محاضرة في النصرية

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد.. نتحدث بشيء من عبادات سلف الأمة وأئمتها؛ فإن في ذكر عباداتهم ما يدل المؤمن على الاجتهاد في العبادة، ويحثه على المبادرة إليها. فالسلف -رحمهم الله- هم الصحابة والتابعون، وتابعو التابعين، وهم الذين ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- فضلهم بقوله: { خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم } . هكذا ذكر فضلهم، وذكر العلماء أن من بعدهم حصل فيهم التفرق والاختلاف؛ فلأجل ذلك إذا ذُكر السلف فالمراد بهم الصحابة والتابعون وتابعيهم، أي تابعي التابعين فإنهم الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة، وإنهم سلف الأمة وأئمتها، وفيهم أئمة الهدى، وفيهم مصابيح الدجى، وفيهم الأقطاب، والأبدال، وفيهم الأئمة الذين قام بهم الدين وبه قاموا، والذين نصروا الله، ونصروا رسوله، ونصروا الإسلام بأقوالهم وبأفعالهم، والذين تبعوا النبي -صلى الله عليه وسلم- في أقواله وأفعاله؛ فلأجل ذلك كان من اقتدى بهم وصار على نهجهم فإنه على الهدى المستقيم، ومن أخطأ طريقهم فقد ضل. وأحوالهم متشعبة، وحياتهم مزدهرة بكل أنواع الخير، وأنواع العبادات، فإن تحدثت عن أحوالهم وسيرتهم في الدعوة إلى الله، وفي الجهاد في سبيله، وفي الغيرة على المحارم وجدت في ذلك الخير الكثير والأحوال العظيمة. وإذا تحدثت عن سيرتهم في العلم والتعلم، وبذل الجهد في تلقي العلوم وفي بثها وتعليمها لمن يستحقها وجدت خيرا كثيرا وأعمالا كثيرة تدل على ما خصهم الله تعالى به وما فضلهم به. وكذلك إذا تحدثت عن إنفاقهم، وبذلهم للأموال في سبيل الله وفي سبيل رضا الله فإنك تجد ذلك في سيرتهم الشيء الكثير. وأنا أتحدث عن شيء من سيرتهم في العبادة، في الصلاة وفي الذكر وما أشبه ذلك؛ ليكون ذلك تذكيرا لمن يسمع ذلك لعله أن يتعظ به، وما ذاك إلا أننا نجد قسوة في القلوب، ونجد شبه إعراض، أو شبه تثاقل في العبادات فرضها ونفلها.