شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
75080 مشاهدة
اتصافه عز وجل بصفة بالكلام (تابع)

الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، .. إلى يوم الدين، أما بعد:
فهذا الدرس ..، من دروس فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين حفظه الله وسدد خطاه، وهو من كتاب سلم الوصول إلى علم الأصول ، وبعض من كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.
قال:
كـذا بـالأبصــار إليـه ينظـــر
وبالآيــات خـطـــه يسطـــر
وكل ذي مخلوقـــة حقيقــــة
دون كــلام بــاري الخـليـقــة
جلت صفــات ربنـا الرحمــــن
عن وصفها بالخلـق والحـدثـــان
فالصوت والألحـان صـوت القـاري
لكنما المتلــو قـــول البـــاري
ما قالـه لا يقبـــل التبـديـــلا
كلا ولا أصــدق مـنــه قـــيلا
وقد روى الثقـات عـن خـير المـلا
بأنــه عــز وجـــل وعـــلا
في ثلــث الليل الأخــير يـــنزل
يقـول هـل مـن تــائب فيقبــل
هل مـن مسيء طالـب للمغفــرة
يجد كـريمـا قابــلا للمعـــذرة
يمـن بالخـــيرات والفضائـــل
ويستر العيب ويـعطـي السـائــل
وأنه يـجـيء يــوم الفصــــل
كمـا يشــاء للقضــاء العــدل
وأنـه يــرى بــلا إنـكــــار
في جنـة الفــردوس بالأبصـــار
كل يـــراه رؤيــة العيــــان
كمـا أتـى فـي محـكم القــرآن
وفي حديـث ســـيد الأنـــام
من غـير مـا شـك ولا إيـهــام
رؤيـة حــق ليـس يمـترونهــا
كالشمس صحوا لا سحـاب دونهــا
وخـص بـالرؤيـــة أوليـــاؤه
فضيلة وحـجبـــوا أعـــداؤه
وكل مـا لــه مــن الصفـــات
أثبتها فــي محـكــم الآيــــات
أو صح فيـمـا قالـه الرســول
فحقـــه التسليـــم والقبـــول
نمـرهـا صـريحـة كمـــا أتـت
مع اعتقادنــا لمـا لــه اقتضـت
من غـير تحــريف ولا تعطيـــل
وغيـر تـكـييف ولا تـمثيــــل
بل قولنـــا قـول أئمـة الهــدى
طوبى لمـن بهديهم قــد اهتــدى
وسم ذا النـوع مـن التوحـيـــد
توحيـد إثبــات بـلا تـرديــــد
قد أفصـح الـوحـي المبين عنــه
فالتمـس الهـدى المنـير منـــه
لا تتبـع أقــوال كــل مـــارد
غاو مضــل مـارق معـانــــد
فليــس بعـــد رد ذا التبيـــان
مثقـــال ذرة مـن الإيـمــــان


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تكلم في هذه الأبيات عن القرآن الكريم؛ فذكر أن القرآن نقرؤه بألسنتنا، وألسنتنا وحركاتها مخلوقة، وننظر إليه بأبصارنا، وأبصارنا مخلوقة، ونكتبه بأيدينا، وأيدينا مخلوقة، والأوراق التي نكتب بها أيضا مخلوقة، وكذا نسمعه بآذاننا، وآذاننا مخلوقة، فعلى هذا المتلو المقروء كلام الله تعالى غير مخلوق وحركاتنا مخلوقة، واختلف هل يقال: لفظي بالقرآن مخلوق؟ أجاز ذلك بعضهم ، كما روي عن البخاري أنه أجاز أن يقال: لفظي بالقرآن مخلوق، ويريد بذلك حركات لساني وشفتي، هذه الحركات مخلوقة، ومنع من ذلك آخرون وقالوا: إنه ذريعة إلى أن يقال: لفظي -يعني ما أتلفظ به- فيكون مرادهم باللفظ: الملفوظ.
