لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
السراج الوهاج للمعتمر والحاج
47379 مشاهدة
محظورات الإحرام

يجتنب المسلم في إحرامه ما نُهي عنه في قول الله تعالى: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ (سورة البقرة ، الآية:197) فهذه أمور نهى الله تعالى عنها، فمن أحرم سواء بحج أو عمرة فإنه يتجنب الرفث، الذي هو الكلام السيئ، وخصوصا ما يتعلق بالعورات أو ما يتعلق بالنساء ، بصون لسانه، فإذا لم يشغله بذكر الله سبحانه وتعالى، وبتلبيته، فلا يشغله بهذا الكلام الدنيء، وبالرفث في القول ووسخ الكلام ! بل عليه أن يستبدل ذلك بما ينفعه ، ويتجنب ما يضره.

هذا هو الأصل في سبب شرعية هذا الإحرام، وذلك لأن المحرم يتذكر في ليله ونهاره أنه في هذه العبادة، فتذكُّرُه يحمله على أن يحمي لسانه، فلا يتكلم إلا بخير، فيتجنب السبَّ والقذف، والشتم، واللعن، والغيبة، والنميمة، ويتجنب الجدال الذي نهى الله عنه، والمخاصمة بغير حق، وشدة الاحتكاك بغير موجب.
وعليه أيضا أن يتجنب الفسوق التي هي المعاصي ، صغيرها وكبيرها، فكل معصية ؛ سواء كانت بالعين كنظرة إلى عورة، أو سماع لكلام سيئ ، أو لغناء أو نحوه، أو كانت معصية بيد، أو برجل، أو بقلب، كمن يهم بمعصية بقلبه، كل ذلك من الفسوق الذي نهى الله عنه بقوله: فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ (سورة البقرة ، الآية:197) .
فإذا تجنب الحاجُّ مثل هذه الأمور في إحرامه، رُجي أن تبقى عليه آثاره بعد تحلله، وذلك لأن للعبادات آثارا تبقى بقية الحياة، ومن لم تبق عليه تلك الآثار فإنه حري بأن لا ينتفع بأعماله ويرجع إلى عمل السيئات.
كذلك إذا عرف العبد أنه في حال إحرامه في هذه العبادة منهيٌّ عن المعاصي ونحوها، عرف أنه مأمور بالطاعات، ومن الطاعات: الإكثار من الدعاء، والإكثار من ذكر الله تعالى، ولهذا يأمر الله بذكره في أيام المواسم كما في قوله تعالى : وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ (سورة البقرة ، الآية:203) يعني أيام التشريق ، وكذلك قوله : فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا (سورة البقرة ، الآية:200) .

بمعنى كما أنكم منهيون عن الغفلة في وقت أداء النسك، فلا تغفلوا بعد الانتهاء من النسك أيضا؛ بل أكثروا من ذكر الله بعد قضاء المناسك ، وأعمال المشاعر، ونحوها.
وهكذا أمر سبحانه وتعالى بذكره في مزدلفة فقال: فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ (سورة البقرة ، الآية:198)
فهذا ونحوه دليل على أن المحرم يكثر من ذكر الله تعالى في جميع حالاته ، وأن يبقى أثر الذكر معه.