نعرف أيها الإخوة أننا أصبنا في هذه الأزمنة بهذه المصيبة التي هي تأخر المطر وجدب البلاد، ونعرف أنه ليس بُخلا من الله عز وجل؛ فالله تعالى هو الكريم، وليس قلة ما عنده؛ بل هو الغني، ولكن ما أصابنا إلا بسيئاتنا، ما أصابنا إلا بذنوب اقترفناها، فنتوب إلى الله تعالى، ونواظب على طاعته سبحانه، ونقوم بما يجب علينا من حقه حتى يرحمنا، وحتى يزيل ما بنا من الشدة ومن القحط والجفاف، ويعيد لنا ما كان عليه آباؤنا وأسلافنا من السعة، ومن الرفاهية، ومن الخير، ومن النعم الظاهرة والباطنة. فالله تعالى غفور رحيم، وقد أخبر بأنه سبحانه أنه رحيم بعباده: { نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } وأخبر أيضا بأن ما يصيب الإنسان فإنما هو من سيئات اقترفها، كما قال تعالى: { وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ } وأخبر بأنه لو يعامل العباد بما يستحقونه لعجل لهم العذاب، يقول تعالى: { وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ } أي: لو يعاملهم بما يستحقونه من السيئات، وما عملوه من المخالفات؛ لأهلكهم ولقضى عليهم، ولعاقبهم العقوبة التي تقضي على معنوياتهم، وتقضي على حياتهم؛ ولكنه سبحانه يعفو عن كثير ويتجاوز، فإذا تابوا إلى الله تعالى وأنابوا رحمهم وأغاثهم، وأزال ما هم فيه من الشدائد ومن المصائب ونحوها. نكتفي بهذا لنشغل الباقي في الأسئلة. بسم الله الرحمن الرحيم عموما أكثر الأسئلة مكررة، وبعضها يكفي لها إجابة من أحد طلاب العلم، وبعضها قد بين في خطب الجمعة أو المحاضرات الماضية، ولأن الأسئلة أكثر مما يتصور، فسنختار المهم منها وما يتعلق بالعقيدة والدعوة إلى الله. س: السؤال الأول يا شيخنا يقول: بعض الإخوة الشباب حاملو الشريعة ومن في حكمهم ينكفئون على أنفسهم؛ أحدهم يؤدي الفرائض فقط؛ ولكنه لا يدعو إلى الله تعالى ؛ لا بلسان ولا بعمل ولا بمال، ولا يكون قدوة صالحة، فما توجيه فضيلتكم ورأيكم في مثل هذا؟ عسى ألا يكونوا من الموجودين إن شاء الله؛ نثق -إن شاء الله- أن الإخوة الحاضرين أنهم من أهل الخير، ومن أهل العلم، ومن أهل العمل، ونوصيهم لإخوانهم أو لمعارفهم الذين اتصفوا بهذه الصفة المذكورة في السؤال أن ينبهوهم إلى أنهم على خطر، وأن واجبا عليهم أن يؤدوا زكاة العلم الذي تعلموه، فإنهم قد حملوا علما كبيرا أو عظيما، فلا يحق لهم أن يكتموه، ولا يحق لهم أن يسكتوا على ما هم عليه؛ على ما علمهم الله، فإن ذلك من كتمان العلم الذي توعد الله تعالى عليه بعذاب شديد. وكذلك أيضا من تغيير الشرع الذي ذم الله تعالى به اليهود في قوله: { وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } فالذين يكتمون الحق وهم يعلمون يعاقبون بمثل ما عوقب به اليهود من اللعن ومن الطرد والإبعاد عن رحمة الله؛ فحذروهم