؛ ولكن انتبه المسلمون بعد ذلك واجتمعت كلمتهم وتقاتلوا مع أولئك التتار إلى أن ردهم الله تعالى ونصر المؤمنين، واجتمع المسلمون بعد ذلك. وهكذا أيضاً ما الذي سلط النصارى في القرن الماضي حتى استولوا على كثير من البلاد الإسلامية واستعمروا البلاد، وقتلوا من قدروا عليه، وصاروا هم المسيطرون والمتسلطون على تلك البلاد؟ هو بسبب الاختلافات. ولا شك أيضاً أن الخلافات سببها ضعف الإيمان وقلة الديانة؛ فكان ذلك سبباً في أن سلط الله تعالى عليهم عدواً من سوى أنفسهم؛ فاستباح بلادهم وقتل رجالهم وأذلهم بسبب الاختلاف بينهم، وكان أهل هذه البلاد أيضاً -أهل هذه المملكة - في اختلاف بينهم بحيث أن أحدهم لا يأمن أن يسافر وحده لكثرة من يقطع عليه الطريق، سبب ذلك ضعف الإيمان؛ فلما جمعهم الله تعالى في هذه الدولة -والحمد لله- أمنت البلاد واطمأنت، وصار بعضهم يحترم بعضاً، ولا يخون أحدهم أخاه، كل ذلك بسبب الإيمان الذي وقر في القلوب. |