نختم بما ذكرنا من الشواغل؛ نقول: إن هناك شواغل كثيرة تعوق الكثير من الطلاب عن أن ينالوا العلم النافع، هذه الشواغل قد صدت كثيرا عن نيل العلم الحقيقي العلم الصحيح؛ فنشير إلى بعضها. ذكرنا قول الشاعر: كل العلـوم سـوى القرآن مشغلة .................................... لكن العلم الحقيقي منه ما هو فرض عين، ومنه ما هو فرض كفاية؛ ففرض العين واجب على كل فرد من الأمة الإسلامية أن يتعلمه؛ حتى يعمل على بصيرة، وحتى تقبل منه حسناته وقرباته؛ فهذا واجب على كل مسلم أن يتعلم مثلا الطهارة ونواقضها وموجبات الغسل وما أشبه ذلك وكيفيتها، ويتعلم ما يحتاج إليه في أمور الصلاة من صفتها ومبطلاتها وما أشبه ذلك، ويتعلم الصيام وأحكامه والحج وأحكامه والجهاد وأحكامه، ويتعلم أيضا المحرمات التي حرمها الله ورتب عليها عقوبة كالفواحش وما أشبهها، واجب على كل مسلم أن يتعلمها. وأما أدلتها والمسائل التي تتفرع منها، فإن هذا يكون فرض كفاية على الأمة بحيث يكون واجبا على جمع من الأمة يحصل بهم القيام بهذا الواجب. وإذا أعرضوا كلهم عن ذلك فإنهم آثمون؛ إذا أعرضت دولة من الدول عن العلم الشرعي تفاصيله وأدلته ونحو ذلك أثموا كلهم. فإذا قام فيهم علماء يكونون مرجعا لمن يسألهم ولمن يرغب التعلم؛ فإنهم بذلك يكونون قد قاموا بهذا الواجب؛ وذلك لأنه ليس كل إنسان يحتاج إلى معرفة المبطلات والشروط والواجبات والسنن وما أشبه ذلك، وإنما يحتاج إلى أن يعرف ما يهمه. فهذا بيان أن العلم منه ما هو فرض عين، وما هو فرض كفاية. فالتوسع في العلوم الآلية، والعلوم الدنيوية؛ لا شك أنه يشغل كثيرا من طلبة العلم عن العلم الشرعي العلم الحقيقي، فكان كثير من العلماء يقولون: خذوا من العلوم الأخرى قدر الكفاية دون أن تتوسعوا؛ حتى علم النحو مع أن فيه فائدة يقولون: "النحو في الكلام كالملح في الطعام"؛ أي لا تشتغلوا به كثيرا، خذوا منه قدر ما يقيم ألسنتكم، وقدر ما تفهمون به الكلام، فالذين ينشغلون بالخلاف فيه مع كثرة الكتابات يفوتهم العلم الصحيح وينشغلون به. وكذلك بقية العلوم التي ينشغل بها كثير من الناس؛ لا شك أنها من فروض الكفايات؛ يعني معرفة العلوم الجديدة من فروض الكفايات؛ ولو مثلا علم الهندسة وعلم الجبر وعلم الحساب. وكذلك أيضا العلوم الجديدة كما في هذه الكليات ونحوها؛ هذه من فروض الكفايات، فإذا احتيج إليها تعلم الذي يتعلم قدر الحاجة، ثم يتوقف ويشتغل بعلوم أخرى مفيدة؛ فيعتبر التوسع في ذلك من الشواغل. كما أن هناك أُخر تشغل عن التفرغ لطلب العلم وبالأخص في هذه الأزمنة. كثير من الشواغل، فمن ذلك اشتغال كثير من شباب المسلمين بالملاهي؛ فتجدهم مغرمين بالملاهي وباللعب ونحوه، فتجدهم يتابعون أخبار اللاعبين وما حصلوا عليه، ولا فائدة لهم في ذلك، وهذا مما يشغل عن طلب العلم. كذلك أيضا من الشواغل ما ابتلي به كثير من محبتهم للهو واللعب، والغناء والباطل ونحو ذلك، الذين يعكفون على سماع الأغاني التي تبثها الإذاعات، والتي يقصدون بها كما يقولون تسلية الناس أو ترفيههم؛ ولكن لا شك أن الانشغال بها مع كونها مكروهة أو محرمة يشغل طالب العلم عما هو مأمور به، وعما هو مكلف به؛ فننهى عن الإكباب على هذه الأغاني وما أشبهها. وكذلك أيضا من الشواغل والقواطع ما ابتلي به كثير من الناس من تتبع ما تبثه القنوات الفضائية بواسطة الدشوش بحيث إنهم يتابعونها وينظرون فيما تبثه، وينشغلون بها. ويكون ذلك أيضا سببا في وقوعهم في المحرمات، واقترافهم للآثام وارتكابهم للفواحش، زيادة على أن ذلك قطعهم عن العلم النافع، وعن الاستفادة من أوقاتهم، فهذه من الشواغل. من الشواغل أيضا إكباب كثير منهم على قراءة الصحف الماجنة والمجلات الخليعة؛ التي في طياتها شيء كثير من التشكيك في الإسلام أو في تعاليمه أو فيما يهدف إليه، وكذلك أيضا فيها الصور الفاتنة والمقالات الرديئة التي ينشرها أولئك الذين هم مغرضون يريدون أن يشغلوا شباب المسلمين بما لا فائدة فيه؛ فينشغل كثير من الذين يتابعونها عن سماع القرآن والذكر والخير؛ ويكونون بذلك قد فاتهم ما هو خير لهم وحصلوا على ما يضرهم أو ما يضيع مواقيتهم أو ما يضيع عليهم أوقاتهم. وقد حصل بسبب تتبع تلك الصحف وتلك المجلات الخليعة حصل انحراف كثير من كثير من شباب المسلمين انحراف في العقيدة، وانحراف في الأعمال والعياذ بالله. وأتذكر أبياتا من نظم قصيدة للشيخ الحكمي رحمه الله يقول في مقدمتها: وما مجـلاتهم وردي ولا صــدري وما لمعتنقيهـا فـي الـفلاح يــد إذ يدخلون بـها عاداتهم وسجاياهـم وحـكم طــواغيت