كذلك نعرف أن الله سبحانه وتعالى ما فرض هذا الحج لأجل أن يكلف عباده، وأن يشق عليهم، ولا فرضه أيضا لحاجة به إلى عباداتهم ولا إلى أقوالهم وأفعالهم؛ فإنه سبحانه غني عن عباده، غني عن أعمالهم غني عن أفعالهم، ولكن أمرهم بذلك من باب التكليف، ومن باب المصلحة؛ لأن فيه مصلحة عظيمة وفضائل كثيرة، ولأجل ذلك قال الله تعالى: { لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ } فلا بد أن في الحج فوائد ومنافع، ولو لم يكن فيه إلا إظهار الذل والتواضع فإن المحرمين يتواضعون لربهم بكشف رءوسهم ولبس هذه الأردية، وتجردهم من أكسيتهم التي هي ثياب الجمال وثياب الزينة والريش الذي يتزينون به؛ فإن ذلك عبودية وذل وخضوع وتواضع لله سبحانه وتعالى، وانكسار بين يديه. وقد جاء في الأثر: (أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي). فهذه من أعظم الفوائد، كذلك أيضا عمارة هذه المساجد هذا المسجد الحرام عمارته بالصلاة فيه، وبالعبادة فيه لا شك أنها أيضا فيها أجر كبير؛ حيث أخبر صلى الله عليه وسلم بأن الصلاة في المسجد الحرام تضاعف أضعافا كثيرة، أن من صلى فيه صلاة واحدة فإنها تعدل مائة ألف صلاة في سائر المساجد باستثناء المسجد النبوي والمسجد الأقصى وهذا أيضا من المنافع والفوائد. كذلك أيضا من أعمال الحج الطواف بهذا البيت الذي هو عبادة للرب سبحانه وتعالى، وليس الطواف عبادة للبيت ؛ فإن البيت مخلوق، الله سبحانه وتعالى ربه وخالقه، ولهذا قال تعالى: { فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ } فالطواف عبادة للرب سبحانه وتعالى؛ ولهذا .. الطائفون يذكرون الله ويدعونه، ويتلون كتابه: يقرءون ويدعون ويذكرون الله تعالى، ويسبحون الله ويكبرونه ويهللونه ويحمدونه ويثنون عليه ويستغفرون من ذنوبهم ويدعون الله تعالى بقلوب حاضرة، ولا ينشغلون بشيء يشغلهم عن عبادة الله وإن أبيح فيه الكلام؛ إلا أنه لا يتكلم فيه بكلام الدنيا وما يقرب منها؛ ولهذا روي في حديث: { أن الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام، فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير } . ولهذا يشترط له الطهارة من بين سائر المناسك، يشترط أن يكون الطائف متطهرا، استدل على ذلك بقوله تعالى: { وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ } بدأ بالطائفين فأمر بأن يطهر البيت له، ولما كان المشركون غير أهل للطهارة قال تعالى: { إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ } أي أبعدوهم عنه؛ لأنهم نجس، ولأن المسجد الحرام له قدسيته وله مكانته. وكذلك أيضا جاء أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما أراد أن يطوف بعد أن توضأ، ولما حاضت امرأته عائشة قال لها: { افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري } فدلنا ذلك على أن الطهارة تعتبر شرطا، أن الطهارة شرط للطواف؛ فلا يطاف إلا بطهارة، وهذا دليل على قدسية هذا البيت . كذلك أيضا بقية المناسك وبقية الأماكن التي يتعبد فيها. العبد إذا أتى إليها يكون فيها خاشعا وخاضعا ومتواضعا، فطوافه بين الصفا والمروة يعتبر أيضا عبادة؛ وذلك أن الله أخبر بأنها من شعائر الله، قال الله تعالى: { إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ } وإذا كانت من شعائر الله فإن كل مشعر له عبادة، وعبادة الصفا والمروة الطواف بينهما؛ يعني بهذا السعي الذي أمر الله به، والذي بينه النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث صحيح أنه قال: { اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي } ؛ يعني أوجبه عليكم، فهذا دليل على أن هذه المشاعر يتعبد العباد فيها إذا كانوا بين الصفا والمروة فإنهم أيضا يشتغلون بالدعاء، يدعون الله ويخشعون له ويقرءون كتابه ويذكرونه بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، ويثنون عليه؛ فذلك غاية التعبد. كذلك أيضا وقوفهم خاشعين بعرفة خاشعين وخاضعين، ومهطعين ومقنعي رءوسهم، ومتذللين لربهم يعرفون أنهم في مكان شريف فاضل، وأنهم أمروا بهذا الوقوف حتى يتم بذلك وقوفهم وحجهم، ولهذا يجتمعون فيه كلهم. كل الحجاج يجتمعون في تلك الأماكن خاشعين خاضعين، لا شك أيضا أن ذلك من العبادة. وهكذا أيضا مبيتهم في مزدلفة وذكرهم لله سبحانه وتعالى؛ امتثالا لقوله عز وجل: { فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ } المشعر الحرام والذي هو المزدلفة وقف بها النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: { وقفت هاهنا وجَمْعٌ كلها موقف } ؛ يعني جَمْعٌ: هي المزدلفة كما أنه وقف بعرفة وقال: { وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف } . وكذلك أيضا المبيت بمنى لا شك أيضا أنه عبادة وقربة؛ وذلك لأن الحجاج يتركون بلادهم، ويتركون أعمالهم ويقيمون في هذا المكان ثلاثة أيام أو أربعة، وكلها عبادة، يكونون في عبادة، فمن عبادتهم: نحر هديهم وقرباتهم التي يتقربون بها إلى الله وفدية تمتع وفدية قران، كل ذلك ينحرونه أو يذبحونه أو يقيمون مقامه من يذبحه فهذا من العبادات. كذلك أيضا رميهم للجمرات يعتبر أيضا عبادة؛ حيث إنهم يتذكرون بذلك خليل الله تعالى، وابنه إسماعيل لما رموا الشيطان في هذا المكان، وكذلك أقام ذلك النبي-صلى الله عليه وسلم- فسن لأمته الرمي لهذه الجمرات، وأمرهم أن يكبروا، وكبر هو عند كل حصاة يرمي بها، وجعل ذلك من ذكر الله سبحانه وتعالى. كما ثبت عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت:" إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار؛ لإقامة ذكر الله سبحانه وتعالى، فهذا أيضا من المشاعر؛ يعني رمي الجمار. كذلك أيضا الإقامة هذه الأيام، والاشتغال بالذكر امتثالا لأمر الله -عز وجل- قال الله تعالى: { وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ } الأيام المعدودات: هي ثلاثة أيام بعد العيد اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر هذه أيام منى وأيام التشريق؛ اذكروا الله في أيام معدودات، اذكروا الله ذكرا مطلقا وأكثروا من ذكره، واذكروا الله بالتكبير بعد الصلوات المكتوبة كل صلاة يصليها المسلم في جماعة يرفع صوته بالتكبير بعدها؛ فاذكروا الله عند ذبح هديكم، أو دماء تمتعكم، اذكروا الله عند الرمي، اذكروا الله عند الأكل وعند الشرب مما أباح الله تعالى لكم، ولهذا قال الله تعالى: { فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ } { فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ } ؛ يعني عن النحر، عند ذبحها أو نحرها. كذلك ذكر الله تعالى المطلق. أي لا تغفلوا عن ذكر الله؛ فهذا كله من منافع الحج التي أمرنا الله تعالى بأن نكثر من ذكره فيها، وأن نتقرب إليه بهذه العبادات التي يحبها، ولا شك أنه سبحانه غني عنا وعن عبادتنا؛ وإنما هذا لأجل أن نكون دائما ذاكرين ربنا غير غافلين عن ذكره؛ فإن ذكر الله تعالى سبب لحياة القلوب. قال تعالى: { أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } ؛ ولأن العباد إذا أكثروا من ذكره عظم قدر ربهم في