تعريف النَّهْيِ: هو استدعاء الترك بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب. مثل تعريف الأمر، الأمر: استدعاء الفعل، والنهي استدعاء الترك، ويكون بالقول، فإذا قلت لولدك مثلا: لا تَخْرُجْ، فإن هذا نهي، وإذا قال لك ولدك مثلا: لا تَخْرُجْ، فلا يُسَمَّى نَهْيًا؛ ولكنه يسمى التماسا، وأما إذا كان من العبد لله تعالى فإنه يسمى دعاء، في قولنا: { رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا } هل نقول: إنه نهي؟ العبد ما يتجرأ أن ينهى الله، ولكن نسميه دعاء. فهو من السيد لعبده أمر، ومن الوالد لولده أمر، وضده نهي، إذا قال: لا تفعل، فهو نهي، وإذا قال: افعل، فهو أمر. ومن الولد لوالده: أمر ونهي، إذا قال: يا أبتِ أعطني كذا.. يا أبت لا تؤاخذني بكذا ! فإن هذا يعتبر... ويعتبر التماسا، ولا يسمى أمرا من الولد لوالده. وأما من العباد لله فإنه دعاء، إذا قالوا: { رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً } { رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا } استدعاء الترك بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب. النواهي يجب تركها، النهي يدل على فساد الْمَنْهِيِّ عنه، الشيء الذي نهانا الله تعالى عنه يدل على أنه فاسد، فإذا نهانا عن الشرك يدل على أن الشرك فاسد، وإذا نهانا عن الربا يدل على أن الربا فاسد، { لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً } يدل على أنه عَقْدٌ فاسد، وإذا نهى عن السفاح يدل على أنه عقد فاسد والزنا. ترد صيغة الأمر والنهي والمراد به الإباحة، أو التهديد، أو التسوية، أو التكوين، يعني: صيغة الأمر: متى تكون للإباحة؟ مثل قوله تعالى: { فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا } هذا للإباحة، وتَرِدُ للتهديد، مثل قوله تعالى: { اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ } هذا للتهديد. ترد أيضا للتسوية، مثل قوله تعالى: { فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ } أي: سواء عليكم الصبر، أم لا. ترد للتكوين، مثل قوله: { كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ } هذا للتكوين. هذه تعريفات للأمر والنهي، وفيه مباحث، يقتصر هاهنا على التعريفات، والله أعلم. أسئـلة أحسن الله إليكم يا فضيلة الشيخ، وجزاكم الله خيرا. س: يقول السائل: فضيلة الشيخ.. كثيرا ما أقرأ لأئمة السلف عن التحذير من الخوض في القدر، والحذر من التعمق فيه، فما المقصود من ذلك، وما حكم الخوض فيه؟ مخافة أنهم يتخذونه ذريعة للاحتجاج على المعاصي، فإن كثيرا منهم يتخذونه حجة، فإذا قيل لهم: صَلوا، قالوا: حتى يَهْدِيَنا الله، ما هدانا ربنا! فنحن نقول لهم: افعلوا الأسباب، والله تعالى مكنكم، فالخوض في القدر أي: التعمق فيه قد يُؤَدِّي بهم إلى شيء من الحيرة، وإنما الإنسان يعرف أنه مأمور ومَنْهِيٌّ، ويعرف أن القدر سر الله في خلقه. س: يقول السائل: فضيلة الشيخ.. وصلتم في مراتب العلم وبقيت مرتبة: "التقدير اليومي"، كيف يكون؟ ذكرنا دليله وهو قول الله تعالى: { كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } أي: حوادث الأيام، هذا التقدير اليومي. س: يقول السائل: ما المراد من قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث المقداد بن الأسود في قول الكافر بعد أن قال: لا إله إلا الله: { فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال } ؟ أي: إنك إذا قتلته تكون بمنزلته قبل أن يقولها، أي: مباح الدم قصاصا، وهو بمنزلتك قبل أن تقتله، أي: معصوم الدم، وليس المراد أنه بلغ منزلتك بالإيمان. س: يقول السائل: فضيلة الشيخ -بارك الله فيكم- أين نجد رد شيخ الإسلام على الجهمية؟ تجدونها في "المنظومة"، موجودة في المجلد الثاني... من "مجموع الفتاوى"، وشرحها أيضا الشيخ ابن سعدي في رسالة له عن "شرح المتوسطة"، مطبوعة. س: يقول السائل: ما الراجح في إخراج ذرية آدم من ظهره، وإقرارهم بما كتبه الله من أفعالهم، ومن ثم أكان إقرارا في قوله تعالى: { أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ } مع أنهم ينكرون الربوبية ... ولم يكن الإقرار على الربوبية؟ الراجح: أن نعتقد أن الله تعالى علم أفعال عباده، فالآية يظهر أن المراد بها كل من أُخْرِجَ من صلبه إنسانا فإن الله تعالى يأخذ عليه العهد، ويكون هذا العهد هو الفطرة، بمعنى: { فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا } وأما الأحاديث فغالبها لا يخلو من ضعف. قوله: إن الله استخرج من صلب آدم ذريته كذا، وأنه استنطقهم، وأنهم أقروا لله تعالى بالربوبية، وذلك لأن الآية ليس فيها أنه خاص بآدم { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ } (من كل واحد) ...