يراد بالضعف هنا: ضعف الإيمان، وضعف التمسك بالدين، والاقتناع من غالب المسلمين بمجرد الانتماء إلى الإسلام دون التحقيق بتعاليمه، ولا شك أن لذلك أسبابًا عديدة، أشدها كثرة الدعاة إلى الفساد والمنكرات والمعاصي بالقول والفعل، من أناس ثقلت عليهم الطاعات، ومالت نفوسهم إلى الشهوات المحرمة، كالزنا وشرب الخمر وسماع الأغاني ونحو ذلك؛ فقاموا بالدعوة إلى الاختلاط وزينوا للمرأة التبرج والسفور، وجعلوا ذلك من حقها، ودعوا إلى إعطائها الحرية والتصرف في نفسها، فجعلوا لها أن تمكن من نفسها برضاها ولو غضب أبوها أو زوجها، فلا حد عليها ولا على من زنا بها برضاها، وعند الانهماك في هذه الشهوات ثقلت عليهم الصلوات، وتخلفوا عن الجمع والجماعات، ومنعوا الواجبات وتعاطوا المسكرات والمخدرات؛ مما كان سببا لضعف الإيمان في قلوبهم. وهكذا من أسباب ضعف الأمة الإسلامية: كثرة الفتن والمغريات، حيث توفرت أفلام الجنس وأصوات المغنين والفنانين والفنانات، وصور النساء العاريات أو شبه العراة؛ وذلك سبب الانهماك في هذه المحرمات، فضعف الإيمان في القلوب. وهكذا من أسباب ضعف الأمة الإسلامية: انفتاح الدنيا على أغلب الناس، وانشغالهم بجمع الحطام الفاني والإعراض عن العلم والعمل، والسعي وراء جمع المال وتنمية التجارات والمكاسب؛ فكان سببا لنسيان حق الله -تعالى- وتقديم الشهوات وما تتمناه النفس، مع توفر الأسباب والتمكن من الحصول عليها. ومن الأسباب أيضا: ضعف الدعاة إلى الإسلام الحقيقي، وقلة ما معهم من العلم الصحيح، ورضاهم بأقل عمل، مع مشاهدة كثرة الفساد وتمكن المعاصي وكثرة من يتعاطاها على مرأى ومسمع من الجماهير، ولا شك أن الأمة متى ضعف فيها جانب الإيمان والعمل الصالح، وفسدت فطرها، وانهمكت في الملاهي والشهوات، وأعرضت عن الآخرة؛ فإنها تضعف حسيا، ويقوى الأعداء من كل جانب، ويسيطرون على ما يليهم من بلاد المسلمين، ولا يكون مع المسلمين قوة حسية ولا معنوية تقاوم قوة الأمم الكافرة، وذلك ما حصل في كثير من البلاد الإسلامية التي تسلط عليهم الأعداء يسومونهم سوء العذاب، وتسلط عليهم ولاة السوء وأذلوهم وقهروهم حتى يرجعوا عن دينهم، والله المستعان. |