لهـم طــردوا محسنين لها كي ما تروج على عمي البصـائر ممـن فاتــه الرشــد من أجـل ذلـك قـد أضحـى زنادقة كثيرهم لسـبيل الغـي قـد قصـدوا يـرون أن تــبرز الأنثـى بزينتهـا وبيعهـا البضــع تأجـيلا وتنتقـد هكذا ذكر أن هذا من أسباب إكبابهم على تلك الصحف والمجلات؛ أن كثيرا منهم أضحى زنادقة وأنهم يرون أن تبرز الأنثى بزينتها، وأن تبذل بُضعها بدون سبب يكون حلالا به، ولا شك أن هذا وقع في زمانه قليلا ووقع في زماننا كثيرا. فنقول: يحذر طالب العلم عن أن ينشغل بهذه الشواغل؛ حتى يواصل التعلم، وحتى يستفيد من وقته، وحتى يكون من حملة العلم الصحيح الذين ينفعهم الله تعالى وينفع بهم، ونوصي أيضا حملة العلم بأن يكونوا من العاملين به؛ حتى يثبت ذلك العلم في القلوب؛ فإن هذه هي الثمرة المنشودة. والعلم يهتف بالعمل؛ فإن أجابه وإلا ارتحل. نقتصر على هذه المقدمة لأجل الاشتغال بالأسئلة، ونعتذر عن الإجابة التفصيلية على الأسئلة، رجاء أن يحصل الجواب على كثير من المسائل، والله أعلم وصلى الله على محمد . س: أحسن الله إليكم!! سماحة الشيخ، ننبه الحاضرين بأن الشيخ ليس له إلا هذه المحاضرة؛ لكن له زيارة بإذن الله لهذه المنطقة في شهر جمادى الأولى، وأكثر الأسئلة عن الحج وعن الطلاق، وطلب البعض بتفسير بعض الأحلام، وهذه يعتذر عنها الشيخ حفظه الله. سائل يقول: ما حكم التهنئة بمناسبة حلول عام جديد ؟ لا بأس بذلك؛ لكن لا يتخذ ذلك دائما وعادة مع كل أحد. لا شك أن الله تعالى إذا منَّ على العبد حتى أمضى جزءا من عمره كسنة أو نصف سنة وهو مستقيم -أن ذلك من نعم الله عليه، فيهنأ بذلك، كما يُهنأ بالرزق الحلال وما أشبهه. س: سماحة الشيخ، ما رأيكم فيما قامت به حركة طالبان في تهديم الأصنام ؟ إذا كانت صحيحا أنها أصنام؛ فإن واجبا عليها إزالتها وإزالة آثارها؛ فما قامت به هو حق وواجب على كل من كان عنده قدرة أن يزيل معالم الشرك التي تُعظم وتعبد من دون الله تعالى. هذا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة كسر الأصنام التي في داخل المسجد الحرام نحو ثلاثمائة وستين صنمًا كسرها وحطمها. فكذلك أيضا هدم الأصنام المشهورة كاللات والعزى ومناة ولم يتركها، فهكذا يكون المسلمون. س: يقول السائل: لا شك أن مصابنا بفقد العلماء مصاب جلل وخسارة فادحة؛ ولكن الله عز وجل لم يربط هذا الدين ببقاء الأشخاص، بل له في كل زمان ومكان حملة للعلم، فنأمل منكم حفظكم الله أن تحثوا الشباب على التعلم وتسديد الثغور والخلل الذي أحدثه موت العلماء؟ لا شك أن سنة الله تعالى في خلقه جارية ولا بد، فالله تعالى قدر هذه الأمور. قال الله تعالى: { الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ } بدأ بالموت، { خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ } مما يدل على أن هذه سنة الله. ويقول تعالى: { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ } { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ } وإذا كان كذلك فإن على أهل المعرفة والإدراك أن يحرصوا على أن يحملوا العلم قبل أن يذهب أهله. قال النبي صلى الله عليه وسلم: { إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من صدور الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء } ؛ فإذا مات عالم كان ذلك نقصًا في العلم، ولكن إذا كان ذلك العالم قد خلف تلاميذ يقومون مقامه فإن ذلك خير، وعلى هؤلاء الذين حملوا عنه أن يبلغوا ما حملوه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما خطب وعلم أمته قال: { ليبلغ الشاهد منكم الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع } . فعليهم أن يبلغوا ويعلموا، ولو كان علمهم قليلا، وعليهم أيضا أن يسعوا في تكميل النقص الذي عندهم من العلم حتى يكونوا حقا من القائمين بتعلم وبتعليم. س: أحسن الله إليكم، يقول السائل: الشباب الإسلامي مستهدف في عقيدته وأفكاره وفي سلوكه، ومن آخر ذلك انتشار مقاهي الإنترنت والغالب من الشباب الاطلاع على مواقع فاسدة. سماحة الشيخ، فما حكم الذهاب لمثل هذه المقاهي؟ وما حكم العمل بها؟ لا شك أن وسائل الشر قد كثرت، ووسائل الخير أيضا موجودة والحمد لله؛ فننصح من يريد نفع نفسه أن يربأ بنفسه عن أماكن الفساد وأماكن الفسوق ونحوها. فإذا كانت هذه المقاهي يرتادها أهل الفساد؛ فإياك أن ترتادها أو أن تذهب إليها؛ بل عليك أن تأخذ على أيدي إخوتك على أيدي شباب المسلمين حتى لا يقعوا في هذه المفسدات؛ فإنهم إذا أخذوا يتابعون تلك الصور التي تعرض بواسطة الإنترنت أو بواسطة ما يسمى بالدشوش وما أشبه ذلك؛ فإن هذه لا شك تزرع في قلوبهم الفتن، وتدفعهم إلى المحرمات. أما إذا انتبهوا لأضرارها قبل أن يقعوا فيها فإن الله تعالى يوفقهم ويحميهم. س: أحسن الله إليكم!! السائل يقول: روي في حديث أن اختلاف الأمة رحمة أو اختلاف العلماء رحمة ؛ فكيف يكون رحمة؟ ما أظنه حديثا ثابتا؛ ولكن أخذه بعض العلماء من الآية الكريمة في آخر سورة هود، وهي قول الله تعالى: { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً } ؛ يعني غير مختلفين، ثم قال: { وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ } ؛ فقيل: { وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ } ؛ يعني للاختلاف، وقيل: { وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ } ؛ يعني للرحمة، ولعل ذلك هو الأقرب. ففهموا من قوله: { وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ } أن الاختلاف رحمة. والصحيح أن الاختلاف الذي يؤدي إلى المقاطعة ويؤدي إلى التهاجر -أنه نقمة وليس برحمة؛ وذلك لأن دين الإسلام واحد، وعقيدة المسلمين واحدة، والفرقة الناجية واحدة وهي ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه. فإذا حصل اختلاف بين الفرق، وتضليل بعضهم لبعض؛ فنقول: اعرضوا أمركم على السنة النبوية، وعلى طريقة السلف الصالح التي كان عليها صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، والتابعون لهم بإحسان. فإذا كانت موافقة لطريقتهم في العقيدة وفي العمل؛ فإنها طريقة السنة، وإذا كان فيها خلاف فدعوا ذلك الخلاف واتفقوا. { إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } الأمة أمة واحدة وكتابها واحد، والنبي صلى الله عليه وسلم واحد، والشريعة واحدة والقبلة واحدة. فعليهم أن يكونوا أمة واحدة، وعليهم أن يبتعدوا عن هذا التفرق وهذا التحزب الذي يكون سببا في تفرق الكلمة في قول الله تعالى: { وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِين مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ } وفي قراءة "من الذين فارقوا دينهم" { وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } فنقول: لا شك أن الاختلاف إذا أدى إلى التضاد وإلى التباين وإلى التحزبات أنه نقمة وليس برحمة. س: أحسن الله إليكم!! سائل يقول: طالب العلم يجد في الساحة أشرطة علمية من مسموع ومقروء ومشاهد ؛ فهل لطالب العلم الاعتماد عليها في طلب العلم؟ إذا كانت صدرت من علماء موثوقين معروفين؛ معروفين بالعلم ومعروفين بالتورع عن القول على الله بلا علم؛ فإنها تعتمد سواء كانت في المواعظ، أو كانت في الأحكام، أو في العقائد ونحوها. س: أحسن الله إليكم. السائل يقول: ما هو المنهج الصحيح للتحذير من أهل البدع ؟ أولا- تحذير أهل السنة من البدع؛ وذلك بأن تبين لهم السنة، ويقال: تمسكوا بها، ويوصون بما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: { عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدي } ؛ فنوصيهم بالتمسك بالسنة، ونقول لهم: { عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة } فإذا عرفوا السنة وصاروا عليها فما سواها بدع. ونقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم ترك أمته على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وأنه خط خطا مستقيما وخط خطوطا عن يمينه وعن شماله، وقال للمستقيم: هذا صراط الله، وهذه التي عن يمينه وشماله سبل على كل سبيل منها شيطان؛ يعني شيطان إنس أو شيطان جن يدعو إليها، ودليل ذلك قوله تعالى: { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ } . ثم نقول: عليك أيضا أن تبين البدعة حتى تحذر، ولا تبينها لأجل أن يشتهر أمرها؛ فدراستك لكتب البدع لأجل التحذير منها، والرد على أهلها هذا هو الهدف من معرفة البدع؛ ولذلك يقول بعضهم: عرفت الشـر لا للشـر لكـن لتوقيـه ................................. فيقول حذيفة رضي الله عنه: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن أقع فيه. لكن إذا كان في ذكر البدع عند العامة شيء مما يجلب لهم الشك، أو مما يسبب الاختلاف بينهم؛ فلا يجوز أن تذكر لهم البدع، أما إقناع أهلها فإنها يكون بالمجادلة بالتي هي أحسن. إذا ابتليت بمبتدع من المعطلة أو المرجئة، أو الجبرية أو الشيعة، أو المعتزلة أو المتصوفة ونحوهم -فإنك تجادله بالتي هي أحسن وتورد له الأدلة فإن اقتنع بها وإلا برئت ذمتك من الكتمان. س: أحسن الله إليكم، سائل يقول: ما رأي سماحتكم فيمن يتخذ في كل سنة سجلا يسجل به الأخطاء والزلات والحوادث والفوائد والقصص وغير ذلك من بداية السنة إلى آخرها بقصد تصحيح الأخطاء وجمع الفوائد؟ .. ينظر أيضا إلى الفائدة التي تحصل من هذا التسجيل؛ ولكن لا يجوز ذلك إلا لعالم بحدود الله ... طالب العلم أن يعطيها حقها من العلم والقراءة فيها، ولو وقتا قصيرا يرجع إليها. كذلك نقول: إنه إذا قصد بشرائها واقتنائها الاستفادة ثم ورثها لأولاده من بعده، وأمرهم بأن يستفيدوا منها وبذل فيها ماله كان هذا إن شاء الله من العلم الذي ينتفع به. س: أحسن الله إليكم، سائل يقول: كتاب المصباح المنير اختصار تفسير ابن كثير ما رأي فضيلتكم في هذا الكتاب؟ نرى أنه لا بأس به. المختصر هذا يعني حذف بعض الأدلة المكررة، وبعض القصص التي في الكتاب وليست صحيحة وبعض الأحاديث الضعيفة، وكذلك أيضا حذف بعض تفاسير بعض الآيات التي هي ظاهرة، وبقية الزبدة والخلاصة فلا بأس به. س: سائل يقول: كثر في هذا الوقت الكلام عن المهدي وأنه موجود وسيظهر قريبا، فما تقولون في هذا جزاكم الله خيرا؟ هذا من علم الغيب، لا يجوز التدخل في هذه الأمور الغيبية؛ أولا- هناك من لم يصحح الأحاديث التي وردت فيه، واشتهر ذلك عن المتقدمين؛ عن ابن خلدون وغيره. وكذلك أيضا من المتأخرين من طعنوا في هذه الأحاديث التي فيها ذكر هذا المهدي ولكن حيث وجدت أحاديث كثيرة يظهر من مجموعها أن لها أصلا؛ فلا يجوز الطعن فيها جميعا. ثانيا- لا شك أن هذا من الأمور الغيبية؛ لا ندري متى يخرج، ولا أية وقت يحصل فيه؛ لأجل ذلك لا يقال: إنه يخرج في زمن كذا لا بعد سنة، ولا بعد عشر، ولا بعد مائة سنة الله أعلم متى يكون. س: أحسن الله إليكم، السائل يقول: أيهما أفضل الاشتغال بالعلم أم الاشتغال بنوافل العبادات ؟ ذكرنا أن من تعلم العلم كان عليه أن يطبقه ويعمل به سواء العمل بالنوافل أو العمل بالفرائض؛ فطلب العلم لا يشغل عن النوافل؛ لا يشغلك مثلا عن أن تصوم تطوعا، تطلب العلم وأنت صائم. ولا يشغلك أيضا عن أن تصلي النوافل التي قبل الفرائض، تقدم وقت الأذان وتصلي ما يتيسر لك، ولا يشغلك عن أن تتقرب بالدعاء أو بالذكر والأذكار التي قبل الصلاة أو بعدها وما أشبه ذلك. في الوقت سعة تتمكن من الجمع بينهما. س: سائل يقول: هل يجوز أن يتزوج الرجل بامرأة زنى بها ؟ إذا تابت، إذا عرف بأنها تابت، وهو أيضا تاب، وأما إذا بقيت على هذا الفعل، فإن ذلك حراما، ودليله قول الله تعالى: { الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ } . س: أحسن الله إليكم، سائل يقول في سؤال طويل: الجامعات مناط للعلم ومكان للعلم؛ لكن يلجأ البعض لعملية الغش في الامتحان ومسألة الغش مسألة عظيمة حبذا لو أشرتم إلى حكمها. لا شك أن هذا من الأمانة؛ يعني تعلم العلم وتعليمه؛ يقصد منه القائمون على هذه المدارس وهذه الكليات أن يتعلم شباب المسلمين وأولادهم العلم الذي ينفعهم في دينهم ودنياهم؛ وذلك يستدعي أن يبذلوا جهدهم في التعلم والتفهم والتعقل. فإذا واظب طالب العلم على طلب العلم، وبذل وقته ليله ونهاره، وحرص على أن يحصل ما يستفيد به، ثم بعد ذلك اختبر في ذلك؛ فلا يجوز له أن يكون اعتماده على غيره، لا على الكتب، ولا على النقل، ولا على أن يأخذ من غيره؛ بل عليه أن يعتمد على الله تعالى ثم يجيب بما يعلمه. فإذا خالف بذلك اعتبر خائنا؛ اعتبر خائنا لهذه الأمانة، وسمي غشاشا وفي الحديث: { من غش فليس مني } فننصح بالأمانة في هذا، والتقيد بأدائها كما أمر الله. س: سائل يقول أحسن الله إليكم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: ... الطلبة نرى منهم التفريط في الطاعات وفي أوقاتهم، ونرى منهم تكاسلًا عن طلب العلم الشرعي أرجو من فضيلتكم التعقيب على ذلك. لا شك أن هذا مشاهد وأنه صحيح؛ يعني حتى ولو كان الشاب أو الكهل أو الشيخ مستقيما ومن أهل الخير؛ لكن يعتريهم كسل وفتور؛ ولذلك لا يأتون الصلاة إلا بعد الإقامة أو قرب الإقامة كثير منهم. ويقل أن تجدهم يقرءون القرآن أو يحفظونه أو يهتمون بقراءته. وكذلك أيضا تجدهم بعد الصلاة يتسابقون الأبواب تاركين للنوافل التي بعد الصلاة، وتاركين للأذكار مع أنك إذا سألتهم لماذا خرجتم؟ لم يكن هناك دافع إلا مجرد الهوى أو مجرد طواعية النفس. فنقول: إن على المسلم شابا أو كهلا؛ عليه أن يحرص على أن يكون قدوة حسنة في فعل الطاعات، والاستكثار من نوافل العبادة، وكذلك قدوة حسنة في ترك المكروهات فضلا عن ترك المحرمات؛ لأن العامة إذا رأوه وهو طالب علم ورأوا منه هذا التأخر؛ سبوه وسبوا من علمه، وسبوا العلم الذي حصل عليه، وقالوا: هذه نتيجة هذا العلم، هذه نتيجة هذه المدارس وهذه المعاهد وهذه الكليات، نرى أنهم فشا فيهم الكذب، وفشت فيهم المعاصي، يستمعون الغناء والملاهي، ويحلقون اللحى ويطيلون الثياب، ويتمسخرون بأهل الخير، ويطعنون في أهل الصلاح، ولا يقرءون ولا يذكرون الله إلا قليلا. فيكون ذلك سببا في ذم العلم الذي تعلموه، وذمهم وذم من علمهم؛ فنقول: عليك أيها الطالب، عليك أيها الشاب أن تكون مطبقا عالما بما أعطاك الله من هذا العلم، ومتبعا لهذه السنة ومطبقا لها غاية التطبيق، ومسارعا إلى الخيرات عاملا بها بقدر الاستطاعة حتى تكون قدوة حسنة لأهلك ولغيرك من المسلمين. س: أحسن الله إليكم، سائل يقول: نرى في الآونة الأخيرة تتبع بعض الناس لرخص العلماء وذلك عبر القنوات الفضائية، فما حكم تتبع الرخص وحفظكم الله من كل سوء؟ لا يجوز تتبع الرخص التي هي زلات؛ فإن العالم قد يزل؛ ولذلك ورد في الحديث: { اتقوا زلة العالم } ؛ كيف نعرف أن العالم قد زل؟ إذا رأيتموه أفتى بفتوى استنكرها العامة فضلا عن الخاصة، وخالفت الأشياء المعتادة. فيحدث وللأسف -كما ذكر السائل- تتبع زلات هؤلاء العلماء، فيجتمع في الذي يتتبعهم الشر كله. فإذا قبل فتوى من أباح الغناء أو صار فيه هذا العيب، ثم تتبع أيضا رخصة من أباح التصوير أو اقتناء الصور فهذه أيضا مصيبة، ثم أباح أيضا السفور والتبرج؛ وأباح ذلك لنساء المسلمين كانت هذه أيضا زلة كبيرة. وكذلك أيضا إذا أباح بعضهم ترك الصلاة مع الجماعة، وجواز الصلاة منفردا؛ اجتمعت فيه هذه الخصال التي هي شر؛ فاجتمع فيه الشر كله. الذين وقع منهم زلة -زلة واحدة- ما قالوا بجميع هذه الأمور؛ فالذين مثلا أباحوا الغناء ما أباحوا التوسع فيه، ولا أباحوا السفور، ولا أباحوا التصوير، ولا أباحوا سفر المرأة بدون محرم، ولا أباحوا موالاة الكفار، ولا مصادقة الأعداء ونحو ذلك، فإنما أباحها واحد؛ فيعتبر معذورا. فنقول: إن على طالب العلم أن يأخذ الحق ويترك الباطل ولو قال به من قال به. س: سائل يقول: ما حكم أفلام الكرتون التي تحكي بعض فتوحات المسلمين وبعض القصص التربوية الهادفة، والتي تخلو من الموسيقى؟ لا شك أنها من الملاهي ولكن إذا كانت للأطفال الذين يتلهون بها، وينشغلون بها عما هو ضار فلا بأس بها. فأما إذا انشغل بها الآخرون؛ الشباب انشغلوا بها عن العلم، وعن سماع القرآن، وعن سماع الذكر والخير، فنرى أنها مشغلة، ولو كان فيها شيء من تصوير بعض الوقائع ونحوها، قد تباح في بعض المناسبات، أما الانشغال بها دائما فإنه من القواطع . س: سائل يقول: أريد الخروج إلى الجهاد في سبيل الله ؛ فهل يجوز لي أن أخرج بدون إذن والدي؟ لا يجوز؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: { رضا الرب في رضا الوالدين } ويقول في الأم: { الزمها فإن الجنة تحت رجليها } ولما هاجر رجل وترك أبويه يبكيان قال له: { ارجع فأضحكهما كما أبكيتهما } فكل ذلك دليل على أن الوالدين لهما حق، والجهاد في هذه الأزمنة ليس واجبا على الأعيان، وإنما هو من فروض الكفاية . س: يقول: بما أن هنا يوجد معرض للكتاب والشريط الإسلامي؛ نرجو من سماحتكم نصحنا بشراء بعض الكتب والأشرطة ؟ ننصحكم باقتناء وشراء الكتب الإسلامية التي يوثق بأهلها الذين ألفوها، ولا يكون فيها شيء من الانحراف، فإذا كنت تريد الكتب كتب الحديث فيقول ابن القيم وخـذ الصحيحـين اللـذين همـا لعقـد الـدين والإيمـان واسطـتان فالصحيحين وكذا مختصرهما مختصر صحيح مسلم ومختصر صحيح البخاري هذه فيها الكفاية، ويمكنك أن تقرأ المختصر وتستفيد منه. وكذلك نقول: الكتب التي تعتني بالأحاديث الصحيحة. أما ما يتعلق بالأحكام فننصحك بشراء الكتب التي يوثق بأهلها في العلم، كتب ابن قدامة رحمه الله "المغني والكافي والمقنع" وما تفرع عنها فيها الكفاية، وما عداها فإنه يعتبر تكرارا؛ بحيث توجد المسألة في هذا وتوجد في هذا فيعتبر تكرارا. كذلك أيضا في كتب العقائد ننصحك بشراء كتب السلف التي كتبوها في العقيدة كتاب السنة للإمام أحمد ولابنه عبد الله وللخلال وهي أيضا متوفرة ولابن أبي عاصم وكتاب الرد على الجهمية للدارمي والرد على المريسي للدارمي أيضا عثمان بن سعيد وكتاب الشريعة للآجري وكذلك كتب شيخ الإسلام ابن تيمية كالحموية والتدمرية والواسطية وما عليها من الشروح. ولابن القيم أيضا كتب مفيدة كزاد الميعاد، اجتماع الجيوش الإسلامية، وعدة الصابرين، وإغاثة اللفهان وما أشبهها فيها فوائد كثيرة. وكذلك من كتب أئمة الدعوة "كتاب التوحيد وشرحه فتح المجيد" وغيرها أيضا من الشروح. وهكذا أيضا كتب الآداب كرياض الصالحين، وروضة العقلاء، والآداب الشرعية لابن مفلح وأدب الدنيا والدين للماوردي وما أشبهها ففيها خير، فإياك والكتب التي لا أهمية لها. س: أحسن الله إليكم، سائل يقول: ما حكم الإكثار من سماع الأناشيد الإسلامية ؟ ننصح بسماعها إذا كانت فيها شيء من الحماس؛ ولكن الإكثار من ذلك والإكباب عليه من الشواغل والقواطع عن الخير، وعن الاستكثار من العلم. س: سائل يقول: أرجو قول الفصل في المسائل الآتية؛ حكم استخدام كاميرا الفيديو في الدعوة إلى الله ؟ نرى أنها جائزة؛ لأن في هذه الصور شيئا من إظهار تلك الصور أو تلك الأشخاص التي فيها شيء من الحث على العلم أو على العمل أو على الدعوة أو على الجهاد أو ما أشبه ذلك. أما إذا كانت تلك الأفلام ليس فيها إلا صور ملهية أو شاغلة؛ فننصح بالابتعاد عنها. س: السؤال الثاني يقول: ما حكم نظر المرأة للرجل، والرجل للمرأة وخاصة عبر مشاهدة أفلام الفيديو الإسلامي؟ إذا كان النظر بشهوة أو يخاف منه إثارة الشهوة من رجل أو امرأة فلا يجوز، وأما إذا لم يكن هناك شهوة وأمنت الفتنة وكان فيه فائدة، فلعل ذلك مباح بقدر الحاجة. س: أحسن الله إليكم، السائل يقول: هل الدعاء على الإنسان يعتبر من الغيبة ؟ لا شك أنه لا يجوز الدعاء على المسلم إلا إذا كان ظالما، فإن المظلوم يجوز له أن يدعو، وإن كان الأولى له الصبر حتى يأخذ حقه في الآخرة، قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن دعوة المظلوم مستجابة أن الله يقول: { لأنصرنك ولو بعد حين } فأما إذا لم يكن هناك مظلمة؛ فلا يجوز الدعاء على أحد. س: سائل يقول: ما حكم شراء المجلات والصحف التي تحتوي على صور ونساء ومقالات هدامة ؟ لا شك أن هذه من الشواغل، وأنها من المحرمة إذا كانت المقالات هدامة وفاتنة، وإذا كانت مشغلة أو موقعة في شر أو دافعة إليه؛ فوسائل الشر محرمة كفعل الشر. س: سائل يقول: سماحة الشيخ، ما رأيكم في التمثيل الهادف وكذلك مشاهدة المسرحيات التاريخية؟ يظهر أن ذلك جائز إذا كان هادفًا كما يقول السائل، ولم يكن فيه محذور، ولم يكن فيه استهانة بالذين يمثلهم ولا إظهارهم بمظاهر تجلب المزاح ونحوه. س: سائل يقول: هل تنصحون بحفظ المتون دون الشروح، أم يبدأ طالب العلم بحفظ المتون ثم بقراءة الشروح؟ كان مشائخنا ينصحون بحفظ المتون، وكانوا يتفقدون الطلاب الذين عندهم؛ من يحفظ ومن لا يحفظ، فمثلا في الفقه ينصحون بحفظ "زاد المستقنع" ومتن عمدة الفقه، وإذا قرأها الطلاب اختبروا واحدا اقرأ من حفظك وأشباه ذلك. كذلك أيضا في الحديث كانوا ينصحون بحفظ الأربعين النووية وعمدة الأحكام وبلوغ المرام، ويتفقدون تلاميذهم، ويقتضي مع حفظهم حضورهم لشرحها عند المشائخ، يحفظ المتن ثم يشرح له فيفهمه جيدا. وكذلك يذكرون أنهم في طلبهم يحفظون المتون المختصرة في النحو الآجرومية والملحة والألفية، وفي الفرائض الرحبية ونحوها، وفي العقيدة الواسطية، وفي التوحيد كتاب التوحيد وكشف الشبهات وثلاثة الأصول وما أشبه ذلك. فننصح من عنده قدرة أن يحرص على الحفظ لهذه المتون وما أشبهها، أما من يصعب عليه الحفظ فعليه أن يكرر المتون وقراءتها، ويستعين أيضا بقراءة الشروح وبحضور شروحها عند المشائخ. س: أحسن الله إليكم، سائل يقول: الذين لم تصلهم الدعوة ما هي حالتهم يوم القيامة ؟ يختبرون في الآخرة. في بعض الأحاديث التي ذكرها ابن كثير عند قوله تعالى: { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا } { أنهم في الآخرة يقولون: يا ربنا ما جاءنا من بشير ولا نذير ولا سمعنا بالقرآن ولا سمعنا بالشريعة، فيقول الله: أرأيتم إذا أمرتكم بأمر هل تطيعوني؟ فيقولون: نعم، فتمثل لهم النار ويقول: ادخلوها؛ فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما ونجاه الله منها، ومن امتنع قال الله: عصيتني وأنا الذي أمرتك، فكيف لو أتتك رسلي؟ أدخلوه النار } . تقرءون الأحاديث عند تفسير هذه الآية في سورة الإسراء. س: أحسن الله إليكم، سائل يقول: ما حكم تخصيص آخر يوم من أيام السنة بعبادة أو صدقة أو صيام أو غير ذلك؟ لا أصل لذلك. المؤمن عمله دينه؛ ليس له عمل محددا في يوم من الأيام إلا ما ورد تحديده شرعا، فآخر السنة كأول السنة كوسط السنة هو آخر شهر من الشهور. س: سائل يقول: ما صحة القصة المشهورة عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى؛ عندما ناظر بعض الملاحدة الذين أنكروا وجود الله؟ الظاهر أنها صحيحة، تجدونها في تفسير ابن كثير عند قول الله تعالى في سورة البقرة: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ } . س: سائل يقول: ما حكم الولائم فى العزاء ؟ التوسع فيها لا يجوز، أما إصلاح الطعام لأهل الميت بقدرهم فهذا جائز وسنة؛ لقوله عليه السلام: { اصنعوا لأهل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم } فأما التوسع فنرى أن في ذلك شيئا من الإسراف، وأن فيه إحياء عادة لم تكن مأثورة. كذلك أيضا الاجتماع الكلي؛ بحيث يجتمع عند أهل الميت أولاده وإخوانه وأعمامه وأبناء أعمامه وأبناء أعمام أعمامه، والأسرة بأكملها يقيمون في هذا المكان، ويكلفون أهل الميت يكلفونهم ماليا ويكلفونهم عمليا؛ فنرى أن هذا أيضا لا يجوز. س: سائل يقول: كيف نجمع بين قول الله تعالى { تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ } وبين قوله تعالى: { لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ } ؟ نحن الذين لا نفرق بين أحد من رسله؛ لأنا لا نؤمن ببعض ونكفر ببعض، فقد أنكر الله تعالى على الذين يقولون: نؤمن ببعض ونكفر ببعض؛ يعني إن الذين يكفرون بآيات الله ويكذبون الرسل، أو يصدقون بعضهم دون بعض، فمثل هؤلاء ما آمنوا بالرسل. فالإيمان بالرسل من أركان الإيمان. فنحن وظيفتنا أنا لا نفرق بين أحد من رسله لا نؤمن بهذا دون هذا؛ بل نؤمن بأنهم كلهم صادقون ومصدوقون، وأنهم جاءوا من عند الله تعالى بالشرائع التي أنزلت عليهم. وأما الرب سبحانه وتعالى فإنه قد فضل بعضهم على بعض؛ فالتفضيل من الله تعالى، وأما من الناس فإنا علينا الإيمان بهم مع اعتقاد أن بعضهم أفضل من بعض؛ فنعتقد مثلا أن أولي العزم أفضل؛ الذين هم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ونبينا صلى الله عليه وسلم. س: يقول: عندنا أمر منتشر وهو وضع الخرسانة على قبر الميت ؛ فهل ذلك جائز؟ مكروه؛ يعني أن يدخل في قبر أو يجعل عليه شيء قد مسته النار. لا بأس بوضع حجر كعلامة يعرف بها، ورد ذلك في حديث في السنن: { أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع على قبر عثمان بن مظعون حجرا وقال: أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهله } فأما وضع هذه الخرسانة ونحوها، فأرى أنه لا يجوز. س: أحسن الله إليكم، شخص قدم إلى مكة لأداء الحج، وبدأ بالسعي وأخر الطواف إلى يوم النحر ؛ فما حكم ذلك؟ إذا كان سعى بعد طواف القدوم سقط عنه السعي، أما إذا لم يكن طاف للقدوم فلا يجزئه السعي. الجمهور على أن السعي لا بد أن يكون بعد طواف مشروع، ففي هذه الحال يعيد السعي بعد طواف الإفاضة إذا لم يكن طاف للقدوم. س: أحسن الله إليكم، سائل يقول: ما القدر الواجب في المبيت بمنى ؟ الأصل أن الحجاج يقيمون في منى ليلا ونهارا، ولا يخرجون منها إلا لحاجة، وإذا امتلأت حدود منى بنوا خيامهم في مزدلفة ولو تواصلت الخيام إلى آخر مزدلفة ؛ جاز لهم ذلك لأنهم يكونون متصلين بأهل منى ولكن يعتذر كثير من الناس؛ لأنهم لا يجدون مكانا، ولا يستطيعون أن يبنوا خياما؛ وليس معهم قدرة على ذلك فيسكنون في داخل مكة في العزيزية أوفي غيرها. فمثل هؤلاء عليهم أن يأتوا للمبيت في منى ولو على الأرصفة أو في الطرق يفرشون لهم فرشا وينامون هناك، فإذا أصبحوا رجعوا، فإن تيسر أنهم يقيمون أيضا في النهار فهو الأفضل. س: أحسن الله إليكم، سائل يقول: أناس ليسوا من الظعن وخرجوا من مزدلفة قبل طلوع الفجر ؟ يجزئ ذلك؛ ولكن الأولى لهم ألا يرموا إلا بعد طلوع الشمس؛ يعني في الحديث { لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس } ولكن إذا ترخصوا ورموا قبل الإشراق أجزأهم ذلك. س: يقول السائل: ندرس ما يسمى التشريح، مع العلم أننا نُشرح جثث كفار ونلبس القفازين، وأحيانا نلامس الجثث أو تلامس الجثث ثيابنا؛ فهل ملامستها تبطل الطهارة؟ وهل تجوز الصلاة في حالة ملامستنا لها؟ التشريح رخص فيه مشائخ، ولكن منعوا أن يُشرح المسلم فإن { حرمة المسلم ميتا كحرمته حيا، وكسر عظم المسلم ميتا ككسره حيا } لكن إذا كان لا بد من التشريح فيشرح بدن الكافر. ويجوز أيضا تشريح الحيوانات تشريح الدواب ومعرفة أيضا وظائف أعضائها؛ أعني تشريح الأغنام والظباء والأرنب والطيور أو ما أشبه ذلك. ثم ما ذكره نقول: إذا مسستم هذه الجثة فإن عليكم أن تغسلوا الرطوبة التي مستها أيديكم، وكذلك إذا ترطبت الثياب بما في تلك الجثة من الرطوبة؛ فلا بد من غسل تلك الرطوبة، ولا تصح الصلاة إلا بعد تطهير الأيدي وتطهير ما علق بالثياب من رطوبتها. س: يقول السائل: أصبحت ظاهرة بين أوساط الشباب تأخرهم عن