جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. logo إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
shape
الإجابات البهية في المسائل الرمضانية
36279 مشاهدة print word pdf
line-top
حكم الارتحال لحضور الختمة في أحد الحرمين

س 23: ما حكم الارتحال لحضور الختمة في أحد الحرمين ؟ لأننا نرى أن كثيرًا من الناس لا يصلي التراويح ولا القيام، فإذا جاء وقت الختمة توافدوا بأعداد هائلة؟ ومما هو ملاحظ أنه قد رسخ لدى بعض الناس أن ليلة الختمة ليلة مميزة، فيقع تعظيمها والتفرغ لها، والإكثار من العبادة فيها، حتى إن بعضهم ربما حرص بعد الانتهاء من ختمة القرآن مع الإمام أن يذهب إلى مسجد آخر ليشهد ختمة الإمام الأخرى، فما موافقة ذلك للسنة؟
ج 23: إذا عرف أن الدعاء عند الختمة مشروع، وأنه كان معروفا عند السلف، وعلم أنهم كانوا يحضرون القارئ عند ختمه للقرآن، ويؤمنون على دعائه، فإن الحضور المذكور سنة وفضيلة، حيث كان الداعي من أهل الفضل والدين، والصلاح، ممن يرجى إجابة دعائه، وحيث إن الموضع له فضله وشرفه، ومضاعفة الأعمال فيه، وكونه مظنة القبول، وحيث يؤمن عليه الجمع الغفير من المصلين، من رجال ونساء، وكبار وصغار، ولكن يكون القصد من السفر الصلاة في الحرمين، وأداء النسك، أو الاعتكاف، أو الإكثار من نوافل الصلاة فيهما، والمحافظة على صلاة الجماعة، ويكون حضور دعاء الختم تابعا لذلك، فأما من لا يصلي في رمضان التراويح، ولا يقوم ليالي العشر، وإنما يحضر دعاء الختم، أو يسافر لأجله، فإنه قليل الحظ من حصول المغفرة، والعتق من النار.
وأما تخصيص ليلة معينة لختم القرآن فلا حاجة إلى ذلك، بل يختم القرآن متى أتم قراءته المعتادة، لكن ورد عن بعض السلف أنه ختم ليلة سبع وعشرين، ذكره ابن رجب في لطائف المعارف. ولعل ذلك من باب التحري، لكونها أرجى أن تكون ليلة القدر، ولما ورد فيها من الفضل، وإجابة الدعاء عن كثير من السلف، كما ذكر ابن رجب عن جماعة من العباد دعوا الله في تلك الليلة، فأجيب دعاؤهم، ولعله اقترن به ما صار سببا لقبوله، ويمكن أن ختمهم في تلك الليلة من باب المصادفة، ولم يكن عن قصدها لذاتها، وبكل حال فيحسن تحري الليالي اللاتي يُرجى فيهن إجابة الدعاء، بعد ختم القرآن أو غيره، كأوتار العشر الأواخر من رمضان.
فأما من اعتقد أن تلك الليلة -التي حصلت فيها الختمة- لها مزية أو شرف فليس كذلك، فإن الختم يختلف فيه الأئمة، حيث إن بعضهم يختم أول العشر، وبعضهم آخرها، فأما الحرص على حضور الختمة مع أكثر من إمام، فيسن ذلك كما نقل عن مجاهد وغيره! أن الدعاء يستجاب عند ختم القرآن، وأن الرحمة تنزل عنده ، لكن إذا فوت على الإنسان وقتا أو صلوات بعض الليالي لم يشرع ذلك، فإن الذي يسافر إلى مكة، ثم إلى المدينة، ثم يرجع إلى بلده، يفوته في هذه المدة صلاة بعض الليالي، وإن كان قصده حسنًا، لكن السفر ليس ضروريًا والأعمال بالنيات، ولا ينبغي فعل ما ينكره عوام الناس وخواصهم، ولم يكن عليه عمل الأمة ولا دليل على مشروعيته، سواء من هذه الأمور أو غيرها. والله أعلم.

line-bottom