قلوبهم، واستحضروا دائما عظمته وجلاله وكبريائه؛ فكان ذلك دليلا على هيبتهم دائما وعلى خشوعهم وخضوعهم وتواضعهم دائما، وعدم الغفلة عن ذكر ربهم سبحانه وتعالى، وكان ذلك حاملا لهم على أن يستمروا على العبادة، ويكثروا من الطاعة، ويتوبوا إلى الله تعالى من المحرمات. وإلا فقد أخبر تعالى بغناه عنهم في قوله تعالى: { فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ } وفي قوله تعالى: { وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ } الله الغني ونحن الفقراء، والعباد لا غنى بهم عن ربهم طرفة عين، فإذا علمنا أن الله تعالى شرع هذه العبادة لإقامة ذكره؛ فعلينا أن نكثر من ذكره، وأن نحمده دائما، وأن نشتغل بطاعته ولا نغفل عن ذكره، كما نهانا عن ذلك بقوله: { وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ } . ..وشكره، وافتكار دائما عظمته، ويؤمن أيضا بأن الله سبحانه وتعالى غني عن عباده، ويؤمن بأنه خزائنه ملأى لا تضره النفقة ولا العطاء؛ فعطائه كلام وعذابه كلام، وإنما أمره لشيء إذا أراده أن يقول له كن فيكون، وأنه لا تفنى خزائنه، كما جاء في حديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: { يمين الله ملأى لا تغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه } . هكذا أمر عباده بأن يدعوه، وأمرهم بأن يعبدوه وأن يخلصوا له العبادة، ووعدهم بأنه يعطيهم ويجيبهم ويغنيهم، ويعطيهم ما سألوه مهما سألوه؛ فإن ذلك كله سهل يسير على الله سبحانه وتعالى، كما جاء في حديث قدسي أن الله تعالى يقول: { يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد، فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط عندما يدخل البحر } دليل على أن الله سبحانه وتعالى يعطي عباده، ولا يضره ولا ينقصه ما أعطاهم. فعليهم أن يظهروا الرغبة إلى الله في هذه الأماكن الشريفة، ويرفعوا إليه أكف الضراعة، ويسألوه من واسع فضله، ويسألوه رحمته، ويسألوه عطاءه ومنّه وفضله وامتنانه، وهو سبحانه يجيب من دعاه ويعطي من سأله، كما قال تعالى: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } . نسأل الله أن يتقبل منا أعمالنا. نقول: اللهم اجعل أعمالنا صالحة، واجعلها لوجهك خالصة، ولا تجعل لأحد فيها شيئا. اللهم اجعل حجنا مبرورا وسعينا مشكورا وذنبنا مغفورا وعيبنا مستورا وعملنا صالحا مقبولا. واللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، ولا تردنا بعد الدعاء خائبين، ولا تجعلنا من رحمتك محرومين، ولا عن باب رجائك مطرودين، واجعلنا برضاك من الفائزين. اللهم هذا الدعاء ومنك الإجابة، وهذا الجهد وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بك، اللهم أصلح أعمالنا وأصلح أقوالنا وأصلح نياتنا وذرياتنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل اللهم ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم أصلح من في صلاحهم خير للإسلام والمسلمين، ودمر من في تدميرهم خير للإسلام والمسلمين يا رب العالمين. إنك على كل شيء قدير، والله أعلم، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه وسلم. أسئـلة س: جزى الله الشيخ خير الجزاء. في الحقيقة الأسئلة كثيرة ولكن نذكر ما نستطيع منها. هذه السائلة تقول:يا فضيلة الشيخ، جزاك الله خيرا وأعانك على طاعته. أختك في الله تعاني من السحر منذ عشر سنوات، وترجو منك الدعاء لها بالشفاء في هذه الأيام الفضيلة علّها توافق ساعة إجابة بدعائك، وتأمين المسلمين في المخيم معك، جعل الله