قال المؤلف رحمه الله تعالى: باب في الوسوسة من الإيمان. عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: { جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به. قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم. قال: فذاك صريح الإيمان } . وهذه وساوس تقع لبعض الناس، فإذا أبعد هذه الوساوس فإنها لا تضره، يأتي الشيطان بعض الناس ويشككه؛ يشككه في النبوة، ويشككه في الربوبية، ويشككه في وجود الرب، ويشككه في البعث بعد الموت، ويشككه في الإيمان، ويشككه في الأعمال الصالحة، ويشككه في الحرام؛ فهذه الشكوك التي تتهافت على قلبه لا يتجرأ أن يتكلم بها ويعرف أنها منكر، وأنها كبائر يتعاظم أن يتكلم بها؛ حتى أنه يقول: لو قطعت عنقي ما تكلمت بها، لو خررت من رأس جبل ما تكلمت بها. فهذه الوساوس مما يعفو الله تعالى عنه، ورد في الحديث: { عفي لأمتي عما حدثت به أنفسها } يعني: من الوسوسة ونحوها { ما لم تتكلم أو تعمل } . فإذا كانت مجرد حديث نفس ووساوس وخطرات تخطر في القلب؛ فعليه أن يرفض ذلك، وعليه أن ينتهي، ويستعيذ بالله من الشيطان، ويعلم أن هذه وساوس شيطان، وأنها تزيين منه؛ يريد أن يشككه في دينه، يريد أن يرتد على عقبيه؛ فإذا استعاذ بالله وقطع ذلك من نفسه وجدد إيمانه وقال: آمنت بالله، وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسول الله، وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله، وعمل بما أُمر به، وامتنع عما نُهي عنه، ومشى على ما هو عليه من الإسلام وأعمال الإسلام، ولكنها لا تضره تلك الخطرات. |