القياس ينقسم إلى ثلاثة أقسام: قياس العلة، وقياس الدلالة، وقياس الشبه. عرفنا مثال العلة فإذا وجد قياس العلة ما كانت العلة فيه موجبة للحكم يعني: أن يحكم عليه، ويكثر هذا في بعض الأشياء التي ألحقوا بعضها ببعض؛ فقالوا -مثلا- إذا حلق المحرم رأسه للأذى جعلنا عليه فدية، فإذا احتاج أيضا وقلم أظفاره للأذى جعلنا عليه فدية، النص ورد في الحلق، والعلة هي: دفع الأذى. فكذلك إذا قلم لدفع الأذى العلة في هذا هي العلة في هذا فنجعل عليه فدية قياسا لهذا على هذا، وكذلك إذا تطيب فالعلة هي دفع أذى الوسخ ونحو ذلك، فنجعل عليه أيضا فدية إذا تطيب وهو محرم فالعلة وجدت في الأصل. الله تعالى جعل فيه فدية: { فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ } عرفنا أنه لأجل الترفع فألحقنا به كل ترفع. هذا مثال للعلة ما كانت العلة فيه موجبة للحكم. وأما "قياس الدلالة" هو: الاستدلال بأحد النظيرين على الآخر، وهو أن تكون العلة دالة على الحكم، ولا تكون موجبة للحكم إذا كان هناك حكمان، وجد في أحدهما أو لأحدهما دليل ينجذب ذلك الدليل على الآخر الذي يشبهه، فإن الله –تعالى- لا يفرق بين متشابهين لا يفرق بينهما؛ ولأجل ذلك الأحكام التي يحكم بها على العرب تنجذب على العجم ولو كانوا متفاوتين في بعض الأشياء، فإذا أوجب الله تعالى قراءة الفاتحة على العرب الذين ينطقون بها قلنا: هؤلاء أعاجم لا يستطيعون النطق بالعربية نلزمهم بأن يتعلموها، فالدليل ورد عاما فيعم القادر ويلزم العاجز التعلم حتى لا يفرق بين متساويين، الاستدلال بأحد النظيرين على الآخر أن تكون العلة دالة على الحكم كقوله: { لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب } ولا تكون موجبة له موجبة للحكم إنما تكون دالة فينتقل من هذا إلى هذا. أما "قياس الشبه" يقولون هو: الفرع المتردد بين أصلين، فيلحق بأكثرهما شبها الفرع الذي لا يدرى هل نلحقه بهذا أو بهذا فننظر أقربهما فنلحقه به، كثيرا ما يحصل اختلاف كاختلافهم في علة الربا، بعضهم قال: إن الخضار والفواكه ربوية لأنها مطعومة؛ فتلحق بالبر والشعير لأنه مطعوم، وبعضهم قال: إنها ليست مدخرة فلا تلحق بهما؛ فإنه لا بد من الادخار فيلحق بأقربهما شبها. |