الكلمة الأسبوعية
تشريف مكة وتحريمها لأنها محل بيت الله الحرام
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
لما أن الله شرفها أن جعلها محل بيته الذي أمر بتطهيره. أمر بذلك إسماعيل وأباه في قوله تعالى: وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ وقال في سورة الحج: وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ فشرفت مكة بهذا البيت .
ولما شرفت به جعلت مكة كلها ذات شرف، وجعلت حرما؛ أي لها حرمة ليست لغيرها، وجعلت آمنة سماها الله تعالى آمنة في قوله تعالى: وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ ؛ يعني الذي يأمن أهله. فلما كان كذلك عرف بذلك فضيلته، فيبدأ الحاج عمله بطواف القدوم، ويختم الحاج عمله بطواف الوداع؛ حتى يعرف بذلك مكانة هذا البيت .
الطواف معروف أنه لا يكون أقل من سبعة أشواط. يبدأ من الحجر يحاذي الحجر بكل بدنه، ثم يدور عليه، فكلما حاذى الحجر عد ذلك شوطا إلى أن يتم سبعة أشواط. وليس محاذاته ركوب الخط الأسود الممتد إلى جهة الشرق والجنوب، بل إذا قرب منه. فلو كبر قبل أن يصل الخط بمتر أو مترين، أو بعدما يتجاوزه بمتر أو مترين؛ صدق عليه أنه حاذاه؛ وذلك لأن الحجر ظاهر يعني علَنا أنه قد يحاذيه، وليس شرطا أن يكون على ذلك الخط الدقيق الذي لا يزيد مثلا عن عشرة سنتيمتر أو عشرين سنتيمترا، فهكذا يكون الطواف.
قد عرفنا أن الطواف بالبيت عبادة شريفة عبادة ذات شرف، وأن الإنسان يقصد بطوافه عبادة الله تعالى؛ بمعنى أنه يعرف أن هذا الطواف تعظيم لله، ليس هو عبادة للبيت الذي هو طين وحجارة ونحوها، وإنما هو عبادة لله تعالى؛ ولهذا قال: فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ . تعظيم البيت تعظيم لله تعالى وليس لعبادة البيت فالذين يعظمون البيت يعتقدون أن البيت هو الذي يعظم قد وقعوا في الشرك أو في مقدماته.
ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحلف بالبيت فقد كانوا يقولون: والكعبة فقال: لا تقولوا: والكعبة وقولوا: ورب الكعبة إذا حلفتم فقولوا: ورب الكعبة .