كذلك أيضا من آداب الحج: اختيار الصحبة الصالحة؛ أن يختار في حجه أصحابا ورفقاء صالحين من العلماء والعباد والزهاد وأهل الخير والفضل الذين يذكرونه إذا نسي، ويعلمونه إذا جهل، وينشطونه إذا كسل، ويساعدونه إذا نقصه شيء، ثم يتزود منهم أخلاقا وآدابا صالحة؛ وذلك لأن المرء على دين خليله. وقد ورد في الحديث قوله -صلى الله عليه وسلم- { لا تصحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي } لا تصحبه سواء في سفر أو في حضر، أو في برّ أو بحر؛ لا تصحب إلا مؤمنا يعني: تقيا نقيا صالحا من عباد الله الصالحين. ولا شك أن الحج من الأعمال الصالحة، ومن القربات المحبوبة التي يحبها الله تعالى ويثيب عليها؛ فيندب أن يكون أصحابك علماء عبادا زهادا صالحين يساعدونك على الخير. أما إذا صحب فسقة أو جهالا، أو من لا رغبة لهم في الخير؛ فإنه لا يتزود مثلما يتزود غيره. لا بد أن يكون أصحابك في سفرك من أهل العلم ومن أهل الخير، لا شك أن هذا مما يندب الإتيان به في كل الحالات. وقد أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بصحبة الأخيار في قوله تعالى: { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } فأهل الترف وأهل الإسراف وأهل البذخ وأهل التكبر وأهل الإعجاب بالأنفس -وكذلك أهل الفسوق وأهل المعاصي ، وأهل السهر على المعاصي وما أشبهها، وأهل الذنوب الظاهرة والباطنة- لا يزيدون الإنسان إلا شرا، وربما يكون بصحبته لهم يقسو قلبه وينفر عن العبادة، وتثقل عليه الطاعات ويحب المعاصي ويحببها إلى غيره؛ فيستاء بهذه الصحبة. فلذلك كان السلف -رحمهم الله- يختارون لسفر الحج ولسفر الغزو ونحوه الصحبة الصالحة أهل الصدق وأهل الوفاء. |