الصلاة نريد من سماحتكم نصيحة لهم مع الأسف أنهم شباب وكهول في أغلب البلاد يؤذن المؤذن ويبقى المؤذن والإمام أحيانا ربع ساعة أو ثلث ساعة لا يأتيه إلا فرد أو فردان. وإذا تحروا الإقامة جاءوا مسرعين، ولا شك أن هذا من التفريط والإهمال؛ فننصح بالتقدم إلى المساجد؛ فالذي يتقدم أولا- يحصل له كثرة الخطوات، يحصل على قوله: { دياركم تكتب آثاركم } وثانيا- السبق إلى المسجد فيدخل في قول الله تعالى: { وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ } . وثالثا- الاشتغال بالصلاة؛ بمعنى التقرب بالنوافل، فيصلي تحية المسجد، أو يصلي الراتبة كراتبة الظهر أو أربع ركعات قبل العصر أو ركعتين قبل المغرب أو قبل العشاء، وسنة الفجر وهي مؤكدة. كذلك أيضا تستغفر له الملائكة ما دام ينتظر الصلاة تقول: اللهم اغفر له اللهم ارحمه، وغير ذلك من الفوائد التي تفوت الذين يتكاسلون ويتأخرون. س: أحسن الله إليكم. سائل يقول: ما حكم استئجار امرأة أجنبية حرة للخدمة بمنزلي ؟ وما حكم ...........؟ لا بأس بذلك إذا كانت محتاجة أن تؤجر نفسها، ولو كانت حرة تخدم أهل البيت بإصلاح طعام أو تغسيل ثياب أو إخراج قمامة المنزل، أو نحو ذلك مما تعمله الخادمات قديما اللاتي هن من المماليك؛ حيث لم يعد هناك ملك ولا رق في هذه البلاد، فاحتيج إلى استخدام المرأة ولو كانت حرة؛ ولكن لا تؤجر نفسها إذا كانت مزوجة إلا بإذن زوجها. س: من طاف وكان في محاذاة المسعى وذلك في السطح، فهل طوافه صحيح؟ صحيح إن شاء الله؛ ذلك لأن السطح يضيق في بعض الأماكن؛ فيحتاجون إلى أن يطوفوا في سطح المسجد، جزءا من الطواف فى سطح المسعى وهذا يعتبر من المسجد؛ وذلك لأن حدود المسجد هي الحيطان الشرقية التي هي الأبواب التي على المسعى؛ فأصبح المسعى من البيت يعني من المسجد الحرام س: سائل يقول: ما حكم من أتى بعمرة في أشهر الحج وهو يريد الحج وخرج من مكة ؟ إذا رجع إلى بلاده، ثم رجع إلى مكة وقت الحج وأحرم بالحج سقط عنه دم التمتع؛ حيث انقطع بالسفر فلا دم عليه؛ لأن دم التمتع على المتمتع إذا لم يسافر إذا بقي في مكة إلى أن حج بعد العمرة فعليه دم، فأما إذا رجع إلى بلده أو بلد بعيدة فإنه يسقط عنه دم التمتع. س: سائل يقول: رجل رمى جمرة العقبة، ونحر الهدي وتحلل قبل أن يحلق أو يطوف فماذا عليه؟ أخطأ؛ لأن التحلل الأول لا بد فيه مع الرمي من أحد اثنين: إما الحلق، وإما الطواف ولكن هناك تساهل كثير لهذا التحلل. س: من ترك طواف الوداع لظروف صحية كالتعب والزكام ونحو ذلك عليه دم جبران إذا تركه فلا بد من دم جبران يذبح بمكة س: ما حكم الدعاء على الكفار الذين يحاربون المسلمين ويقتلون النساء والأطفال والشيوخ؟ يجوز ذلك رجاء أن الله تعالى يرد كيدهم، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو إذا قابل العدو يقول: { اللهم مجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وزلزلهم وانصرنا عليهم } فيدعى عليهم أن الله تعالى يذلهم وأنه يرد كيدهم في نحورهم. س: يقول السائل: ما صحة هذا الحديث { لا يعذب بالنار إلا رب النار } ويقول: وكيف حرق علي رضي الله عنه الغلاة فيه؟ الحديث صحيح. كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أرسل قوما قال: { إن لقيتم فلانا فأحرقوه، ثم استدعاهم مرة ثانية وقال: لا تحرقوه فإنه لا يعذب بالنار إلا رب النار؛ ولكن اقتلوه } علي رضي الله عنه اجتهد وحرق الغلاة لما أنهم قالوا قولا شنيعا؛ أنكر عليه ابن عباس وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { لا يعذب بالنار إلا رب النار } فإن الواجب قتلهم لقوله صلى الله عليه وسلم: { من بدل دينه فاقتلوه } . س: ما كفارة من حلف بالطلاق أو بالحرام ؟ إذا حلف بالطلاق ولم يقصد إلا الحلف عليه كفارة يمين، وكذلك إذا حلف بالحرام ولم يعين تحريما. إذا قال: علي الحرام، أو هذا علي حرام؛ فعليه كفارة يمين قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ } ثم قال: { قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ } أي بين لكم كفارة تحلة أيمانكم، أما إذا حرم زوجته، فعليه كفارة الظهار. س: سائل يقول: ما الحكمة في عدم تغطية المرأة وجهها في الصلاة ؟ لأجل أن يباشر وجهها الأرض ويسجد عليه؛ وذلك لأن السجود شرع فيه التذلل، وأشرف شيء في الإنسان -ذكرا أو أنثى- وجهه، فإذا وضعه على الأرض كان ذلك دليل التواضع ودليل التذلل، فوضع الوجه على الأرض في السجود من أفضل القربات. س: السائل الآخر يقول: ما الحكمة من توزيع الفدية على فقراء مكة ... ؟ |