وما دمنا عرفنا هذه الخصائص أو هذه الأعمال التي تعمل في مثل هذه الليالي، فإننا نحب أن نعرف سببا من أسباب فضل هذه الليالي؛ سبب ذلك أن فيها ليلة القدر. يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الطويل في فضل شهر رمضان: { شهر فيه ليلة خير من ألف شهر؛ من حرم خيرها فقد حرم } وهذه الليلة قد أخفى الله العلم بها، ولم يُطلع عليها أحدا من خلقه. والسبب في ذلك الاجتهاد في بقية الليالي، فإنهم لو علموا عينها لزهدوا في بقية الليالي، وقاموا هذه الليلة وحدها، ولم يحصل لهم زيادة الأعمال؛ فإذا أذهبت في هذه الليالي، فإنهم يجتهدون؛ فيقومون من كل ليلة جزءا رجاء أن يوافقوها، فإذا جاءت ليلة قال أحدهم: هذه أرجى؛ هذه يرجى أن تكون هي الليلة التي هي خير من ألف شهر فيقومها؛ فإذا جاءت الليلة بعدها قال: قد تكون هذه؛ إلى أن تنتهي الأيام العشر؛ فيحصل على أجر كثير، ويحصل على عمل متزايد، وتتضاعف له الحسنات، ويكون ممن عبد الله عبادة متتابعة لا عبادة منقطعة قليلة. |