ذلك في ميزان حسناتك. نوصيها وغيرها بالعلاج الشرعي، الذي هو الرقية الشرعية. إذا كان الراقي –بإذن الله- مؤمنا تقيا، من أهل الإيمان والصلاح الذين لا يريدون برقيتهم إلا وجه الله تعالى، وكان من الصالحين المصلحين الذين لا يأكلون حراما ولا مشتبها وكان من العارفين بالآيات التي فيها شفاء -بإذن الله تعالى- فإن رقيته تحل أعمال الشياطين؛ وذلك لأن السحر عمل شيطاني. ونوصيها أيضا بكثرة الدعاء، أن تدعو ربها وتكثر من دعائه، وكذلك أيضا نوصيها بأن تتشافى بماء زمزم ؛ فإن { ماء زمزم لما شُرب له } وندعو الله تعالى لها ولسائر المتضررين من المسلمين بالشفاء، فنقول: اللهم اشفها وعافها واشف مرضى المسلمين، وأزل ما بها وبهم من اللأواء والشدة ومن الأضرار والأحوال الشيطانية إنك على كل شيء قدير. س: جزاكم الله خيرا. هذا سائل فضيلة الشيخ، يقول: هل يجوز رمي الجمار بحصى أخذت من مزدلفة لأني لا أستطيع جلب الحصى الآن لكثرة الخيم وانعدام المكان القريب؟ الحصى يؤخذ من كل مكان، سواء من مزدلفة أو من منى أو من مكة وليس هناك موضع يختص أن يكون الرمي فيه. س: جزاكم الله خيرا. فضيلة الشيخ، هل يجوز الرمي قبل الزوال وفقك الله؟ الأصل أنه لا يجوز، لكن إذا كان هناك ضرورة وشدة حاجة، بأن يخشى فوت رحلة إذا لم يتعجل فله أن يرمي في الساعة العاشرة أو نحوها؛ حتى لا تفوته رحلته ولا يتضرر. س: فضيلة الشيخ، يقول السائل: أحسن الله إليكم. المشروع للحاج التكبير المطلق أو المقيد، وهل المشروع التكبير من بداية أيام العشر مطلقا؟ التكبير المطلق: من أول العشر إلى صلاة العيد، إلى الانتهاء من صلاة العيد في حق أهل القرى، والتكبير المقيد الذي بعد كل صلاة: يبدأ من فجر يوم عرفة ويستمر إلى العصر اليوم الثالث عشر بعد كل صلاة تصلى في جماعة، وأجاز بعض العلماء التكبير المطلق في أيام التشريق، ولا ينكر على من فعله. س: بارك الله فيكم. يقول فضيلة الشيخ: يشهد الله أني أحبك في الله، سؤالي من يسكن في العزيزية هل يكفي المبيت في منى إلى منتصف الليل الساعة الثانية عشر أم ماذا من الوقت؟ أحبك الله ورزقنا حبه وحب من يحبه، والعمل الذي يقربنا إلى حبه، ونقول: الأصل المبيت في منى والأصل الإقامة في منى ولكن رخّص بعض العلماء في الخروج في النهار، وجعل الواجب هو المبيت في الليل، وعلى هذا فلا بد أن يكون المبيت في الليل؛ يعني النوم في الليل بأن يكون من بعد العشاء إلى الصبح إلى أن يصلي الفجر، يكون في منى أو في حدود منى ونقول للذين يكونون في مزدلفة إنهم إذا لم يجدوا مكانا أقرب من هذا فإنهم معذورون، ويبيتون في أماكنهم: المخيمات التي في مزدلفة ولو اشتبكت الخيام إلى نصف مزدلفة فإن لهم ذلك، وما ذاك إلا أن هذا يعتبر مثل الإقامة في منى ؛ لأنهم متصلة الخيام بينهم وبين أهل منى . وأما الذين يستأجرون في العزيزية أو في غيرها من أحياء مكة فنرى أنهم قد أخطأوا فإنما عليهم أن يبنوا خيامهم، أو يستأجروا الخيام التي تكون في مزدلفة أو تتصل بمزدلفة أو تتصل بمنى هذا هو الذي نراه أنه واجب على الحجاج، فهؤلاء الذين يترفهون ويسكنون في العزيزية في شقق، وفي أماكن مكيفة مهيأة، يريدون بذلك أن يرفهوا على أنفسهم نعتبرهم قد أخطأوا، وأن الواجب عليهم أن يكونوا في منى ليله ونهاره. س: جزاكم الله خيرا. فضيلة الشيخ، يقول السائل: حصل شجار بيني وبين زوجتي وقلت لها: علي الطلاق إذا جاء جواز السفر من عند عملك سوف أسفرك ثاني يوم، ولم يأت الجواز في هذه المرة، وتكرر ذلك مرة ثانية بنفس اللفظ بعد ثلاثة أيام، وأتى بعدها