( المواقيت ) حد رسول الله- صلى الله عليه وعلى أهله وسلم- أماكن لكل من جاء يريد الحج والعمرة، وأمر- عليه الصلاة والسلام- الناس أن يحرموا عند وصولهم إليها ما داموا قاصدين الحج والعمرة؛ لذلك يجب على كل مسلم أن يحرم من الميقات إذا مر به، ولا يتجاوزه دون إحرام. س: وما المواقيت التي حدها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ - المواقيت التي حدها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خمسة: وهي ذو الحليفة المسمى الآن أبيار علي وهذا الميقات خاص بأهل المدينة النبوية ومن مر بها ممن يريد الحج والعمرة. س: وأين يقع هذا الميقات؟ هذا الميقات يقع على يمين قاصد مكة المشرفة بعد خروجه من المدينة النبوية وبينه وبين المدينة أحد عشر كيلو تقريبا. أما الميقات الثاني: فالجحفة بالقرب من رابغ في جنوبه الشرقي، بينها وبين رابغ قرابة خمسة كيلو مترات. س: ومن الذين يحرمون من هذا الميقات؟ يحرم من هذا الميقات كل من أتى من الشمال الغربي للحجاز كأهل مصر والشام والمغرب الذين لم يمروا بالمدينة ولكون الجحفة لا تقع على طريق السالك في هذه الأزمنة؛ فإنه يمكنه الإحرام من بلدة رابغ لقربها من الجحفة . الميقات الثالث: قرن المنازل الذي يسمى الآن السيل الكبير وهو واد متصل بوادي مُحْرِم؛ لذلك يُحْرِم مَن جاء من الجنوب عن طريق السراة من وادي مُحرم ومن جاء من نجد من قرن المنازل وبين قرن المنازل ومكة خمسة وسبعون كيلو. س: وماذا عن الذين يأتون من الجنوب عن طريق تهامة ؟ هؤلاء يحرمون من يلملم التي تسمى الآن السعدية ومثلهم كل قادم من جنوب وجنوب غربي الحجاز كأهل اليمن والسودان ؛ وبهذا يكون البيت الحرام قد أحيط من جميع الجهات بالمواقيت. بقي ميقات الذين يأتون من شمال شرق الحرم هؤلاء ميقاتهم ذات عرق ويسمى الآن الضريبة كمن يقدم من العراق ولكون الطريق لا يمر على هذا الميقات الآن؛ فإن أهل العراق يحرمون من ميقات أهل نجد وهو قرن المنازل . قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن هذه المواقيت بعد أن وقتها: { فهن لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة، فمن كان دونهن فَمُهَلُّه من أهله، وكذلك حتى أهل مكة يهلون منها } . س: قوله صلى الله عليه وسلم: { فمن كان دونهن فمهله من أهله، وكذاك حتى أهل مكة يهلون منها } هل يعني هذا أن الذين يسكنون دون المواقيت لا يلزمهم الذهاب إليها؟ نعم. الذين دون المواقيت ميقاتهم محالهم التي هم فيها؛ فأهل جدة والجموم وقديد ونحوها يحرمون من محالهم، وكذا من تجاوز الميقات وهو لا يريد الحج أو العمرة، أو كان مترددا، ثم عزم عليه فإنه يحرم من المكان الذي عزم فيه على ذلك، وإن كان قد تجاوز الميقات. أما من كان ناويا الحج، أو العمرة وهو خارج المواقيت فإنه لا يجوز له تجاوزها إلا بإحرام؛ فإن خالف ذلك، وأحرم بعد تجاوز الميقات لزمه دم، وإن عاد إلى الميقات قبل أن يحرم وأحرم منه فلا دم عليه. س: وماذا يصنع من وصل إلى ميقاته وهو مريد للحج، أو العمرة؟ يشرع لمن وصل إلى الميقات وهو مريد للحج أو العمرة أمور، فمنها: الاغتسال، الرجال والنساء في استحبابه سواء، حتى الحائض والنفساء تغتسل، وتحرم، وتظل على إحرامها حتى تطهر، ثم تغتسل من حيضها أو نفاسها، وتأتي بما بقي عليها من نسك. س: ولكن الذي نراه من كثير من النساء أنهن إذا وصلن الميقات وهن حيض لا يحرمن؛ بل تنتظر إحداهن حتى تطهر. هذا من الأخطاء التي يكثر وقوع بعض النساء فيها ظنا منهن أن الحائض والنفساء لا يجوز لهما الإحرام وهذا خطأ؛ بل يجب عليهما الإحرام من الميقات، وإن كان دم الحيض أو النفاس قد نزل عليهما، وهو ما أمر به رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها- حيث قالت: { خرجنا مع النبي- صلى الله عليه وسلم- ولا نرى إلا الحج حتى إذا كنا بسرف -وهو اسم لموضع كان بين مكة والمدينة - قالت: حتى إذا كنا بسرف أو قريبا منها حضت، قالت فدخل علي النبي- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وأنا أبكي فقال: أنفستي؟ -يعني: الحيضة.- قالت: قلت: نعم، قال: إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم فاقضي ما يقضي الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي } . الأمر الثاني: التنظف بتقليم الأظفار ونتف شعر الإبط وحلق شعر العانة وقص الشارب وكل ذلك من سنن الفطرة المستحبات. الأمر الثالث: التجرد من الثياب للرجال وجوبا، ولبس ثوبي الإحرام، ويستحب أن يكونا أبيضين جديدين، أو غسيلين: إزارا ورداء. س: وماذا عن لباس المرأة؟ أما المرأة فتلبس ما شاءت من ثياب بشرط كونها ثيابا ساترة، ليس فيها تشبه بالرجال. س: نسمع في موسم الحج كلاما حول لبس النظارة، والنعال فماذا عن هذا؟ لا بأس بلبس النعال والنظارة، والساعة، والحزام الذي توضع فيه النقود. أما الأمر الرابع: فهو الإحرام بعد صلاة فريضة، أو ركعتي نافلة وهو من المستحبات. الخامس: لا بأس بالتطيب في الجسد والثوب قبل الحرام، أما بعده فممنوع منه الحاج ذكرا كان، أو أنثى حتى يحل إحرامه. السادس: النية وهي شرط لا يصح الحج إلا بها، أما صفتها فأن ينوي النسك الذي يريد أداءه، فإن كان يريد التمتع قال سرا في نفسه: اللهم إني أريد العمرة فيسرها لي، وتقبلها مني، وأعني عليها، وهو مستقبل القبلة، ويقول: فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني لبيك اللهم عمرة. وإن كان يريد القِران قال: اللهم إني أريد العمرة والحج، وإن كان يريد الإفراد قال: اللهم إني أريد الحج. س: ولكن سمعنا من يقول إن التمتع هو النسك الواجب، أما القران والإفراد فلا يجوز فعلهما. هذا كلام عار عن الصحة، وهو خلاف ما أجمع عليه علماء الإسلام. انظر لنا يا أبا مصعب ماذا قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- تعالى في هذه المسألة؟ قال رحمه الله: هذا قول باطل لا أساس له من الصحة، وقد أجمع العلماء على الأنساك الثلاثة: الإفراد والقران والتمتع. س: ولكن متى تكون التلبية؟ التلبية بعد الاستواء على المركوب، أما صفتها فيقول: لبيك اللهم لبيك الله لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، ولا بأس أن يزيد لبيك لبيك وسعديك، والخير بيديك لبيك، والرغباء إليك والعمل، أو لبيك إله الحق لبيك، أو لبيك اللهم لبيك لبيك إله الآخرة. ومعنى لبيك: إجابة بعد إجابة لله تعالى؛ فهو قصدي ووجهتي، وله محبتي وطاعتي. س: وهل يقتصر عليها في أول إحرامه، أو يستمر في تلبيته؟ السنة في التلبية أن يستمر فيها الحاج، ويكثر منها، خاصة عند الصعود والهبوط، وتجدد الأحداث، وفراغه من الصلاة حتى يبدأ في الطواف، يجهر بها الرجال، وتخفيها النساء، ويستحب له كذلك أن يكثر في طريقه من التسبيح والتهليل والتكبير والتحميد والاستغفار، يا أبا البراء افتح كتابا واقرأ من أحاديث فضائل الحج. نعم. قال: المصنف- رحمه الله- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { جاءني جبريل فقال يا محمد مر أصحابك فليرفعوا أصواتهم بالتلبية؛ فإنها من شعائر الحج } . وقال صلى الله عليه وسلم: { من أضحى يوما محرما ملبيا حتى غربت الشمس غربت بذنوبه كما ولدته أمه } . وعن أبي هريرة - رضي الله عنه- عن النبي-صلى الله عليه وسلم – قال: { ما أَهَلَ مُهِلٌّ قَط إلا بُشِّرَ، ولا كبر مكبِّر قط إلا بُشِّرَ، قيل: يا نبي الله، بالجنة؟ قال: نعم } وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { ما من ملب إلا لبى ما عن يمينه وعن شماله من شجر وجحر، حتى تنقطع الأرض من هاهنا وهاهنا } ؛ يعني عن يمينه وعن شماله. نسأل الله تعالى أن يوفقنا لنيل هذه الأجور العظيمة آمين. س: ولكن كيف يفعل من كان مسافرا بالطائرة؟ من كان مسافرا بالطائرة، وخشي أن يفوته الإحرام من الميقات فليسأل عنه قبل الوصول إليه، فإن لم يجد من يرشده فعليه أن يحتاط، ويحرم بوقت يعلم به أنه أحرم قبل تجاوز الميقات. س: وماذا عن مدينة جدة هل هي من المواقيت؟ مدينة جدة في هذا الزمن أصبحت بوابة الحرمين ومعظم الحجاج يأتون عن طريقها؛ لذلك أصبح هذا السؤال يتكرر من كثير الناس، وقد درس وضعها مجمع الفقة الإسلامي، وهيئة كبار العلماء، وأفتوا بأنها داخل المواقيت، وليست ميقاتا للحجاج؛ إنما هي ميقات لأهلها ولمن جاء من غير أهلها لا يريد حجا ولا عمرة، ثم أراد النسك بعد وصوله إليها فإنه يحرم منها. انظر لنا يا أبا مصعب ماذا قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله- تعالى في هذه المسألة؟ حسنًا قال رحمه الله: جدة ليست ميقاتا للوافدين، وإنما هي ميقات لأهلها، ولمن وفدوا إليها غير مريدين الحج ولا العمرة، ثم أنشأوا الحج والعمرة منها. |