قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
تفسير سورة الحجرات من تفسير ابن كثير
15865 مشاهدة
تفسير سورة الحجرات من تفسير ابن كثير

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، صلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
لما نعلم، ولما رأينا سابقا، ورأينا لاحقا من محبة إخواننا وأبنائنا للعلم وللاستفادة ورغبتهم الشديدة؛ لبينا هذا الطلب -والحمد لله- أن ليس هناك صعوبات وليس هناك مشقة. وإذا رأينا من يتقبل ومن يحرص على التعلم؛ زاد ذلك في نشاطنا وفي رغبتنا، ونعتذر بأننا لا نأتي بجديد، ولكن من باب التذكير.
فقد خُدِمَ القرآن -والحمد لله- خدمة كاملة؛ فسره الصحابة، ثم التابعون ومن بعدهم، وإلى يومنا والمفسرون يفسرونه، ويستنبطون ما فيه من الأحكام، وما فيه من الفوائد والعوائد التي لها تأثيرها، وما يدل على إعجازه وقوة أسلوبه؛ لذلك كل من أتى بالتفسير قد يتجدد له شيء في هذه الآيات ونحوها؛ وإن كان الغالب والكثير أنه الغالب أنه يتكرر ما في تلك التفاسير، وأنه يغني بعضها عن بعض، ولكن لكل أسلوبه، ولكل فهمه وإدراكه؛ فهذا هو السبب في تعدد التفاسير ويمكن أن يقال: إن التفاسير تبلغ أو تزيد على عشرة آلاف تفسير، ولكن لا شك أن كثيرا منهم فسروه بما يهوون؛ فنجد أن المعتزلة كالزمخشري وغيره أدخلوا في تفسيره معتقداتهم الاعتزالية ، ونجد أن الأشاعرة أولوا الآيات التي تخالف معتقدهم؛ تفاسيرهم كثيرة، ونجد أن الرافضة أولوه بتأويلات بعيدة؛ لتوافق معتقدهم ومذهبهم السيئ، وكل طائفة من المبتدعة؛ فإنهم أدخلوا في التفسير ما يوافق معتقداتهم؛ وإن كان ذلك تكلفا شديدا، ولكنهم يحاولون أن يصرفوا دلالات الآيات إلى ما يريدونه.
وهكذا أيضا: الكثير من العصريين يحرصون على أن يطبقوه على المخترعات الجديدة؛ فيفسرونها بحسب ما رأوه، وفي ذلك لا شك تكلف وصرف للقرآن وللآيات عما يتبادر منها، وعما سيقت له.