كذلك من حقوق المؤمنين: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو الذي وصف الله تعالى به عباده، وصف به هذه الأمة، في قوله تعالى: { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ } ؛ فقد أكد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقدمه على شرطه الذي هو: الإيمان بالله، ولا شك أن التقديم يدل على الآكدية، ويدل على الأهمية، قدمه على الإيمان مع أن الإيمان شرط لصحة الأعمال كلها. وهكذا وصف المؤمنين في آية أخرى، قال الله تعالى: { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } . فانظروا كيف قدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الصلاة والزكاة وطاعة الله ورسوله، مع أن لهما أهمية، ومع أن الصلاة من المعروف، وأداء الزكاة من المعروف، وطاعة الله ورسوله من المعروف، ومعصية الله ورسوله من المنكر، وترك الصلوات والبخل بالزكاة من المنكر ، ولكن لما كان الأمر والنهي وسيلة إلى إظهار هذا الدين، ووسيلة إلى تمسك المسلمين بهذا الدين، أكده وقدمه على ما هو شرط له أو على ما هو فرع منه. فهكذا يجب على المسلم حق لإخوته المسلمين من الحقوق الدينية؛ أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. والمعروف: كل ما أمر الله به، والمنكر: كل ما نهى الله تعالى عنه. المعروف: كل ما يحبه الله، والمنكر: كل ما يكرهه الله. المعروف: ما تعرفه النفوس المطمئنة وتألفه وتحبه وتشهد بحسنه وملاءمته، والمنكر: ما تنفر منه النفوس المطمئنة وتشهد ببشاعته وتستفحشه. هذه وصايا من الله تعالى لأمته يجب علينا أن نسلكها؛ حتى نكون بذلك من المحبين لإخواننا المسلمين، نحب لهم الخير وندلهم عليه، ونحذرهم من الشر وننفرهم منه؛ وبذلك تصدق محبة بعضنا لبعض، ونكون من المتآلفين في الله ومن المتزاورين في الله ومن المتحابين في الله، الذين مدحهم الله تعالى ومدحهم رسوله صلى الله عليه وسلم؛ ففي الحديث القدسي أن الله تعالى يقول: { وجبت محبتي للمتحابين في والمتزاورين في والمتباذلين في } ويقول صلى الله عليه وسلم- { المتحابون في الله على منابر من نور عن يمين الرحمن، يغبطهم الأنبياء والشهداء } . فهذه منزلتهم، هذه منزلتهم في الدار الآخرة، لما أنهم نصح بعضهم لبعض وأحب بعضهم بعضا؛ وكان من نتيجة ذلك أن دلوهم على الخير، الخير الأخروي وحثوهم عليه وتواصوا به، أوصى بعضهم بعضا، فأولئك هم: أهل النجاة والسعادة الذين نجوا وخسر غيرهم. |