ورد في فضل العلماء فضل كبير مثل قوله صلى الله عليه وسلم: { فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب } وهذا فرق كبير، فرق بين القمر وبين النجوم العادية، العالم على العابد، مع أن العابد يتعبد يتهجد ويقرأ ويذكر الله ويتصدق ويصوم ويحج ويجاهد ويعبد الله بعبادات كثيرة، ولكن هذا مشتغل بطلب العلم، ولذلك روي عن بعض السلف أنهم يقولون: طلب العلم أفضل من النافلة؛ أي من نافلة العبادة وما ذاك إلا أنه بطلبه يتزود خيرا، وكانوا يقولون: مذاكرة ليلة أحب إلي من إحيائها. المذاكرة يعني التعلم، بحث الإنسان كيف يتعبد في ليلة واحدة ولو كان ساعة من ليل أحب من إحيائها؛ يعني من إحيائها بالتهجد وبطول القيام وبطول القراءة وبطول العبادة. وكذلك أيضا ورد في حديث آخر أو في نفس الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: { إن العالم ليستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر } يعني من ما فضله الله تعالى به أنه تستغفر له الملائكة، وتستغفر له الحيتان والدواب والطيور وما أشبهها. وفي حديث آخر: { إن الله وملائكته يصلون على معلمي الناس الخير } أي الذي يعلم الناس ويفهمهم، أي يدعون له. الصلاة منهم الدعاء، أي تزويدهم بالدعوات المفيدة ، وهذا يدل على فضل تعليم الناس وتفهيمهم. وكذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: { إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع } أي تتواضع له، الطائر إذا تواضع فإنه يمد جناحيه تواضعا، فكذلك ذكر أن الملائكة تتواضع لطالب العلم، فتضع أجنحتها له رضا بما يصنع. وفي الحديث أيضا قوله صلى الله عليه وسلم: { العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر } وكل ذلك ترغيب في تعلم العلم وفي الحصول عليه، وإذا عرفنا ذلك فإن علينا أن نجتهد في تعلم العلم. ونعرف أن الأحاديث الواردة في طالب العلم أو في العلماء ليست خاصة بمن وصل إلى الرتبة العليا من العلم، بل كل من وصل إلى علم وحفظه وأتقنه صدق عليه أنه عالم بتلك المسألة فعليه أن يعلمها لمن يجهلها، وهذا يدل على فضل تعليم العلم كما ذكرنا في الحديث: { إن الله وملائكته يصلون على معلمي الناس الخير } فيجتهد الإخوة في طلب العلم حتى يكونوا من حملته ويكونوا من أهله. |