الجواز، وقمت بالتفريج لها من الجوازات وبعد أسبوع مرة ثانية تكرر فقلت لها: إذا سافرتي لوحدك سوف تكونين طالق طالق طالق شافعي ومالكي وأبو حنيفة، ثم سافرت ومعها إحدى بناتها، وكل ذلك كان تهديدا مني لها فقط أفتونا مأجورين. أفتى مشائخنا أنه إذا كان تهديدا، ولم يكن قاصدا للطلاق ولا عازما عليه أن هذا التهديد يعتبر يمينا مكفرة. أي عليه أن يكفر كفارة يمين بإطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم. س: جزاكم الله خيرا. فضيلة الشيخ، تقول السائلة: ما حكم لبس النقاب أثناء الطواف سواء كان طواف حج أو عمرة؟ إذا لبست النقاب فعليها فدية: صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة. تفعل واحدة منها إذا كان عارفة، وأما إذا كان جاهلة وناسية فهي معذورة. س: يقول السائل: فضيلة الشيخ، غدًا يوم الثاني عشر، ويكون الناس أكثرهم مسافرين، ويكون فيه زحمة في رمي الجمار ووالدتي كبيرة وأخاف عليها فهل يجوز أن توكلني، وهل يجوز أن أطوّفها على الخشب؟ إذا كنت ممن يتعجل؛ يعني أنك سوف تتعجل في اليوم الثاني عشر، ولا ترمي يوم الثالث عشر وكانت كبيرة أو عاجزة وكلتك على الرمي، وكذلك أيضا لك أن تستأجر من يطوف بها على السرير، وطوافها يعتبر كاملا إذا كانت متطهرة ومنتبهة. س: جزاكم الله خيرا. السائل يقول يا شيخ: هل التعجل ورمي الجمار بعد عصر اليوم الثاني عشر، ثم التوجه لطواف الوداع، في هذه الحالة ستدركني صلاة المغرب وربما العشاء في الحرم فهل أبقى اليوم الثالث عشر لو أدركني الليل، أو أذهب إلى بلدي بعد طواف الوداع؟ إذا لم تعد إلى منى سقط عنك رمي ومبيت اليوم الثالث عشر إذا خرجت برحلك من منى قبل الغروب، أما طواف الوداع فإذا طفته بعد العصر ولم تخرج بأن بت تلك الليلة فإنك في هذه الحال يلزمك أن تعيد طواف الوداع، من بات وأقام بعد طواف الوداع بأن طاف أول الليل، ولم يخرج إلا من غد فإنه يعيد طواف الوداع. س: فضيلة الشيخ، يقول السائل: لقد استعملت في مزدلفة مناديل معطرا الذي من وزعت علينا من قبل الحملة. فهل يلزمني شيء يا سماحة الشيخ؟ العطر الذي فيها ليس ظاهرا وليس له رائحة ذكية يصير، أو يعلق باليدين أو بالوجه منه شيء فيعفى عنه؛ لأنه ليس طيبا ظاهرا. س: فضيلة الشيخ، امرأة كانت طافت طواف الإفاضة في زحام شديد فأحدثت أثناء الطواف ومع ذلك أكملت. فهل يلزمها شيء؟ نعم. تعيد طواف الإفاضة، وإن طافت طواف الوداع وسعت بعده ونوت أنه قضاء لطواف الإفاضة كفاها عن الوداع. س: فضيلة الشيخ، سائلة تقول: أنا امرأة حاجة وهو وقت الدورة، ولكني أتناول حبوب منعها باستشارة الدكتور، ولكن لاحظت قبل طواف الإفاضة بفترة بسيطة علامة خفيفة جدا من الدورة، وبعد ذلك اختفت وأتممت طواف الإفاضة، وهذا اليوم لاحظت نفس العلامة الأولى وأنا ما زلت أتناول الحبوب. هل أكمل طواف الوداع؟ وما حكم صلاتي في ذلك؟ نرى أن هذه النقطة أو الشيء القليل أنه لا يعتبر دورة، وأن طوافها كامل، ولكن لها أن تترك هذه الحبوب، وإذا جاءتها العادة سقط عنها طواف الوداع، وإن توقفت ولو مع ترك الحبوب فعليها طواف الوداع؛ طواف الوداع يسقط عن الحائض. س: سائلة تقول: فضيلة الشيخ، أنا حججت وعندما أردت أن أطوف طواف الإفاضة أحسست بآلام الدورة الشهرية -أكرمكم الله- كان هناك بعض الصفرة والكدرة، ولكني لم أأبه لها؛ ظنا مني أنها لا شيء، ولكن عندما طفت بالبيت نزل علي الحيض وأيقنت به، ولكني أكملت الطواف، ثم عدت إلى بلدي ولم أتحلل التحلل الأكبر ثم بعد انقضاء الحيض عدت إلى مكة وطفت طواف الإفاضة. هل علي شيء؟ هي أخطأت حيث طافت وهي حائض؛ فإنه لا يجوز للحائض أن تطوف حتى ولو طواف تطوع، وعلى كل حال حيث إنها رجعت بعدما طهرت، وكملت نسكها بالطواف والسعي فقد تم حجها. س: فضيلة الشيخ، جاء في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يجعل آخر عهد الناس بالبيت الطواف بالكعبة سؤالي: إذا كان الإنسان متمتعا فقد أخر طواف الإفاضة إلى طواف الوداع وقارنهما بنية الإفاضة، سوف يكون على المتمتع سعي في هذه اللحظة. فهل يعتبر السعي هنا بمثابة آخر عهدي بالبيت ؟ السعي يعتبر مكملا للطواف، ولا يعتبر أنه اشتغل بغيره فله في هذه الحال أن يخرج، له أن يخرج ولو كان آخر عهده السعي لقرب الزمان، والسعي يستغرق ساعة، أو ساعة إلا ربع أو أقل من ذلك، والذي يطوف للوداع لو مثلا أنه اشترى بعد طوافه هدايا، أو زادا لطريقه أو أقام ساعة أو ساعتين ينتظر رفقته فإن ذلك لا يلزمه أن يعيد الوداع. س: بارك الله فيكم. سائل يقول: من أين يتجه الذي يرمي الجمرة الصغرى أثناء رميه، ومن أين يتجه عندما يرمي الوسطى وكذلك الكبرى؟ بالنسبة إلى الجمرتين: الصغرى والوسطى الحوض مسدير، فمن أي جهة جاء فإنه يرمي من الجهات الأربع؛ لأنه دائرة حول الشاخص، وبالنسبة إلى الجمرة الكبرى جمرة العقبة حيث إن الحوض نصف دائرة فلا بد أن يأتي مع الجهة التي فيها الحوض، إما الجهة الجنوبية فيكون وجهه إلى الشمال، أو يأتيه من الشرق أو من الغرب ويكون مستقبلا لزاوية من زوايا الحوض؛ فلا بد أن يتحقق أنه في الجهة التي فيها الحوض وأن رميه في الحوض. س: جزاكم الله خيرا. سائل يقول: فضيلة الشيخ، اعتمرت في شهر شوال وقلت: لبيك عمرة متمتعا بها إلى الحج، ثم لم أحج. فهل آثم بذلك؟ ولو اعتمرت في شهر شوال وقلت: لبيك عمرة متمتعا بها إلى الحج، ثم رجعت إلى بلدي، ثم جاء الحج فماذا أفعل؟ هل آتي بعمرة أم أثبت الحج؟ التمتع: هو الانتفاع. تمتعَ بالشيء يعني: انتفعَ به والذي يأتي بعمرة، ثم يأتي بعدها بحجة في سفر واحد يعتبر انتفع؛ فلذلك يكمل هذا النسك بهذه الفدية، هذه هي الحكمة في إيجاب الدم على المتمتع، فإذا لم يحج لم يجب عليه الدم، اشترطوا لوجوب الدم أربعة شروط: الشرط الأول: أن تكون العمرة في أشهر الحج، فلو اعتمر في رمضان، ثم حج فلا فدية. الشرط الثاني: أن يحج في ذلك العام، فلو اعتمر في أشهر الحج ولم يحج فلا فدية، لا دم عليه. الشرط الثالث: أن يكونا في سفر واحد، فلو سافر للحج سفرا غير سفر العمرة؛ يعني أدى العمرة، ثم رجع إلى منزله، ثم سافر للحج فلا فدية. الشرط الرابع: قوله تعالى: { ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } فهذا الذي جاء بالحج في سفر والعمرة في سفر ليس عليه دم. س: فضيلة الشيخ، يقول السائل: عندما كنت محرما كان الرداء يسقط على رأسي من غير قصد، وذلك حين أريد أن ألبسه، أو يحدث ذلك سهوا، جزاكم الله خيرا. معذور، عليك أن لا تغطي رأسك، وعليك أن تلاحظ كشفك، فإذا رفعت مرة وسترت بعض رأسك بالرداء من غير قصد فلا حرج عليك؛ إنما الإثم أو الفدية على من تعمد ستر رأسه بالرداء أو بغيره من الملاصق. س: فضيلة الشيخ يقول السائل: بسبب الزحام وبجهل مني قمت بطواف الإفاضة ستة أشواط مرورا داخل المسعى في السطح، والشوط السابع دون المرور عليه. ما حكم الأشواط الستة التي قمت بها؟ وما العمل جزاكم الله خيرا؟ أرى أنه لا بأس إذا كان هناك ضيق؛ أنَّ الذين يسعون على السطح إذا نزلوا على سطح المشعر وكملوا شوطهم فلا حرج في ذلك. شكر الله لفضيلة الشيخ عبد الله على ما تفضل به وأجزل له المثوبة... |