كذلك يجب القول فيما سئل عنه مما يعلمه، يجب. هاهنا ذكر أنه يجب عليك أن تسكت إذا كنت لا تعلم معنى هذه الآية أو هذا الحديث، ويجب عليك أن تتكلم في الآية إذا كنت تعرف معناها وتعرف مدلولها، وإذا سكتَّ فإنك تكون آثما، واستدل بقول الله تعالى: { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ } { لَتُبَيِّنُنَّهُ } تبينون معانيه وتبينون ألفاظه ولا تكتموا الناس ما أنزل الله، لا تكتموهم ألفاظه، ولا تكتموهم معانيه وأنتم تعلمون. فقد فتح الله تعالى عليكم وعلمكم، فإذا كتمتم ذلك؛ فأنتم قد كتمتم العلم الذي أمر الله تعالى ببيانه، ومثل هذه الآية قول الله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى } { مَا أَنزَلْنَا } يكتمون ألفاظ ما أنزلنا، ويكتمون معاني ما أنزلنا من البينات والهدى { أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ } فاشترط أنهم يبينون، ومثل ذلك أيضا قول الله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ } الآية. فتوعدهم على أنهم يكتمون ما أنزل الله من الكتاب. ثم استدل أيضا بالحديث المشهور: { من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار } وذكر أن هذا الحديث مروي عن طرق، وقد رواه ابن عبد البر وأطال في طرقه في أول كتاب العلم، جامع بيان العلم وفضله، وفيه وعيد شديد: { من سئل عن علم } سواء كان ذلك العلم من القرآن أو كان من السنة فإنه إذا كتمه فقد كتم الناس ما يجب عليه أن يبينه لهم، ومعنى ألجم؛ يعني ختم على فمه { بلجام من نار } ؛ يعني بلجام من وهج النار، أو من حديد النار، أو نحو ذلك. |