جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
101181 مشاهدة
الحكم عند تكرار المحظورات في الحج

قال الشارح -رحمه الله تعالى-
فصل: ومن كرر محظورا من جنس واحد بأن حلق أو قلم أو لبس مخيطا أو تطيب أو وطئ ثم أعاده مرة بعد مرة، سواء فعله متتابعا أو متفرقا؛ لأن الله تعالى أوجب في حلق الرأس فدية واحدة ولم يفرق بين ما وقع في دفعة أو دفعات، وإن كفر عن السابق ثم أعاده لزمته الفدية الثانية.


بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد قد تقدم معرفة الفدية في المحظورات، وها هنا: حكم ما إذا كرر واحدا منها قبل أن يكفِّر فإنه لا يلزمه إلا كفارة واحدة سواء استدام هذا أو فعله مرة، فلا يحتاج المحرم إذا حلق مقدم رأسه ثم لم يهد ثم احتاج مرة فحلق جانب رأسه ولم يهد، ثم احتاج ثالثة فحلق جانب رأسه ثم احتاج رابعة فحلق مؤخر رأسه، فهذا كله حلق للرأس فلا حاجة إلى أن يهدي مرات؛ لأن الله جعل في الحلق كله فدية واحدة؛ في قوله تعالى: أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ وهكذا لو قلم في اليوم الأول ثلاثة أظفار، وفي اليوم الثاني ثلاثة، وفي اليوم الثالث ثلاثة، ولم يهد عن الأول والثاني كفاه فدية واحدة.
وهكذا لو احتاج في اليوم الأول ولبس مخيطا على بدنه ثم نزعه في آخر النهار، ثم احتاج له في الليل ثم لبسه ثم نزعه، ثم احتاج له في اليوم الثالث فلبسه ولم يكفر عن الأولين فعليه فدية واحدة، وهكذا في تغطية الرأس إذا غطى رأسه بعمامة في اليوم الأول ثم نزعها، ثم غطاها في اليوم الثاني ثم نزعها، ثم غطاها ثم نزعها فعليه فدية واحدة، وذلك لأن الفدية إنما هي في هذا الشيء؛ تغطية الرأس فيه فدية. فيكفيه فدية واحدة. هذا في محظورات حلق الرأس وتقليم الأظفار ولبس المخيط وتغطية الرأس والطيب. إذا فعل ذلك مرارا ولم يكفر عن أوله كفاه كفارة واحدة، ويستدل بأن الله جعل في الرأس حلقه فدية واحدة ولم يفرق بين من حلقه دفعة أو دفعات.

س: هل يفرق بين العامد في هذا أو الناسي؟
يأتي.

من حلق جزءا من رأسه ثم تعمد أيضا وقال: إنها كفارة واحدة سأحلق الباقي؟
فلو حلق متعمدا فإنه عليه فدية واحدة ولو تعمد بعد ذلك. نعم.

(قوله: وإن كفر عن السابق ثم أعاده لزمته فدية ثانية).

فمثلا لو حلق مقدم رأسه ثم فدى ثم حلق مؤخر رأسه قلنا: عليه فدية ثانية. نعم.