فنتواصى بأن نتفقد أنفسنا عند هذه الحالات، ونحب أن نتواصى بوصايا دينية ومتى حققناها؛ فلنا النصر، ولنا الفلاح، ولنا السعادة العاجلة والآجلة؛ فأوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى، فإنها وصية الله للأولين والآخرين كما قال الله تعالى: { وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ } هكذا وصيناكم ووصينا من قبلكم من الأمم بهذه الوصية: { أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ } وكذلك وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- لما قال له صحابته بعد أن وعظهم { موعظة بليغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقالوا: كأنها موعظة مودع فأوصنا، فقال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة } كذلك أيضا زود بعض أصحابه عند وداعه بقوله: { اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة؛ تمحها، وخالق الناس بخلق حسن } . فقوله: { اتق الله حيثما كنت } وصية عظيمة بتقوى الله، فقد أمر الله -سبحانه وتعالى- بتقواه حق تقاته في قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } وذكر الله فوائد للتقوى كما في قوله تعالى: { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا } وفي قوله تعالى: { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا } . وقد فسر ابن مسعود –رضي الله عنه- التقوى الحقيقية بأن يطاع الله فلا يعصى وأن يذكر فلا ينسى وأن يشكر فلا يكفر، من كان كذلك فقد اتقى الله حق تقاته يعني من أطاع الله طاعة تامة وأطاع نبيه؛ فإن طاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- من طاعة الله. ومن ذكر الله دائما في كل حالاته ولم يغفل عن ذكره، ومن شكر نعم الله عليه ولم يكفرها، ولم ينس شيئا من نعمه، أو يتناساها، أو ينسبها إلى غير المنعم بها وهو الله حقا؛ فهذا هو الذي شكر الله، وهو الذي أطاع الله، وهو الذي اتقى الله حق تقاته. |