فنقول: إن هذه نعمة الله، نعمة عظيمة، ذكر الله تعالى بها عباده قال الله تعالى : { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا } صدق الله تعالى وعده؛ فإنه استخلف الصحابة في الأرض، استخلفهم أي: جعلهم خلفاً لغيرهم وجعلهم يخلف بعضهم بعضاً، كلما مات ملك أو خليفة جاء بعده من يقوم مقامه، هذا معنى قوله: { لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } . وقع أن الصحابة -رضي الله عنهم- ومن في زمانهم من التابعين تمكنوا لما قصدوا وجه الله تعالى وفتحوا البلاد، فتحوا بلاد الشام و مصر و العراق و خراسان وما وراء النهر وفتحوا بلاد أفريقية واستمروا في الفتح إلى أن فتحوا بلاد الأندلس و المغرب وما حولها، وانتشر الإسلام في تلك البقع؛ بسبب أن الله تعالى استخلفهم. { لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } ثم يقول: { وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ } مكن الله تعالى لهم دينهم الذي ارتضاه لهم بمعنى: أن الله تعالى مكنهم من إظهار الإسلام ومن إظهار شعائره، ومن القضاء على الكفر ومن محو معالمه، محو الشرك ووسائله وكل المعبودات التي تعبد من دون الله وتعظم وتقدس، أزيلت آثارها، أزالها أولئك الصحابة وتلاميذهم، وصارت البلاد كلها- والحمد لله- بلاد توحيد وبلاد أمن وإيمان، هذا معنى كون الله تعالى مكن لهم في الأرض، كذلك قوله: { وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا } فهذه ثلاث منن من الله بها علينا: الأولى: قوله: { لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم } فقد استخلف من قبلنا في الأرض. الثانية: { وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ } الثالثة: { وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا } فصدق الله تعالى وعده. |