ولكن نقل الخلاف عنهم في ذلك جائز. يعني يجوز نقل الخلاف؛ قال فلان: كذا، وقال فلان: كذا، وسواء كان خلافا للسلف أو عن الإسرائيليات، يجوز نقل الخلاف عنهم؛ لأن الله تعالى نقل بعض الخلاف قال تعالى: { سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا } فذكر الله تعالى هذا الخلاف. واشتملت هذه الآية الكريمة على الأدب في هذا المقام؛ يعني: وهي قوله تعالى: { قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ } وقوله: { فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا } ؛ أي: لا تستفت وتطلب فتوى، وكل الأمر إلى الله، وقل: الله أعلم، عدتهم يعلمها الله ولا يعلمها إلا قليل، وفيها تعليل ما ينبغي في مثل هذا، فإنه تعالى أخبر عنهم بثلاثة أقوال ضعف القولين الأولين الذين قالوا: { ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ } والذين قالوا: { خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ } رفع فنفى ذلك بقوله: { رَجْمًا بِالْغَيْبِ } وسكت عن الثالث فدل على صحته. هكذا قال بعضهم: إنه لما لم يضعف الثالث أنهم { سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ } ؛ دل على أنه القول الصحيح؛ إذ لو كان باطلا لرده؛ كما رد القولين قبله. وآخرون قالوا: إن قوله: { قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ } ؛ دليل على أنهم لا يعلم عدتهم إلا الله. وليس هذا العدد مطابقا؛ يعني أنهم { سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ } . أرشد الله إلى أن الاطلاع على عدتهم لا طائل تحته، فيقال في مثل هذا: { قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ } فإنه ما يعلم بذلك إلا قليل من الناس؛ هم الذين أطلعهم الله عليه فلهذا قال: { فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ } ؛ أي لا تجادل فيهم إلا مراء ظاهرا أي مما ظهر لك، لا تجهد نفسك بما لا طائل تحته، ولا تسألهم عن ذلك؛ فإنهم لا يعلمون من ذلك إلا رجم الغيب، فلا تتطاول معهم. |