بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، صلى الله وسلم على أشرف المرسلين؛ نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: نهنئكم أيها الإخوة بما حصلتم عليه من هذا العمل الصالح الذي يرجى أن يكون مقبولا، وأن يكون ثوابه عظيما مع الاحتساب، وطلب الأجر والثواب، فقد تكلفتم وفارقتم الأهل والأولاد والبلاد، وعطلتم الشغل والأعمال في سبيل الله وفي سبيل رضا الله تعالى؛ فإن هذا العمل من سبيل الله. ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { الحج من سبيل الله } فكل سبيل يوصل إلى الله وكل عمل يوصل إلى رضاه، فإنه من سبيل الله تعالى، سواء قتال الكفار الذي هو الجهاد، أو الأعمال الصالحة التي يبتغي بها أهلها رضى الله تعالى والوصول إلى ثوابه؛ فهنيئا لكم أن كنتم من المساهمين في هذا الأجر، ومن الطالبين لرضا الله تعالى. لا شك أن المسلمين الذين يأتون إلى هذه البقاع يرجى لهم الخير، يرجى لهم الأجر؛ إذا حسنت نيتهم وكذلك صلحت أعمالهم، وهذان شرطان لقبول العمل: الإخلاص والمتابعة، يقول الصنعاني رحمه الله: فللعمل الإخـلاص شـرط إذا أتـى وقــد وافقتـه ســنة وكتــاب فالإخلاص أن يراد به وجه الله، والموافقة أن يكون موافقا للسنة النبوية؛ وذلك لأن هناك كثيرا يتعبدون بعبادات ما أذن الله بها، وليست من الإسلام وليست من الشريعة؛ فتكون بدعة لا أصل لها، بل قد يثاب ويعاقب؛ قد يثاب تاركها ويعاقب فاعلها. فنقول: هذه الشعائر من شعائر الله تعالى التي يتقرب بها العباد إلى الله سبحانه وتعالى؛ فمثلا الطواف بالبيت عبادة لرب البيت قال الله تعالى: { فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ } . ؛ ولأجل ذلك الذين يطوفون يدعون في طوافهم، يأتون بالأدعية، وكذلك يذكرون الله تسبيحا وتحميدا وتكبيرا وتهليلا، وكذلك أيضا يقرءون القرآن ويخشعون في قراءتهم ويخشعون في دعائهم ويخشعون في طوافهم. فهذه عبادة الله؛ عبادة لله وتعظيم لله، ولكن لا يجوز الزيادة على ما شرعه الله، وعلى ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم؛ فيقتصر المسلمون على ما ورد، فمثلا ورد في السنة استلام الركن اليماني وضع اليد عليه هذا الذي ورد، وكذلك الركن الذي فيه الحجر الأسود ورد أنه يقبله؛ يضع شفتيه عليه، فإذا لم يقدر استلمه بيده وقبلها، وإذا لم يقدر استلمه بمحجن وقبله، وإذا عجز فإنه يشير إليه، ولا يقبل شيئا. واختص هذان الركنان بأنه يستلمهما، وليس ذلك تبركا بهما، فالذين يعتقدون فيهما البركة على شفا جرف الشرك، الذين مثلا إذا حاذوا الركن اليماني يمسحونه بأيديهم، ثم يمسحون وجوههم وصدورهم بذلك، لا أصل لذلك، وكذلك الذين يضعون خدودهم على ذلك المكان الذي هو الركن اليماني ويتمسحون به ويقبلونه، ما ورد ذلك؛ فنعتبر ذلك بدعة وغير شرعي، ووسيلة إلى تعظيم ما لم يعظم. كذلك الحجر الأسود تقبيله من باب الاتباع، ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه لما أراد تقبيله قال: "والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك". يعني: أن تقبيله من باب الاتباع لا أنه تعظيم لنفس الحجر؛ لأنه حجر كسائر حجارة الكعبة وكسائر الحجارات في الأرض، ولكن لما أنه صلى الله عليه وسلم قبله وقال: { هاهنا تسكب العبرات } اقتصرنا على التقبيل أو على الاستلام، مع اعتقادنا أنه لا يضر ولا ينفع، ولكن من باب الاتباع. روي عن ابن عباس أنه قال:" الحجر الأسود يمين الله في الأرض، من استلمه فكأنما استلم يمين الله". فيكون استلام هذا الحجر كأنه تعهد، كأن الإنسان يبايع ربه ويعهد، ويعاهد الله فيقول: يا رب أعاهدك على أن لا أعصيك، أعاهدك على أن لا أخرج عن طاعتك، أعاهدك على أن أمتثل ما أمرت به وأجتنب ما نهيت عنه، وأن أوحدك حق التوحيد، وأن لا أشرك بك أحدا. فهذه هي الحكمة من تقبيل هذا الحجر؛ أننا نقبله من باب الامتثال لا من باب التعظيم، ليس ذلك تعظيما لهذا الحجر، ولكن لما كان أخبر بأن الذي يقبله كأنه يبايع الله؛ فإن ذلك دليل على أنه من باب الاتباع. وكذلك مبايعة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم