الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
shape
تفسير سورة الحجرات من تفسير ابن كثير
22444 مشاهدة print word pdf
line-top
تفسير سورة الحجرات من تفسير ابن كثير

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، صلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
لما نعلم، ولما رأينا سابقا، ورأينا لاحقا من محبة إخواننا وأبنائنا للعلم وللاستفادة ورغبتهم الشديدة؛ لبينا هذا الطلب -والحمد لله- أن ليس هناك صعوبات وليس هناك مشقة. وإذا رأينا من يتقبل ومن يحرص على التعلم؛ زاد ذلك في نشاطنا وفي رغبتنا، ونعتذر بأننا لا نأتي بجديد، ولكن من باب التذكير.
فقد خُدِمَ القرآن -والحمد لله- خدمة كاملة؛ فسره الصحابة، ثم التابعون ومن بعدهم، وإلى يومنا والمفسرون يفسرونه، ويستنبطون ما فيه من الأحكام، وما فيه من الفوائد والعوائد التي لها تأثيرها، وما يدل على إعجازه وقوة أسلوبه؛ لذلك كل من أتى بالتفسير قد يتجدد له شيء في هذه الآيات ونحوها؛ وإن كان الغالب والكثير أنه الغالب أنه يتكرر ما في تلك التفاسير، وأنه يغني بعضها عن بعض، ولكن لكل أسلوبه، ولكل فهمه وإدراكه؛ فهذا هو السبب في تعدد التفاسير ويمكن أن يقال: إن التفاسير تبلغ أو تزيد على عشرة آلاف تفسير، ولكن لا شك أن كثيرا منهم فسروه بما يهوون؛ فنجد أن المعتزلة كالزمخشري وغيره أدخلوا في تفسيره معتقداتهم الاعتزالية ، ونجد أن الأشاعرة أولوا الآيات التي تخالف معتقدهم؛ تفاسيرهم كثيرة، ونجد أن الرافضة أولوه بتأويلات بعيدة؛ لتوافق معتقدهم ومذهبهم السيئ، وكل طائفة من المبتدعة؛ فإنهم أدخلوا في التفسير ما يوافق معتقداتهم؛ وإن كان ذلك تكلفا شديدا، ولكنهم يحاولون أن يصرفوا دلالات الآيات إلى ما يريدونه.
وهكذا أيضا: الكثير من العصريين يحرصون على أن يطبقوه على المخترعات الجديدة؛ فيفسرونها بحسب ما رأوه، وفي ذلك لا شك تكلف وصرف للقرآن وللآيات عما يتبادر منها، وعما سيقت له.

line-bottom