ومروهم بأن يأمروا بالمعروف، وينهوا عن المنكر، ويعلموا مما علمهم الله تعالى، ويطبقوا ما علموه؛ العلم الذي تعلموه لا بد أن يعملوا به وأن يظهروه، فإذا لم يعملوا به اعتبروا ممن علم ولم يعمل، وعقوبته أشد من الجاهل؛ الذين يعلمون ولا يعملون، فنبهوا إخوانكم، وبينوا لهم الحق لعلهم يتوبون. س: سؤال: يقول: إمام المسجد ما هو دوره التربوي والإيماني لجماعة مسجده؟ وما المطلوب منه في تعاونه مع الدعاة والجهات الرسمية المنظمة للدعوة في منطقته؟ وإذا كان خطيب المسجد لا يصلي بالجماعة بقية الفروض وهو يستلم راتبا آخر الشهر فهل من توجيه لذلك جزاكم الله خيرا؟ عليه مسؤولية، ليست مسؤوليته أن يحضر ثم يؤدي الركعات ثم ينصرف إلى منزله؛ بل إن عليه مسؤولية، وذلك لأنه يعتبر من حملة العلم؛ لأنه لا يعين إماما إلا بعد أن يكون من أهل القرآن، ومن أهل الفقه في العبادة، وبالأخص الفقه في الصلاة؛ فلذلك يكون عليه مسؤولية، فعليه أن ينظر في أهل المسجد، وينبه على من يتكاسل، ويتصل بمن يتخلف، ويسأل من غاب عن الصلاة، ويأمر بالخير، ويتعاون أيضا مع أهل الهيئات وأهل الدعوة وأهل الإرشاد، ويخبرهم بأن عنده من المتكاسلين خمسة أو عشرة أو واحدا، ويتعاون معهم في إخبارهم بمن له عذر أو من ليس له عذر؛ فبذلك يكون قد قام بهذا الواجب. فأما إذا علم بأن ما من جماعة مسجده من لا يصلي وسكت عنهم، أو علم أن منهم من يصلي أحيانا ويترك الصلاة أحيانا وسكت عنه؛ فإنه يعتبر آثما. ورد في حديث أن الجار يتعلق بجاره يوم القيامة يقول: يا رب هذا خانني. فيقول: والله ما خنته في أهل ولا مال. فيقول: صدق؛ ولكنه رآني على منكر ولم ينهني عنه. يشاركه في إثمه، يشاركه في الوزر. كذلك أيضا الذين يعينون خطباء؛ إذا كان خطيبا فقط لم يطلب منه إلا إلقاء الخطبة؛ فعليه أن يلقيها، وأن يستعد لإلقائها، وأن يعالج مشاكل أهل الحي وجماعة المسجد، وأن ينصحهم، وتشتمل خطبه على الأشياء التي تفيد وتنفع، أما إذا كان إماما للمسجد وخطيبا فلا يجوز له الاقتصار على إلقاء الخطبة دون الإمامة، فإن شق عليه فإن عليه أن يوكل من يقوم بالإمامة، ويكون ذلك الإمام له أيضا حق من هذه المكافئة التي جعلت لهذا المسجد. س: سائل يقول: رجل سب الرسول -صلى الله عليه وسلم- فهل له من توبة وفقكم الله؟ مسبة الله ومسبة نبيه تعتبر كفرا؛ بعض العلماء يقول: إنه ليس له توبة، وأنه يقتل، وأنه يخرج من الإسلام؛ ولكن لعله إذا كان ذلك عن تقليد أو عن جهل مركب أو نحو ذلك أنه إذا تاب توبة نصوحا واستغفر ربه، ورأينا آثار التوبة عليه، ورأينا منه الخوف والخشية، وكثرة الأعمال الصالحة، ومواظبته على الصلوات، وكثرة تلاوته للقرآن، وحزنه على ما مضى منه؛ أن ذلك يدرأ عنه العقوبة وأنها تقبل. س: قامت الجهات المسئولة -وفقها الله تعالى- في منطقتنا -ولله الحمد- بتحديد المهور بأربعين ألف ريال، وطالبت مأذوني الأنكحة بأخذ اليمين على المتزوج وولي الزوجة، فما توجيه فضيلتكم لمأذوني الأنكحة الذين لا يطبقون هذا النظام، مما جعل بعض الأولياء يتهربون ويطالبون ويضاربون عن زواجاتهم؟ وما توجيهكم للآباء بالتعاون في مثل هذا، وللحد من الإسراف والمغالاة؟ لم يرد تحديد شرعي لقليل المهر أو لكثيره؛ بل هذا خاضع للعادات، ولكن نهي عن الإسراف، ونهي عن المغالاة والمبالغة التي تثقل كاهل المتزوج، فإذا اتفقت الأسرة أو القبيلة على تحديدها بشيء محدد اتفقوا عليه فإن ذلك من التعاون على الخير، فعليهم أن يطبقوا ذلك، ويمنعوا أحدا من أن يزيد على ذلك رفقا بأفرادهم، ورفقا بمواطنيهم، ولهم أن يهجروا ذلك الذي خالفهم، أو أن يعاقبوه بما يكون زاجرا له؛ حتى تكون هذه العادات متبعة ليس فيها ضرر، مع أنه لا يلزم المأذونين تطبيق ذلك؛ لأنه لم يكن هناك دليل شرعي على هذا التحديد بقليل أو بكثير، ولكن ذلك راجع إلى الأسر وإلى القبائل. ..إذا كان صادرا فيمكن أنه معتمد على تحديد في جهة معينة أو نحو ذلك، وبلا شك قد تكلم فيه المشائخ المتقدمون في عهد الشيخ محمد بن إبراهيم وكأنهم أنكروا على من يبالغ، ولكنهم لم يتجرءوا على تطبيق ذلك لعدم الدليل الذي يقضي بالتحديد، ولما ورد في القرآن من قول الله تعالى: { وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا } ونحو ذلك من الآيات؛ ولكن لعل ذلك يكون اتفاقا بين الأسر وبين القبائل، فهم الذين في إمكانهم أن يعاقبوا من يخالفهم. س: نأمل منكم بيان حكم الحلف بغير الله كالحلف بالطلاق وبالحرام، وما هو الواجب على من وقع في ذلك؟ الحلف بغير الله إذا كان بلفظ الحلف كقوله: والنبي أو بالنبي أو بأبي أو بشرفي فإن هذا شرك؛ { من حلف بغير الله فقد أشرك } ؛ وإن كان من الشرك الأصغر. وأما تأكيد الأمور بمثل: علي الحرام، أو حرام علي ما أكلم فلان، أو علي الطلاق إن كلمته. فهذا عدُّوه أيضا من التأكيد، وجعلوه من اليمين؛ أنه ما قصد إلا اليمين، فننهى عن استعمال ذلك؛ لأن كثيرا من العلماء جعلوه طلاقا، وألزموه بكفارة الظهار إذا كان بلفظ التحريم، وألزموه بالطلاق إذا كان بلفظ الطلاق، فينتهي المسلم عن الأشياء التي توقعه في حرام أو في شِبه الحرام. س: ينتشر بين الناس رجالهم ونسائهم وأطفالهم الدعاء بالسوء، ومنه الدعاء بالجن كقول الإنسان: خذوه أو طيروا به أو افعلوا به كذا وكذا فما هي كفارة من وقع في ذلك؛ علما أنها منتشرة انتشارا كبيرا؟ لا شك أن هذا دعاء لمخلوق، أو دعاء لغائب، فيكون من الشرك، لأن من دعا غير الله تعالى فقد أشرك، قال تعالى: { وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ } فنقول: لا يجوز مثل هذا، من رأيتموه أو سمعتموه يقول لمن يخاصمه أو لمن غضب عليه: خذوه، أو اقتلوه، أو احرقوه، أو طيروا به، أو افعلوا به، أو ما أشبه ذلك، وهو يخاطب الغائبين من الجن أو الشياطين أو المردة؛ فإنه قد دعا غير الله، فعليه التوبة والاستغفار. س: يقول بعض الناس: مهوب إن شاء الله. فهل هذه الكلمة شرك أم لا؟ كلمة مستبشعة مستنكرة، كأنهم يقصدون خيرا، إذا قال الإنسان: لعل أو يمكن أن يحدث حادث بفلان، أو يحدث انقلاب في هذه السيارة، أو يمكن أن تتعطل. فيقول الآخر: مهوب إن شاء الله؛ يعني: مهوب هذا الفعل حاصل إن شاء الله. لا بأس حيث أسند الأمر إلى مشيئة الله؛ ولكن الأولى أن يأتي بعبارة غير هذه العبارة، كقوله: عسى أن لا يكون، أو لا يكون ذلك إن شاء الله، أو ما أشبهه. س: ما حكم الشغار إذا كان المهر من الطرفين، وإذا تزوج أحد بالشغار هل يكون مذنبا؟ وما هو الحل؟ الشغار في الأصل هو أن يزوجه هذا على أن يزوجه الآخر وليس هناك صداق؛ بأن يقول: زوجني وأزوجك، ولا تدفع ولا أدفع؛ بل تكون هذه بدل هذه. كأنها مبادلة، أو: زوج ابني وأزوج ابنك. فيكون ذلك مبادلة؛ فهذا أيضا لا يجوز، وذلك لما فيه من ظلم المرأة أو المرأتين؛ حيث لم يدفع لها شيء مما يسمى لها، ومما هو ملك لها وهو الصداق. وألحق به كثير من العلماء إذا كان هناك صداق ولكن هناك إكراه بأن يقول: لا أزوجك إلا إذا زوجتني؛ زوجني وأدفع، وأزوجك وادفع. ثم تكون إحدى الابنتين مكرهة مغصوبة، أو الاثنتان مغصوبتان، هذا غصب ابنته لأجل مصلحته حتى يحصل له التزويج، والآخر كذلك غصبها وأكرهها لأجل أن يحصل له التزويج، فيكون في ذلك ظلم؛ لأن المرأة لها حق أن تستشار، لا تزوج إلا بإذنها وبرضاها بكرا أو ثيبا، قال صلى الله عليه وسلم: { لا تنكح الثيب حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن } فإذا كان فيه إكراه فإنه لا يجوز. وكذلك إذا كان فيه نقص في المهر بأن كانت تستحق –مثلا- مهرا أربعين ألفا، ولأجل هذه المبادلة ما دفع لها إلا عشرة أو خمسة عشر؛ فإن في هذا –أيضا- ظلما لها لأجل المبادلة، فأما إذا كانتا متراضيتين، ودفع لكل واحدة منهما مهرها كاملا، ولم يكن هناك إكراه، ولم يكن هناك –مثلا- اشتراط: أن لا أزوجك إلا إذا زوجتني. ورضي كل منهما بتزويج الآخر؛ فإن ذلك جائز، وعلامة ذلك أنه إذا نشزت زوجته وعصت، وبنته موافقة وراضية، لا يكره ابنته على النشوز؛ أما إذا نشزت امرأته فذهب إلى ابنته وأخذها، وقال: اعصي عليهم كما عصت بنتهم. فإن هذا ظلم فلا يجوز ذلك. س: انتشر في هذه القرى منكر عجيب وسبب من أسباب دمار المجتمع والبيوت، ألا وهو الدش، نأمل منكم بيان خطره وحكم الله فيه، وحكم الله ورسوله في أولياء البيوت الذين يشترون هذه الدشوش ؟ مصيبة عظيمة في هذه البلاد وفي غيرها؛ في المدن الكبيرة والصغيرة، وحتى عند الفقراء والضعفاء يستدين أحدهم حتى يدخله، وحتى ينصب له هذه الأنصبة، ولا شك أنه منكر كبير، وأنه وسيلة إلى الفساد وإلى المنكرات، وإلى إفساد المجتمعات، وإفساد الشباب، فقد سبب كثيرا من فعل الفواحش؛ فالإناث اللاتي ينظرن إلى هذه الفواحش التي تعرض فيه؛ من رؤية المرأة عارية، ورؤية الرجل يضمها أو يجامعها أمام الناظرين. لا شك أنها من الدوافع تدفع الشباب –مثلا- إلى فعل الفواحش، إلى فاحشة الزنا، وإلى فاحشة اللواط؛ حتى مع بعض الإخوة وبين الأخ وأخته، كما حصل ذلك كثيرا؛ فنقول: اربعوا على أنفسكم، توبوا إلى الله توبة صادقة، انصحوا إخوانكم الذين نصبوا هذه الأجهزة، وحضوهم على التوبة الصادقة، وتطهير البيوت حتى لا تقع المنكرات، ولا يفشو الزنا، فإن عاقبة فشوه عاقبة سيئة؛ يكون من آثارها عقوبات سماوية كالقحط والجدب والجفاف، وحبس الخيرات ونزع البركات؛ نعوذ بالله. س: إحدى اللوحات لوحة علقت على أحد المحلات التجارية، في اللوحة يقول: ثلاثون قطعة زبد مجانا للزواج الإسلامي ويقصد به الزواج الخالي من العرضة؛ فهل يصح هذا الإطلاق؛ كلمة " إسلامي "؟ يشجع على هذه المساعدة، وله قصد حسن، وإذا كان قصده الإسلامي؛ يعني: الخالي من المنكرات وما أشبهها، فلعله يثاب على ذلك؛ لا شك أنها كله -إن شاء الله إسلامية-؛ حتى ولو كان فيها شيء من العرضات، ومن الترحيب والاستقبال وما أشبه ذلك، لا نقول: إنها كفرية؛ بل نقول: إن معهم شيئا من الخلل؛ فهؤلاء الذين يشجعون من لا يفعلون شيئا من الخلل مطلقا يثابون على ذلك. س: العرضات بما فيها من الطبل والزير وغيرها من منكرات؛ نرجو التوجيه بحكمها والمباركة؛ يعني: هل يبارك الله في زواج يبدأ بمحرم مثل هذا؟ ما تعليق فضيلتكم؟ ورد في الحديث إباحة شيء من الغناء الذي ليس فيه كذب ولا مبالغة، وكذلك إباحة ضرب الدفوف وما أشبهها؛ فقال صلى الله عليه وسلم: { أعلنوا النكاح، واضربوا عليه بالدف } الدف هو شبه المنخل إلا أنه مختوم؛ بدل ما كان المنخل مخرقا هذا الدف يجعل فيه جلد، ثم ذلك الجلد يابس، وإذا ضرب ظهر له صوت يكون فيه شيء من الفرح والطرب وما أشبه ذلك، أما المختوم من الجهتين الذي يسمى الطبل، ومثله ما يسمى بالزير؛ فهذا لا يجوز الضرب به، لا في الأفراح والزواجات ولا في غيرها. فنقول: إن على المسلمين أن يتقيدوا بالشرع؛ فلا بأس بشيء من الغناء بين النساء ترحيبا أو تحية أو نحو ذلك، وكذلك أيضا بضرب الدف وقتا يسيرا لإظهار الفرح ونحوه؛ أما الرجال فإن عليهم أن يتقيدوا بالأمر الإلهي؛ التحية والسلام، ولا بأس أن يكونوا صفوفا يعني: يستقبلون الوافدين وما أشبه ذلك، فينهون عما لا فائدة فيه أو يخالف الشرع. س: تعاهدت القبائل هنا على أنه إذا حصل خلاف بين شخصين فإن المصلحين يقومون بإكراه المخطئ بذبح الذبائح أو بدفع الفلوس، ثم بعد ذلك يرضى الطرفان المتخاصمان ويتم التسامح بينهما؛ فما مدى صحة هذا وما الحكم شرعا؟ لا أصل لإكراهه على هذه الذبائح؛ بل إذا كانوا يريدون الإصلاح فإنهم يأتون إلى أحد الخصمين ويحثونه على التنازل، وإذا كان له حق فإنهم يتحملون، يقولون: أسقط من حقك نصفه ونحن نتحمل الباقي، ثم يأتون إلى الطرف الثاني ويقولون له: أسقط من حقك كذا نصفه أو ثلثه أو ثلثيه ونحن نحمل لك الباقي، أو يدفعه لك الخصم. فإذا رأوا أنهم قد وافقوا جمعوا بينهم، وحثوهم على التسامح، وعلى أن يسلم بعضهم على بعض، ثم إذا كانوا قد تحملوا شيئا لأجل الإصلاح، فلهم أن يجمعوا ذلك من بعضهم، أو لهم أن يأخذوه من الزكوات ونحوها، فإن من تحمل شيئا لإصلاح ذات البين له حق في الزكاة المفروضة، وبذلك تجتمع الكلمة. س: وإذا وافق ذاك المعزر؛ وافق على أن يذبح ذبيحة أو أكثر، أو أن يدفع فلوسا برضاه؛ ليس مغصوبا، فما الحكم؟ لا شك أنه إذا دفعها وقال: أعطوها لخصمي الذي بيني وبينه حتى يرضى. فلا بأس بذلك، وأما إذا ذبحها وأراد بذلك إكرامهم وضيافتهم ولم يعتقد أن ذلك من أجل الخصومة أو نحوها، إنما أراد إكرامهم كضيوف، فلعل ذلك جائز. س: رجل يحب الخير وأهله؛ ولكنه ابتلي بمعاصٍ وحاول كثيرا تركها؛ ولكن سرعان ما يعود إليها فما توجيهكم له ولأمثاله؟ توجيهنا أن يصدق التوبة، وأن يقلع عنها إقلاعا كليا، وأن يفطم نفسه. فأولا: أن يتذكر العقوبة على المعاصي ولو كانت صغيرة، فيعلم أنها محل العقوبة، وأن الله تعالى حرمها. وثانيا: أن يستحضر في كل وقت يهم بالمعصية أن يستحضر الحرام، وأن فعل الحرام جرأة على الله تعالى. وثالثا: أن يبتعد عن القرناء والسفهاء الذين يزينون له الوقوع فيها. ورابعا: أن يحاول الاستغناء بالحلال عن الحرام، فإذا كان ذلك الحرام هو –مثلا- الزنا أو الاستمناء باليد أو نحوه فإن هذا حرام؛ ولكن قد جعل الله بدله حلالا وهو النكاح، فيحاول أن يتزوج زواجا حلالا يعصم به نفسه، وإذا كان –مثلا- هذا الذي يقع فيه هو شرب الدخان؛ فإن عليه أن يتركه تركا كليا ويعزم على تركه ويعينه الله تعالى. وكم من أناس شربوه عشرات السنين؛ أربعين سنة، أو خمسين سنة، ثم عصمهم الله تعالى وأقلعوا عنه، وتابوا توبة صادقة، وإذا كان –مثلا- هو شرب المسكرات فإن عليه أن يبتعد عن مجالسة أهلها، وعن تعاطيها، ولو كانت النفس تلتذ لها أو تهواها فبذلك يعصمه الله تعالى ويحميه. وإن كان ابتلي –مثلا- بسماع الغناء واللهو والطرب، وعرف أن ذلك تميل إليه نفسه؛ فننصحه أن يبتعد عن السفهاء الذين يدعونه إلى مثل ذلك؛ لعل الله تعالى أن يتوب عليه، وننصحه بأن يستبدل بمجالس الغناء مجالس الذكر، ومجالس القرآن؛ قراءة القرآن ونحوها، ويستصحب أشرطة القرآن التي يجد فيه بغيته، والتي يثاب على سماعها، وعلى متابعتها، وهكذا بقية المحرمات. س: نود توجيهكم للشباب الذين ... |