قال رحمه الله: باب .. بالإيمان والاستعاذة بالله من وسوسة الشيطان. عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { لا يزال الناس يسألونك عن العلم، حتى يقولوا: هذا الله خلقنا فمن خلق الله؟ } قال -وهو آخذ بيد رجل- فقال: صدق الله ورسوله، قد سألني اثنان وهذا الثالث. أو قال: سألني واحد وهذا الثاني. وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { لا يزالون يسألونك يا أبا هريرة حتى يقولوا: هذا الله، فمن خلق الله؟ } قال: فبينا أنا في المسجد إذ جاءني ناس من الأعراب فقالوا: يا أبا هريرة هذا الله خلقنا، فمن خلق الله؟ قال: فأخذ حصى بكفه فرماهم به ثم قال: قوموا قوموا، صدق خليلي صلى الله عليه وسلم. هذا يسمى الوسوسة، يعني إما أن الشيطان يوسوس لهم، وإما أنهم يوسوسون للناس ويشككونهم. نقول: إن الله تعالى هو خالق الخلق، يعتقد المسلمون أنه سبحانه هو الأول ليس قبله شيء، وأنه { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ } وأنه لم يسبق بعدم، وأنه هو الخالق لكل شيء، لم يكن قبله شيء، ولم يحتج إلى شيء، فلا يجوز أن يقال: من خلق الخالق؟ الله تعالى هو الخالق لكل شيء كما أخبر عن نفسه. فإذا جاء الشيطان إلى أحد ووسوس إليه وقال: من خلق ربك؟ فليستعذ بالله وليقل: أعوذ بالله فإن الله هو الخالق وحده. وهو الأول وليس قبله شيء، وهو القديم الذي ليس لوجوده بداية، وليس له نهاية، ولم يسبق بعدم. وكذلك صفاته قديمة، وكذلك كلامه لا بداية له ولا نهاية، والدليل أن الله تعالى أخبر عن كلامه بقوله تعالى: { وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ } يقول ابن القيم وكيف تنفد كلمات الله وهي ليس لها بداية ولا نهاية، والبحار لها بداية ونهاية؟ يقول: لو جعلت أشجار الدنيا من أولها إلى آخرها كلها أقلام، وجعلت البحار ومعها سبعة أمثالها كلها حبر ومداد، فكتب بتلك البحار وكتب بتلك الأقلام لتكسرت الأقلام، ولفنيت البحار قبل أن يفنى كلام الله. ذلك لا شك دليل على أنه ليس له نهاية، وليس له بداية، فلذلك يدفع الإنسان الوسوسة التي تخطر بباله، ويستعيذ بالله ويقول: آمنت بالله، آمنت بأن الله تعالى هو الخالق، وأنه هو الذي أوجد جميع هذه المخلوقات، وأنه لم يكن له خالق ولم يسبق بعدم، فإذا سأل أحد عن مثل ذلك يصده ويأمره بالاستعاذة بالله من الشيطان. |