يقول: فهذا أحسن ما يكون في حكاية الخلاف ؛ أن تستوعب الأقوال. يعني تسرد الأقوال كلها في ذلك المقام، ثم ينبه على الصحيح منها، ويبطل الباطل، يبين بطلان الباطل، وتذكر فائدة الخلاف وثمرته؛ فيقال: ثمرة الخلاف كذا وكذا؛ لئلا يطول النزاع والاختلاف فيما لا فائدة تحته؛ فيشتغل به عن الأهم؛ وذلك لأن الذين يحكون أقوالا لا طائل تحتها يشغلون الناس بما لا فائدة فيه؛ فالأولى إذا كان هناك أقوال أن تذكر الأقوال، ثم بعد ذلك يبين الصحيح منها؛ ليكون الذي يختار قولا يقتصر على القول الصحيح. وكذلك يحكي كثير من العلماء، منهم ابن الجوزي في تفسيره المشهور، فإنه يذكر في كل آية عددا من الأقوال؛ ولكنه مع ذلك لا يرجح؛ فيقول: فيها ثلاثة أقوال؛ الأول كذا، والثاني كذا، والثالث كذا، فيها قولان، فيها خمسة أقوال. والأولى أنه إذا ذكر الأقوال يرجح ما يختاره، وإن كان ترجيحه قد يكون مرجوحا. يقول: فأما من حكى خلافا في مسألة، ولم يستوعب أقوال الناس فيها؛ فهو ناقص. يأتي ببعض الأقوال دون بعض، فهذا ناقص تفسيره وحكايته، وقد يكون الصواب هو القول الذي تركه. يعني قد يكون القول الذي تركه هو القول الذي أولى بالصواب. أو يحكي الخلاف ويتركه، يحكي في المسألة قولين أو ثلاثة، ولا يبين ما هو الأرجح، يطلق الخلاف ولا ينبه على الصحيح من الأقوال؛ فهذا أيضا ناقص، فإذا فتح الله تعالى عليه وترجح عنده أحد الأقوال؛ فإن عليه أن يبين ما ترجح عنده، وأما إذا لم يترجح عنده شيء؛ فله أن يطلق ذلك، ويقول: الله أعلم. إذا لم يترجح عنده شيء يقول: هذه أقوال ويمكن أن يكون القول الصواب فيها، ويمكن أن تكون كلها صوابا. |