في قول الله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ } ؛ يعني أنهم يعاهدونك وهذه المعاهدة معاهدة الله، أنهم يوفون بما وعدوا به، وقد صدقوا فيما قالوه كما قال تعالى: { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ } . فهذا هو الحكمة في تقبيل هذا الحجر أو الإشارة إليه، نقتصر على هذا؛ ولهذا روي أن معاوية رضي الله عنه استلم الركنين الشاميين فقال له ابن عباس إنهما لا يستلمان؛ إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستلم إلا الركنين اليمانيين فقال معاوية " ليس من البيت شيء مهجور"، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } . يعني: أننا نتأسى فلا نستلم إلا الركنين اليمانيين الجنوبيين دون الشاميين وليس ذلك هجرانا لهما ولكن من باب التأسي، فعند ذلك صدقه معاوية ولم يعد يستلم الشاميين . فعرف بذلك أنا نقتصر على ما جاء؛ نقتصر على ما جاءت به السنة في هذا الأمر الذي هو تعظيم ما عظمه الله، تعظيمها تعظيم لله؛ ولهذا قال تعالى: { وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ } تعظيم حرمات الله؛ يعني ألا يعصي الله العبد في هذه المشاعر، ولا في هذه المحارم، وأن يراقب الله؛ فلا يتجرأ على ذنب ولا يفعل معصية ولا يخالف أمر الله، إذا فعل ذلك فإنه يعتبر من الذين يعظمون حرمات الله. وهكذا قول الله تعالى: { وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ } . تعظيم شعائر الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم عظم شعائر الله، ما تعظيم شعائر الله؟ هو العمل الذي عمله فيها؛ قال الله تعالى: { إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ } كيف تعظم الصفا والمروة ؟ تعظيمها: السعي بينها الذي هو السعي من الصفا إلى المروة ثم من المروة إلى الصفا هذا هو عبادة الله فيها، هذا تعظيم شعائر الله. كذلك بقية المشاعر عرفة من شعائر الله ومزدلفة من شعائر الله، فيها المشعر الحرام الذي قال الله تعالى: { فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ } ومنى من شعائر الله، والجمرات من شعائر الله، كل هذه تعظيمها أداء العبادة التي أمرنا بأن نعبد الله تعالى بها في ذلك المكان؛ فالطواف من شعائر الله، والسعي والوقوف والمبيت ورمي الجمار. وكذلك أيضا نحر الهدي أو ذبحه والحلق وما أشبه ذلك، هذا كله من شعائر الله: { وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ } . كذلك أيضا نقتصر على سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وسنة الخلفاء الراشدين؛ فإنه حثنا على ذلك بقوله: { عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي } . الخلفاء الراشدون أبو بكر عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، هؤلاء هم الخلفاء الراشدون، ننظر في أعمالهم، هل كانوا يتمسحون بجدار الحجر ؟ ما كانوا يتمسحون به؛ إذن فالذين يتمسحون به مبتدعة. كذلك هل كانوا يتمسحون بزجاج المقام الزجاج الذي حول المقام نشاهد وتشاهدون كثيرا يتمسحون بهذا الزجاج، هذا الزجاج صنع في المصانع القريبة هذه قبل ثلاثين سنة أو نحوها، فما فائدته؟ وما أهميته حتى يتمسح به ويتبرك به؟!! كذلك أيضا يتمسحون بالأخشاب التي يقوم عليها الخطيب إذا كان يخطب على المنبر، هل هذا أيضا من شعائر الله تعظيمه؟ ليس من شعائر الله، وكذلك أيضا الذين يصعدون على جبل الرحمة ثم يتمسحون بالحجارة هل هذا أيضا من شعائر الله، هل فعله النبي صلى الله عليه وسلم؟ هل فعله أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم؟! ما فعلوا شيئا من ذلك، وهم الخلفاء الراشدون؛ فنتمسك بما كانوا يعملونه. وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما، لما ركب النبي صلى الله عليه وسلم ناقته وهو في مزدلفة وأراد أن يتوجه إلى منى قال لابن عباس رضي الله عنهما: { ناولني سبع حصيات. يقول: فالتقطت له سبع حصيات مثل حصى الخذف -أي مثل الحجارة الصغيرة التي يرمي بها الإنسان بين أصابعه عند الخذف- فأخذهن وجعل ينفضهن بيده يديه ويقول: بمثل هذا فارموا يا عباد الله، وإياكم والغلو في الدين؛ فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين } . يعني: اقتصروا على ما أمرتم به؛ فالرمي بهذه الحجارة هو السنة، الحجارة التي هي مثل بعر الغنم أو أصغر من بعر الغنم أو مثل حب الفول، هذه هي الحجارة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يرمي بها هذه الجمرات. ويقول: { وإياكم والغلو } ؛ يعني لا تزيدوا، لا تعتقدوا أن هذا الرمي أنه يضر هذا الشخص أو هذا المكان؛ إنما هو من باب الاتباع ومن باب ذكر الله تعالى كما ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله تعالى. فرمي الجمار إنما هو لذكر الله؛ ولهذا الذي يرمي يكبر مع كل حصاة، فالذين يرمون بحجارة كبيرة يقولون: إننا نرجم الشيطان، وأن الشيطان متمثل في هذه الحجارة أو في هذا الحوض أو نحو ذلك، فنريد أن نرجم بحجارة كبيرة حتى تضربه أو حتى تؤلمه، هذا من الغلو وهذا من البدع، وهذا من المخالفة التي أخبر عنها النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث: { إياكم الغلو في الدين؛ فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين } . وذلك لأن الناس في الدين على ثلاثة حالات: متوسطون، ومقصرون، وغالون، فنقول في هذا المثال: الذين يرمون بحجارة صغيرة كحب الذرة أو حب الدخن أو حب الحنطة هؤلاء مقصرون ناقصون. والذين يرمون بحجارة كبيرة كبعر الإبل أو أكبر أو كفنجان القهوة أو الشاي، هؤلاء غلاة؛ يعني قد تجاوزوا الحد، وزادوا على ما أمروا به. أما المتوسطون فهم المتبعون الذين اتبعوا أمر النبي صلى الله عليه وسلم. فدين الله تعالى وسط بين الغلاة والجفاة؛ فلا تكن من الجفاة الذين ينقصون ما أمر الله به، ولا تكن من الغلاة الذين يزيدون فوق ما أمر الله به، بل اقتصر على ما جاءت به السنة، فهكذا نفعل في سائر عباداتنا سواء ما يتعلق بمناسك الحج أو غيرها من الأعمال والمناسك. فمثلا الذين يطوفون بالبيت ولكن في حالة طوافهم غافلون أو يتكلمون بكلام سيئ أو بكلام لا فائدة فيه، هؤلاء جفاة، والذين يطوفون ولكن في حال طوافهم يتمسحون بجدار الكعبة وبكسوة البيت وبالحجارة، وبحجارة حجر إسماعيل وما أشبه ذلك؛ نقول: إن هؤلاء غلاة. والوسط هم الذين اتبعوا سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وسنة خلفائه الراشدين، وسنة الأئمة المهديين، وسنة علماء الأمة الذين هداهم الله تعالى وسددهم وأرشدهم أن يتمسكوا بالسنة التي بينها الله تعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم والتي ترك أمته عليها، فقد ثبت عنه أنه قال: { لقد تركتكم على مثل البيضاء لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك } . فهكذا حثنا بقوله: { أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد، فإنه من يعش عبد منكم فسيرى اختلافا كثيرا؛ فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة } . محدثات الأمور هذه المتجددة التي لا أصل لها، فمثلا هناك أناس يتجشمون المشقة ويصعدون إلى غار حراء وإذا صعدوا إليه أخذوا يتمسحون بذلك الغار، وبتلك الحجارة، فيرمون فيها الدراهم؛ هؤلاء مبتدعة. النبي صلى الله عليه وسلم كان يصعد في هذا الغار قبل أن ينزل عليه الوحي، وأما بعدما نزل عليه فلم يرقه، ولما اعتمر لم يصعد عليه، ولما جاء في فتح مكة لم يصعد له، ولما جاء في حجة الوداع ما صعده ولا رقاه؛ فالصعود إليه مشقة، ومع ذلك ليس له مزية. كذلك أيضا الذين يصعدون إلى غار ثور الذي يقع في جنوب مكة الغار الذي اختفى فيه النبي صلى الله عليه وسلم، هناك درج قد أصلح له في عهد الدولة الدولة التركية؛ كانت الدولة التركية عندهم كثير من الخرافات، ومن الشركيات؛ فأصلحوا طريقا مسهلا يعني طوله نحو أربعة كيلو أو خمسة كيلو، يصعدونه درجا بعد درج إلى أن يصلوا إلى قمة الجبل، ثم يصلون إلى ذلك الغار، ثم يتمسحون به. لا شك أن هؤلاء أيضا مبتدعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما صعد إليه لما جاء في فتح مكة ولا دعا إلى صعوده، وكذلك أيضا الخلفاء الراشدون لم يصعد إليه أحد، ولم يتبركوا به ولم يمسوه؛ وذلك لأنه يعتبر كأنه