فكذلك نقول: إننا إذا تحققنا أن هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم أهل علم وأهل ورع وأهل ديانة وأمانة، تحققنا أن أحدا منهم لا يتعمد الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم. وكذلك أيضا علماء التابعين سواء بمكة أو بالمدينة أو الشام أو البصرة من هذه البلاد كلها كثير من التابعين الذين اهتموا بالحديث. فمن عرف مثل أبي صالح السمان تلميذ أبي هريرة واسمه ذكوان ويقال له أيضا زيات، سمي بابن أبي هريرة لأنه دائما يقولون عن أبي صالح عن أبي هريرة وكذلك تلميذه الآخر الذي هو الأعرج واسمه عبد الرحمن بن هرمز دائما يقال عن الأعرج عن أبي هريرة وكذلك تلميذه سليمان بن يسار وهو أحد الفقهاء السبعة؛ الفقهاء السبعة يعني فقهاء المدينة سبعة نظمهم الناظم بقوله: إذا قيـل من في العلم سبعة أبحـر روايتهـم ليست عن العلم خارجـه فقـل هم عبيد اللـه عروة قاسـم سعيـد أبو بكـر سليمان خارجـة فسليمان هذا من الفقهاء السبعة، وزيد بن أسلم وهو تلميذ للصحابة، وأبوه أسلم مولى لعمر بن الخطاب رضي الله عنه. وأمثالهم علموا قطعا أنهم لم يكونوا ممن يتعمد الكذب في الحديث، وذلك لفضلهم، فضلا عمن هو أفضل منهم كمحمد بن سيرين والقاسم بن محمد محمد بن سيرين مولى أنس سيرين مولى لأنس أعتقه ثم كان له أولاد كلهم علماء أو أكثرهم حتى أختهم حفصة بنت سيرين من رواة الحديث؛ ولكن أشهرهم محمد ثم أنس بن سيرين والقاسم بن محمد هو أحد الفقهاء السبعة أيضا الذين ذكرهم الناظم، وجده أبو بكر الصديق وعمته عائشة . كذلك سعيد بن المسيب هو من الفقهاء السبعة، عبيدة السلماني من تلاميذ ابن مسعود علقمة والأسود هؤلاء من تلاميذ ابن مسعود الأسود النخعي ونحوه اشتهر بالرواية عن ابن مسعود هؤلاء علماء وحفاظ ننزههم أن يتعمد أحد منهم الكذب، لكن يؤخذ على الواحد منهم الغلط، الغلط والنسيان يحدث من الإنسان؛ ما سمي الإنسان إلا لنسيه، ولو قال وإلا أنه يتقلب، الغلط والنسيان كثيرا ما يعرض للإنسان يقول: النبي صلى الله عليه وسلم: { إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني } يعني في الصلاة. من الحفاظ من قد عرف الناس بُعده عن ذلك جدا يعني بعده عن الغلط كما عرفوا حال الشعبي عامر بن شراحيل ذكروا عنه أنه يقول: ما كتبت سوداء في بيضاء، يعني لما أعطيه من الحفظ. أما الزهري فإنه كتب الأحاديث، كان الذي أشار عليه بكتابتها الوليد بن عبد الملك ثم لما كتبها حفظها، وكان يحدث من حفظه كثيرا، وكان غيره من المحدثين يأتون إليه فينقلون عنه الأحاديث، نفع الله تعالى به عروة بن الزبير من الفقهاء السبعة روى عن عائشة كثيرا وحفظ عنها وعن غيرها. قتادة بن دعامة من حفاظ التابعين، وكان أعمى؛ ولكن عنده من الذكاء ومن الحفظ ما ليس عند غيره من المبصرين. الثوري سفيان بن سعيد بن مسروق عالم العراق من الحفاظ أيضا، وأمثالهم لا سيما الزهري في زمانه توفي سنة مائة وستة وعشرين. والثوري في زمانه توفي سنة مائة وإحدى وستين، مما يدل على أنهم في زمانهم صاروا مرجعا، فإنه قد يقول: القائل إن ابن شهاب الزهري لا يعرف له غلط مع كثرة حديثه، وسعة حفظه، لكن ذكر مسلم في صحيحه أن الزهري حفظ أو نقل عنه نحو تسعين كلمة أو حديثا انفرد به، ولم يقل مسلم: إنه غلط؛ لكن يقول: تفرد به، لا يُروى إلا من طريقه، ولكن ذلك دليل على سعة حفظه. |