الملفوظ به هو الآيات والكلمات القرآنية، ولا شك أنها كلام الله – تعالى- حيثما تليت، وحيثما سمعت، وحيثما كتبت فهي كلام الله – تعالى- الحروف والمعاني، ليس كلامه الحروف دون المعاني، ولا المعاني دون الحروف، وقد ذهبت الأشاعرة إلى إن كلام الله هو المعنى، وقالوا: إن كلام الله معنى قائم بنفسه، وأنه شيء واحد، إن عبر عنه بالعربية؛ فهو قرآن، أو بالعبرية فهو توراة، أو بالسريانية فهو إنجيل، فكلام الله عندهم هو المعنى؛ بخلاف الألفاظ فإنها ليست كلامه، وإنما هي إما تعبير من الملك، وإما تعبير من الرسل - هكذا قالوا - فأنكروا أن تكون حروف القرآن هي عين كلام الله.
وأهل السنة يقولون: إنه كلام الله، الحروف والمعاني.
بل إنـه عين الكـلام أتى بـــه
جبريـل ينسـخ حكم كــل كتــاب
فهو كلام الله حقا.
يقول شيخ الإسلام في الواسطية :إنه عين كلام الله تعالى فإن الكلام إنما يضاف إلى من قاله مبتدئا، لا إلى من قاله مبلغا مؤديا، صحيح ما ذكره، الأشاعرة يستدلون ببيت ينسبونه إلى الأخطل وهو ليس بصحيح عنه، يقولون إنه يقول:-
إن الكلام لفـي الفـؤاد وإنمـــا
جعل اللسـان على الفـؤاد دليــلا
وهذا البيت يقول: ما روي بإسناد صحيح ولا حسن ولا ضعيف، وأنتم تردون الأحاديث الصحيحة التي في الصحيحين، وتقولون: إنها أخبار آحاد، فكيف تقبلون هذا البيت الذي ليس له إسناد، وتقدمونه على أخبار الآحاد التي في الصحيحين ؟!‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ ثم لم يثبت عن الأخطل ؛ وذلك لأن الأخطل له ديوان، وهو لم يوجد في ديوانه، ورواه بعضهم: إن البيان لا إن الكلام، فحرفوه ليكون على مذهبهم فقالوا: إن الكلام لفي الفؤاد.
ثم لو قُدر أنه ثابت عن الأخطل فكيف تقبلونه؟ والأخطل نصراني، وتقدمونه على كلام العرب؟‍‍‍‍‍‍‍‍ ثم إنه سمي أخطل من الخطل الذي: هو الخطأ، فهو خطاء، هو نصراني؛ فلا يقبل كلامه، والنصارى قد ضلوا، أي في الكلام في مسماه، ادعوا أن عيسى عليه السلام هو عين الكلمة؛ فتكلم بذلك إن ثبت عنه على ما يعتقده يقول شيخ الإسلام في لاميته:-
قبـح لمـن نبـذ الكتــاب وراءه
وإذا استـدل يقـول قــال الأخطل
لا شك أن هذا عين البعد عن الحق، ويقول ابن القيم في النونية:
ودليلهم فـي ذاك بيـت قـالــه
فيما يقـال الأخطــل النصــرانـي
هذا هو دليلهم، وتركوا الأدلة التي فيها التصريح مثل قوله تعالى: وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا وفيها التصريح بالكلام وبالقول كقوله – تعالى- يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ فذكره بلفظ الكلام وبلفظ القول فالله – تعالى- دائما ينسب إلى نفسه القول كقوله: قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ ونحو ذلك من الآيات التي فيها إثبات القول، فإذا كان كذلك فإننا نقول: القرآن عين كلام الله تعالى.
فالصوت والألحان صوت القـاري
لكنمـا المتلــو قـول البــاري
ما قالـه لا يقبـل التبـديـــلا
...................................
كلامه تعالى لا يقبل التبديل قال تعالى: فلن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا وقال تعالى: وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ لا أحد يبدل كلماته.
ما قالــه لا يقبــل التبديـــلا
كلا ولا أصـدق منــه قـــيلا
يعني لا أحد أصدق منه وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا أي لا أحد .