سائر الجبال لا مزية له ولو كان مذكورا في القرآن في قوله تعالى في قصة خروج النبي صلى الله عليه وسلم: { إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا } . صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج من مكة يريد أن يتوجه إلى المدينة أراد المشركون أن يقتلوه؛ فخرج ليلا ومعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه وصعدوا الجبل ودخلوا في ذلك الغار وبقوا فيه ثلاثة أيام، يأتيهم عبد الرحمن بن أبي بكر بأخبار مكة ثم صعد المشركون على ذلك الجبل ولم يروه، يقول أبو بكر رضي الله عنه: "لو نظر أحدهم إلى قدميه لرآنا"؛ فقال صلى الله عليه وسلم: { ما ظنك باثنين الله ثالثهما، لا تحزن إن الله معنا } . فهذا فعله لحاجة؛ اكتنّ فيه واختفى عن المشركين، ولكن لم يقل إنه غار مبارك، اصعدوا إليه، ولا إن فيه شفاء، ولا أن فيه بركة؛ فنعرف بذلك أن هذا أيضا من البدع، وأن المسلم يتمسك بالسنة؛ ولذلك يقول ابن مسعود رضي الله عنه: "اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم". ويقول: "من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات؛ فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة" أولئك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبر هذه الأمة قلوبا، وأعمقها علما وأقلها تكلفا؛ قوم اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه، ولحمل دينه فاعرفوا لهم حقهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم؛ فكل شيء لم يفعله الصحابة رضي الله عنهم فلا نفعله ولا نتقرب به، نتبع ولا نبتدع. وكذلك أيضا لا شك أن المسجد النبوي له أيضا مكانته، المسجد النبوي وهو الثاني من المساجد التي تشد إليها الرحال في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: { لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى } . المسجد الحرام هو المسجد الذي هي هذه البقعة، في البلدة المعظمة، والمسجد النبوي هو المسجد الذي بناه النبي صلى الله عليه وسلم؛ أي أسسه ثم وقعت التوسعة فيه؛ وكان بالأول قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقبر أبي بكر وعمر في الحجرة في حجرة عائشة . ولما احتيج إلى توسعة المسجد احتيج إلى إدخال حجرات أمهات المؤمنتين في داخل المسجد، واحتيج إلى إدخال الحجرة النبوية في داخل المسجد، مع أن ذلك اجتهاد بعد انقراض الصحابة الذين كانوا في المدينة ولكن من باب الضرورة والحاجة إلى التوسعة. فنقول: إن المسجد النبوي له مكانته، والصلاة فيه بألف صلاة؛ كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن لا يجوز أن يتبرك بحيطانه؛ الحيطان التي هي من بناية الدولة التركية، أو من بناية الدولة السعودية، هذه الحيطان من حجارة أو من طين أو من تراب أصلح وجعل على هذه الحالة؛ فالذين يتمسحون بالعمد أو يتمسحون بالحيطان لا شك أنهم أيضا على شفا جرف. وكذلك الذين يطوفون بالحجرة النبوية، أو الذين يتمسحون بجدران الحجرة أو ببابها، لا شك أيضا أنهم على خطر أن يقعوا في الشرك، وهكذا أيضا الذين يزورون البقيع ثم يتمسحون بجدران البقيع أو بالقبور التي هناك، أو بقبور الشهداء وبالحيطان التي حولها، كل هؤلاء على شفا جرف؛ لأنهم إذا عظموا ذلك؛ وقعوا في هذه الشركيات. فهكذا الذين يرون زيارة ما يسمى بالمساجد السبعة، ويدعون أنها هي التي كان الصحابة يصلون فيها لما كانوا في الخندق، وذلك لا أصل له، وإنما هو من صناعة أو من بناية الدولة التركية التي تحب أن يكون هناك آثار يدعون للناس إليها، ويقولون: هذا مصلى فلان وهذا مسجد فلان وهذا مسجد أبي بكر وهذا مسجد القبلتين وما أشبه ذلك، لا أصل لذلك؛ فيتجنب المسلم البدع، ويعض على السنة النبوية حتى يكون من المتبعين لا من المبتدعين؛ عملا بهذا الحديث أو بهذا الأثر: اتبعوا ولا تبتدعوا. قد كان النبي صلى الله عليه وسلم، يكرر في خطبته قوله، في كل خطبة يحث فيها على التمسك بالسنة فيقول: { إن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار } أو كما ورد. فنتمسك بما جاءت به سنة النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المشاعر ونترك ما سواها؛ حتى نكون من أولياء الله، وحتى يقبل عملنا، ولا يكون فيه ما يسبب رده أو إبطاله، أو تقليل الأجر فيه. وقد فسر التوحيد أنه؛ أن التوحيد الخالص هو سلامته من الشرك ومن البدع ومن المعاصي؛ وذلك لأن الشرك ينافي التوحيد؛ ولأن البدع تقدح في كمال التوحيد؛ ولأن المعاصي تنقص ثواب التوحيد. فهكذا يكون المسلم يتجنب الشرك؛ لأن الشرك والتوحيد مضدان مفترقان أي تفرق، ويتجنب البدع التي تقدح في التوحيد، ويتجنب المعاصي صغيرها وكبيرها التي تنقص أجر التوحيد. فهذه وصيتنا لكم، ونثق إن شاء الله أنكم على علم بهذا، وأنكم على معرفة بما جئتم له، جئتم لتعظيم شعائر الله تعالى، ولأداء هذه المناسك. نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم وأن يجزل لنا ولكم الأجر والثواب، وأن يضاعف الأجور، وأن يجعل حجنا جميعا حجا مبرورا، وسعينا مشكورا، وذنبنا مغفورا، وعملنا صالحا مقبولا، إنه على كل شيء قدير، والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه. أسئـلة شكر الله لفضيلة شيخنا العلامة عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين حفظه الله على ما تفضل به من هذه الكلمات الطيبة، نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل فيه البركة والقبول. والآن ننتقل إلى شيء من أسئلتكم، ومعذرة لو اختصرنا فيها وأخذنا بعضها؛ لأنها كثيرة جدا لا نستطيع من عرضها كلها. فضيلة الشيخ. أحسن الله إليك. ترد، وقبل أن أدخل في الأسئلة، كثير من الأسئلة صدرت بالدعاء لك، وإخبارك بأنها تحبك في الله تبارك وتعالى، وتسأل الله تبارك وتعالى لك الصحة وطول العمر على الطاعة. س: تقول الأسئلة في مجملها فيما يتعلق بأحكام رمي الجمار: قد أقدم أو أرمي ستا أو سبعا أو خمسا، ولا أحصي العدد، فما حكم ذلك؛ فأشك في رمي الجمار خمسا أو ستا أو سبعا، فما الحكم؟ أولا: نثق إن شاء الله أنا جميعنا من المتحابين في الله، ونرجو أن يرزقنا الله تعالى حبه وحب من يحبه، وأن يجعلنا من المتحابين فيه، والمتزاورين فيه، والمتباذلين فيه. فنقول: رمي الجمار من باب الاتباع كما علمتم، لا أنه لمعنى ظاهر، من باب الاتباع؛ فالواجب أن كل جمرة ترمى بسبع حصيات مثل حصى الخذف، يوجه الحصاة نحو المرمى فيدفعها ويقول: الله أكبر، الله أكبر، كلما رمى بواحدة، وإذا لم يرم إلا ستا فلعل ذلك يجزي، وإن لم يرم إلا خمسا أو أربعا؛ فإنه يتدارك في اليوم الثاني ويكمل الرمي الذي نقصه. فإذا كنت مثلا في هذا اليوم ما رميت إلا خمسا، فغدا إذا جاء وقت الرمي تذهب إلى الكبرى وترميها بحصاتين تكملة لرمي الأول، ثم بعد ذلك ترجع إلى الثلاث، وترمي كل واحدة بسبع حصيات. وأما إذا كان الإنسان مجرد شك أو أخطأ في الحساب فيحتاط ولا حرج عليه. س: أحسن الله إليك، في بعض الأسئلة يقول السائل: في إنابة الرمي، هل يجوز لي أن أنيب أحدا عني في الرمي؟ وإذا أنبت، هل يشترط أن أذهب معه لمكان الرمي؟ وهل للإنابة لفظ أو نية خاصة؟ نرى أنه لا ينيب إذا كان قادرا؛ وذلك لأن الرمي شرع لإقامة ذكر الله، وليس له أن ينيب ولا أن يوكل وهو قادر، إنما الذي يوكل العاجز إما أعرج وإما مريضا وإما امرأة مثلا حبلى أو مريضة يشق عليها الذهاب في الزحام، أو كان هناك زحام شديد في بعض الأحيان؛ ففي هذه الحال له أن يوكل. وإذا وكل فلا حاجة إلى أن يذهب؛ فإنه إذا قدر على الذهاب فلا يوكل؛ الذي يقدر أن يذهب ويصل إلى المرمى ليس بعاجز. فإذا كان هناك زحام شديد؛ يتحين الوقت الذي ليس فيه زحام ولو في الليل؛ لأنه.. رخصوا في الرمي ليلا؛ يعني الرمي في هذه الليلة يجوز لمن لم يتمكن من الرمي في النهار، والرمي غدا من الظهر إلى المغرب، فإذا لم يتمكن جاز له أن يرمي بعد المغرب أو بعد العشاء ولو إلى الساعة الرابعة في آخر الليل أو الخامسة كل ذلك وقت نظري؛ لأن الحكمة منه شرعية ذكر الله تعالى. س: يقول السائل: أحسن الله إليك. هل للرمي ذكر مخصوص؟ وإذا نسي الإنسان قول هذا الذكر، فهل عليه شيء؟ يسن كما قالوا أن يكبر: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، وإذا قال: بسم الله والله أكبر، فلا بأس، وإذا نسي ذلك –مثلا- من شدة الزحام أو الانشغال فلا حرج عليه، إذا ترك التكبير فهو سنة. كذلك أيضا يسن إذا فرغت من رمي الجمرة الأولى أن تدعو، أن تبتعد عن الزحام وتستقبل القبلة وترفع يديك، وتدعو بما تيسر من الدعاء والأذكار، وكذلك في الجمرة الوسطى إذا أنتهيت منه ابتعدت عن الزحام واستقبلت القبلة ودعوت الله وذكرته بما تيسر، هذا هو الذكر. س: أحسن الله إليك، رجل قد نوى نسك التمتع، طاف وسعى بالبيت ثم لم يحلق ولا قصر، أحل إحرامه، ثم أهل بالحج بعد ذلك يوم الثامن، وذهب إلى عرفة ثم سأل عن حكم ذلك، ما الحكم أحسن الله إليك؟ نعتبر أنه قد أدخل الحج على العمرة، ولكن نرى أن عليه فدية عن اللباس؛ لأنه لبس قبل أن يتحلل، فإذا كان لبس ثيابه وغطى رأسه؛ فعليه مثلا صيام ثلاثة أيام عن اللباس أو إطعام ستة مساكين، وصيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين عن تغطية الرأس، هذا هو الذي يلزمه؛ وذلك لأنه لبس قبل أن يتحلل، ثم أحرم بالحج قبل أن يتحلل؛ فأصبح مدخلا الحج على العمرة. س: لو لم يتحلل يا شيخ من نسكه؟ لا يكون التحلل إلا بالحلق فما دام لم يحلق فإنه لا يكون متحللا، لو هو باق على إحرامه فلباسه لباس محرم. س: أحسن الله إليك. هل يجوز للحاج إن نوى التمتع أن يحول نسكه إلى قران علما بأنه ابتدأ طواف العمرة، وإن كان ذلك يجوز في حالات؛ تفضلوا بتبيينها حفظكم الله. ذكروا أنه يجوز؛ يجوز إدخال الحج على العمرة للمتمتع لكن إذا بدأ في طواف العمرة؛ فنرى أنه لا يدخل الحج عليها، وأما قبل أن يبدأ أحرم بالعمرة متمتعا، ثم رأى أن عليه مشقة في إكمال العمرة فقال: اللهم إني أحرمت بحجة مع عمرتي؛ يصبح قارنا؛ فيبقى على إحرامه ويكمل الحج، ويصير عليه دم الذي هو دم القران. وأما إذا شرع في طواف العمرة، فالظاهر أنه لا يشرع له، فبعد شروعه في طواف العمرة لا يشرع له أن يدخل الحج عليها، بل يكمل العمرة ويحلق، ثم بعد ذلك يحرم بالحج. س: أحسن الله إليك. فيما يتصل بالتكبير والتلبية، هل لو نظمنا التكبير؛ بأن جعل بصوت وأداء واحد بقصد أو دون قصد، هل في ذلك مخالفة للسنة الشريفة؟ نرى أن كلا يكبر وحده يكبر بنفسه، وكذلك التلبية، لكن إذا كان هناك من لا يعرف التكبير، ولا يعرف التلبية؛ جاز أن يتابع غيره؛ أن يلبي اثنان أو ثلاثة بصوت واحد أو يكبروا بصوت واحد، فأما إذا كانوا يعرفون؛ فكل يكبر بنفسه. س: أحسن الله إليك. يقول السائل: نويت الحج متمتعا أنا وزوجتي، وبعد طواف العمرة والسعي ورمي جمرة العقبة نوت زوجتي أن تطوف طواف الإفاضة مع طواف الوداع، وشرعت معي في السعي .. بعد نهايتي من طواف الإفاضة بالنسبة لي، فهل هذا السعي لزوجتي جائز شرعا، ويتبقي عليها طواف الوداع والإفاضة بنية واحدة فقط، أم يلزمها سعي مرة أخرى بعد الطواف؟ يلزم السعي، السعي لا بد أن يكون مسبوقا بطواف مشروع؛ فكونها تقول: أسعى العيد يوم العيد حتى يسقط عني السعي وأؤخر الطواف إلى الخروج وأطوف طوافا واحدا يكفيني عن الإفاضة وعن الوداع، والسعي يكون قد سقط عني لأني سعيت في يوم العيد. نقول: لا يجزي؛ لا بد أن يكون السعي مسبوقا بطواف، يعني: بطواف مشروع. إما طواف القدوم وإما طواف الإفاضة وإما طواف الوداع أي إذا كان .. لطواف واحدا؛ فعليها سعي أخر. س: أحسن الله إليك. يقول السائل: هل يجوز للمرأة عندما تحرم أن تظهر وجهها وكفيها، أم يجب أن تغطي الغطاء الكامل للوجه والكفين؟ تغطي إذا كانت عند الرجال الأجانب لا بد من الغطاء، لا بد من ستر وجهها عند الرجال؛ تقول عائشة رضي الله عنها: { كنا إذا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن محرمات إذا حاذانا الرجال سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه } . الجلباب هو الرداء الذي كانت ترتدي به في قول الله تعالى: { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ } فتسدله؛ يعني تدليه على وجهها ولو مس بشرة الوجه، ولو مس الجبهة، ولو مس الأنف، ولو مس الفم ما يضر، فإذا لم يكن عندها رجال كشفت. س: أحسن الله إليكم، يقول السائل: في حالة توكيل النساء للرجال من ذويهن برمي الجمرات الثلاثة، هل يقوم الرجل برمي الجمرات الثلاثة عن نفسه أولا، ثم يرمي الجمرات عن النساء؟ أم لا؟ أفتونا، جزاكم الله خيرا. قال ذلك بعض العلماء، ولكن في هذا مشقة، فالصواب أنه يرميها في موطن واحد؛ فمثلا يبدأ بالجمرة الصغرى ثم يرميها بسبع عن نفسه، ثم بسبع عن موكله الأول، ثم بسبع عن موكله الثاني، ثم يذهب إلى الجمرة الوسطى فيرميها بسبع عن نفسه، ثم عن موكله سبعا، ثم عن موكله الثاني سبعا، ولو كثروا، ثم يأتي إلى جمرة العقبة ويرميها بسبع عن نفسه، ثم بسبع عن موكله، ثم بسبع عن موكله الثاني، وهكذا. س: أحسن الله إليكم. يقول السائل: امرأتي قد ضعفت عن أداء طواف العمرة والإفاضة والوداع، فما حكم هذه الطوافات، فما الحكم بحقها؟ لا يتم الحج إلا بذلك، لكن إذا ضعفت ولم يقدروا أن يطوفوا بها على سرير، أو يسعوا بها على عربة، ففي هذه الحال تعتبر كالمحصر. المحصر ذكره الله حكمه فقال تعالى: ... ..فيذبحون عنها أي واحدة من الغنم وتتحلل. س: أحسن الله إليكم. سائلة تقول أصيبت بالحيض في أيام الحج، وأكملت طواف الإفاضة لكن لم تطهر من حيضها إلى أن انتهت أيام الحج، وهي مضطرة للسفر ولم تطهر بعد، فما الحكم؟ نرى أنه يتأخر معها محرمها، ولا حرج عليه؛ يتأخر فإذا طهرت تطوف ولو بعد يومين بعدما تمضي الحملة، يومين أو ثلاثة أيام، وإن اضطروا إلى السفر مع الحملة فإنها تبقى محرمة على زوجها حتى يرجع بها أحد محارمها بعدما تطهر، وتكمل حجها بالطواف والسعي. س: أحسن الله إليكم، يقول السائل: حدثت لي نجاسة في أثناء دخول الحرم .. فما الحكم في طوافي وسعيي، وجزاكم الله؟ إذا كنت لم تعلم؛ ما علمت بهذه النجاسة إلا بعدما انتهيت من الطواف؛ فإن الطواف صحيح. وأما إذا كنت علمت بها، وطفت والنجاسة على ثوبك؛ فإنك تعيد الطواف. س: أحسن الله إليك. يقول السائل: ذهبت لأداء طواف الإفاضة، وأدركت الصلاة؛ صلاة العيد، فهل تلزمني الصلاة أو الخطبة؟ نرى أنك إذا وصلت وهم يصلون صلاة العيد ألا تحرم نفسك أن تحضر الصلاة، فإذا ابتدءوا في الخطبة تبدأ في الطواف؛ لأن الخطبة ليست واجبة عليك استماعها. س: أحسن الله إليك. يقول السائل: ما هي حدود الوقت المسموح به في ابتداء ونهاية الرمي؟ الوقت المختار في أيام التشريق من الزوال إلى الغروب، ولكن إذا اضطر الإنسان أو لم يتيسر له؛ فله أن يرمي في الليل؛ يوم أحد عشر ليلة اثنتي عشرة إلى آخر الليل، وكذلك يوم اثني عشر إذا لم يتعجل يرمي أيضا في الليل، وأما إذا كان يريد التعجل؛ فإن عليه أن يرمي قبل الغروب. س: أحسن الله إليك. السؤال الأخير المتعلق بالحج يقول: فضيلة الشيخ هل توجد علامات لقبول الحج من الله سبحانه وتعالى يشعر بها العبد ؟ نعم. العلامات هو أن يرجع متأثرا أن يكون مما كان أحسن عليه، وأن يرجع محبا العبادة، محبا للطاعة، كارها للمعصية، إذا رأيته عرفت أنه تأثر بما رأى؛ تأثر بالمسلمين، وتأثر بالمشاعر، وتأثر بالعبادات، فذلك من العلامات التي تدل على أنه مقبول إن شاء الله. س: أحسن الله إليك يا شيخ. يقول أو تقول السائلة: أنا امرأة متزوجة لي في زواجي إحدى عشرة سنة، طلب مني زوجي أن أكشف الغطاء لأخيه، الذي هو حدث من أول الزواج، وعندما اعترضت قال لي هو وأمه: اذهبي إلى بيت أهلك، فماذا أفعل؟ نرى أنها تذهب، ولا يجوز لها أن تكشف لأخيه فإنه أجنبي، ولو طلقها، فمثل هذا لا يتسق أن تكون عنده زوجة عفيفة. س: أحسن الله إليك. يقول السائل: أعمل لدى كفيلي وعملي ينتهي الساعة الثامنة مساء؛ ونظرا لقلت الراتب فأنا أعمل في مؤسسة أخرى بعد نهاية وقت دوامي بالإضافة إلى أعمال أخرى أقوم بها في وقت الفراغ مشتغلا بها، مستغلا فيها خبرتي، فهل هذا جائز شرعا علما أنه لا يضر الكفيل بأدنى ضرر؟ لا حرج عليك، لا حرج في ذلك؛ وذلك لأنه لا يملك إلا الوقت المحدد له الذي هو مثلا ثمان ساعات أو سبع ساعات كل يوم، هذا هو الذي لا تضايقه فيه، وأما بقيت وقت فراغك؛ فلا حرج عليك. س: يقول السائل: ما حكم المداعبة وتقبيل الزوجة خلال فترة الصيام، ولو نزل شيء من ماء الرجل، فهل هذا يبطل صيامه؟ الصائم عليه أن يبتعد عما يخل بصيامه، ومن ذلك الشهوة، وفي الحديث القدسي أن الله يقول: { ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي } فتقبيل المرأة شهوة، والتلذذ بالنظر إليها مثلا إلى أن تكون الشهوة، وكذلك الظن ونحو ذلك، كل هذا لا يجوز في حالة الصيام، وإذا نزل منه شيء فإنه يقضي ذلك اليوم. س: أحسن الله إليك. يقول السائل: ما رأي فضيلتكم في تحسين مظهر الوجه؛ وذلك مثل تزجيج بعض الحاجب واللحية الغير المتناسقة مع الشكل العام مثلا، فما حكم ذلك؟ نرى أن الإنسان يتمسك بالسنة، ولا يغير شيئا من خلق الله، الحاجبان هكذا أنبتهما الله تعالى في الإنسان منذ صغره؛ فلا يغير شيئا من خلق الله. وأما اللحية فلا شك أيضا أنها زينة وجمال؛ ولهذا تنبت في الرجال ولا تنبت في النساء؛ فعلى المسلم أن يحافظ على ما هو ميزة له فارقة بينه وبين الرجال، ولا يجوز لنا تغير خلق الله بها. س: أحسن الله إليك. هذا السائل في سؤال طويل يقول: أنا شاب ملتزم وأحب الصالحين والحمد لله، لي تأثير كبير على فئة من الناس بالخير، ولكني اتبعت مذهب أحد الأئمة، وليس بمذهبه .. شيء إلا أنه فيه تساهل في أمرين: أولهما في اللحية والآخر في إسبال الثوب، وأنا لست ممن يأخذون الدين بهواهم بل أخذت كل ما في المذهب مقلدا لصاحب المذهب عليه رحمة الله، ولست مجتهدا حتى أجتهد بل أنا مقلد، فهل ما ذهبت إليه باختياري المذهب السهل.. دون أخذ شيء دون شيء آخر بل أخذه كله فقط..، أفيدوني وفقكم الله. لا شك أن اجتهاده اجتهاد خاطئ؛ يعني كونه قلد، هذا المذهب الذي قلده ليس مذهبا متبعا، وليس مذهبا شرعيا؛ فليس هناك من العلماء من أباح الإسبال مع ما ورد من الأحاديث، وكذلك أيضا الأئمة الأربعة ما ذكر أن أحدا منهم أجاز حلق اللحية، بل كلهم ينهون عن ذلك، ولا يعرف هذا الحلق عند المتقدمين ولا عند الأئمة الأربعة؛ فعليه ألا يقلد إلا العلماء الربانيين من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة ونحوهم. س: أحسن الله إليك. يقول السائل أو السائلة: لدي في المنزل حمو عمره ثلاثون سنة لكنه متخلف عقليا، فهل يجوز لي أن أكشف وجهي له أم أتحجب عنه ؟ يجوز ذلك؛ لدخوله في قوله تعالى: { أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ } فإذا لم يكن له شهوة نحو النساء، ولا ميل إليهن، ولا نظر إليهن بشهوة؛ فلا مانع من التكشف عنده. س: أحسن الله إليك. تقول السائلة: في أثناء الدورة الشهرية أفطرت أياما في شهر رمضان وجاء رمضان الثاني ولم أقضها، ولم أكن أعلم أنه يجب قضاؤها قبل أن يأتي رمضان الآخر، فهل يجب علي قضاؤها فقط؟ أم لا بد من كفارة؟ وما هي لو كانت كفارة؟ لا بد من الكفارة؛ عليها مع القضاء كفارة إطعام مسكين عن كل يوم، كل مسكين له قدر نصف الصاع؛ أي كيلو ونصف من الأرز أو من البر، وذلك عن تأخيرها مدة سنة؛ أي أحد عشر شهرا، مع أنها تقدر على أن تقضي في هذه الأشهر. س: أحسن الله إليك. يقول السائل أو السائلة: أنا أدعو الله دائما أن يرزقني بالولد الصالح؛ لأن معي أربع بنات وزوجي يريد أو يتمنى ولدا ذكرا، فهل في ذلك ما يغضب الله مني لإلحاحي في الطلب، وما هو الدعاء الذي يجب علي في هذا الموضوع؟ عليكم أن تدعوا الله أنت وزوجك؛ فالله تعالى هو الذي: { يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ } . سئل ابن عباس رضي الله عنهما -قيل له- قال له رجل: إني مئناث؛ أي لا يولد لي إلا الإناث، فقال: عليك بالاستغفار؛ أكثر من الاستغفار، واستدل بقوله تعالى: { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ } ؛ فدل على أن الاستغفار من أسباب الرزق ومن أسباب البنين. س: السؤال الأخير لفضيلة الشيخ العلامة الجبرين يقول السائل: أحسن الله إليك. أنا أدرس في جامعة عربية خارج المملكة وأحد الأساتذة يبيع أحد كتبه بثمن أرفع من غيره من الكتب المماثلة، ويأمر صاحب المكتبة أن يسجل أسماء الطلاب، هل يجوز أن أصور الكتاب لأنه أرخص لي، علما بأنني طالب شبه فقير؟ إذا شق عليك من أن تشتريه؛ تشتريه من غيره أو تصور ما تحتاج إليه في دراستك من غيرك، كونه يفرض على الطلاب أن يشتروه بثمن رفيع هذا ظلم منه لهم. |