، { مِن ظُهُورِهِمْ } أي: كل إنسان يخرج الله تعالى من صلبه ذرية، فإنه يأخذ عليهم العهد، يعني: يفطرهم على ذلك في قوله: { أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ } ؟ فيقولون: { بَلَى شَهِدْنَا } . س: يقول السائل: هل ثبتت لفظة:" اليقظة" منسوبة لله تعالى؟ ما ذكرت، ولا أتذكر أنه وردت في حديث ولا في آية، لا شك أن الله تعالى سمى نفسه الحي القيوم، لا تأخذه سِنَةٌ ولا نوم. س: يقول السائل: ما حكم قول ..بعض الناس: صدفة ؟ قد يجوز ذلك إذا قصد بذلك عدم الموعد، يعني: مصادفة بدون وعد سابق، هذا لا حرج فيه مصادفة، وإن كان ذلك بقدر من الله. س: يقول السائل: ما حكم صلاة المنفرد خلف الصف؟ لا تصح إلا لعذر، إذا بذل الجهد، إذا حاول أن يجد فرجة بين اثنين، ولو أن يقرب أحدهما إلى الآخر فلم يستطع، ثم حاول أن يتأخر أحد منهم معه لا بالجذب ولكن بكلمة أو نحوها ولكن امتنع، ثم حاول أيضا أن يخرق الصف ويقوم عن يمين الإمام، ولم يستطع لتراص الصفوف، وخاف أن تفوته الجماعة، فيدخل في قوله تعالى: { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } وتصح صلاته للعذر. س: يقول السائل: ما حكم من حلف بالطلاق وهو يريد اليمين لا الطلاق؟ لا يجوز ذلك، وإذا حلف بالطلاق وقصده اليمين فعليه الكفارة: إطعام عشرة مساكين، إذا كان قصده اليمين لم يكن قصده الطلاق. س: يقول: ما حكم الدفع على المقاضاة التأمينية التي تكون عالية؟ نكره ذلك، ولكن إذا كان فيها فائدة، إذا كانت فائدة ومفيدة لبعضهم فلعله يعفى عنها. س: يقول السائل: ما معنى قول الله تعالى: { لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا } ؛ لأن بعض الناس يستدلون بها وقت الشراء والبيع ؟ هي ليست بهذا المعنى، ومعنى قولهم: { رَاعِنَا } كانت تقولها اليهود { لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ } { وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ } وهي عندهم مشتقة من الرُّعُونة، الرعونة هي: الغلظة والجفاء ...، فالمسلمون قلدوهم، وصاروا يقولون: { رَاعِنَا } يعني: انتظر لنا، فنهاهم الله، وقال: { وَقُولُوا انظُرْنَا } وأما ما يستعمله الباعة مثل أن يقول: يا فلان راعني، فهذا من المراعاة لا من الرعونة، ولعله يُعْفَى عنه . س: يقول السائل: فضيلة الشيخ، قلتم أن حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- { أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك } أن الأمر للاستحباب، فنرجو منكم توضيح ذلك. وهل الأمر بأداء الأمانة للاستحباب، أم للوجوب؟ قوله: { ولا تخن من خانك } هذا للاستحباب؛ وذلك لأنه إذا كان خائنا فإنه يجوز أن يُعَامَلَ بمثل ما عَمِلَ؛ لقوله تعالى: { فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ } وقوله: { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ } ؛ ولكن ترك ذلك من باب العفو، هذا مستحب. وأما أداء الأمانة، فالصحيح أنه واجب؛ لقوله: { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا } . س: يقول السائل: تآليت أشهد الله أني أحبك في الله، ما حكم من ترك الصلاة تهاونا، ولو فرضا واحدا؟ أحبك الله كما أحببتنا، ورزقنا حبه، وحب من يحبه. وترك الصلاة -بلا شك- إذا كان متعمدا يلتحق بالكفر، سواء كان متثاقلا، أو متكاسلا، أو متعمدا، أو جاحدا، يدخل في الوعيد { من تركها فقد كفر } سِيَّما إذا كان ذُكِّرَ ودُعِيَ ونُبِّهَ، فَأَصَرَّ وامتنع حتى خرج وقتها، ولم يُبَادِرْ ولم يَنْدَمْ، ولم يَتُبْ، بل استمر على ذلك، فيستتاب، فإن تاب وإلا قُتِلَ. س: يقول: مأموم يصلى خلف الإمام ، وسها ذلك المأموم فترك واجبا فماذا يفعل؟ يتحمل الإمام الواجبات عن المأموم، فإن ترك تكبيرة النقل، أو التسبيح في الركوع والسجود سهوا فلا سجود عليه .. يتحملها الإمام. س: يقول السائل: في الصلاة الرباعية شك المصلي أنه صلى ثلاث ركعات، فماذا يفعل؟ تلزمه الإعادة بدءا لا سيما إذا شك فيه؛ فإذا تيقن أنه صلى ثلاثا وشك في الرابعة بنى على اليقين، وأتى بالرابعة وسجد للسهو. لكن إذا كان إماما فإنه يبني على غالب ظنه؛ لأنه يترجح غالب الظن موافقة المأمومين. س: يقول السائل: ما حكم ما يسمى ببيع الكلالة وهو ما يترك للبائع بين البائع والمشتري؟ يجوز ذلك كأجرة؛ لأن هذا الواسطة كأنه يتعب، فيأتي هذا ويأتي هذا، وقد يركب سيارة، أو يستأجر، أو يرضأ الحاسب، أو ما أشبه ذلك. فهو مستحق أجرة على وساطته، وعلى بيعه قلت أم كثرت حسب الاستطاعة حسب الاصطلاح . أحسن الله إليكم يا فضيلة الشيخ، وجزاكم الله خيرا ونفعنا الله ... |