جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
75023 مشاهدة
باب قول الله تعالى: أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ

نقرأ في كتاب التوحيد، اقرأ باب قوله تعالى: أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا يمكن أنها الباب الثاني عشر أو الثالث عشر نعم أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا .
بسم الله الرحمن الرحيم
باب: قول الله تعالى: أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وقوله: وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ .
وَفِي اَلصَّحِيحِ عَنْ أَنَس قَالَ: شُجَّ اَلنَّبِيّ –صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ أُحُدٍ وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، فَقَالَ: كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ شَجُّوا نَبِيَّهِمْ ؟ فَنَزَلَتْ: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ .
َفِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَر رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اَللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ اَلرُّكُوعِ فِي اَلرَّكْعَةِ اَلْأَخِيرَةِ مِنَ اَلْفَجْرِ: اَللَّهُمَّ اِلْعَنْ فُلَانًا وَفُلَانًا، بَعْدَمَا يَقُول:ُ سَمِعَ اَللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ اَلْحَمْدُ “ فَأَنْزَلَ اَللَّه:ُ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ .
وَفِي رِوَايَةٍ: يَدْعُو عَلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمِّيَّة وسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو والْحَارِثِ بْنِ هِشَام فَنَزَلَتْ: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ .
وَفِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ قَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ (أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا)! اِشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ اَللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنْ اَللَّهِ شَيْئًا، يَا صَفِيَّة ُ عَمَّةَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا أُغْني عنِكَ مِنْ اَللَّهِ شَيْئًا، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي مِنْ مَالِي مَا شِئْتِ، لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنْ اَللَّهِ شَيْئًا .


في هذا الباب عقده على هذه الآية، باب قول الله تعالى: أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ الآية يدخل فيها كل المخلوقات، يعني كيف يجعلون لله شركاء، وأولئك الشركاء لا يملكون لأنفسهم شيئا، فضلا عن أن يملكوا لغيرهم؟ لا يخلقون شيئا؛ بل هم مخلوقون فكيف يجعلونهم شركاء لله تعالى في ملكه، وفي تصرفه؟ لا شك أن ذلك اعتراض وتنقص لله تعالى ورفع للمخلوق إلى رتبة الخالق، ودعاء له، مع الله سبحانه وتعالى فيدخل في ذلك الأنبياء والملائكة، فكلهم لم يَخلقوا شيئا، وكلهم مخلوقون، وكلهم لا يستطيعون نصر أنفسهم، وإنما يطلبون النصر من الله تعالى: أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا لا يستطيعون نصركم، ولا يستطيعون نصر أنفسهم، وإنما يحتاجون إلى الله، ويطلبون الله تعالى ويطلبون النصر منه؛ لقوله تعالى: وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ .
يدخل في ذلك النبي صلى الله عليه وسلم كما في الآيات، ما صرح بمدلول الآية، أو بمراده بهذا الباب، تقديره الذي قدره وأراده، أن يقول: باب بيان أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يملك لنفسه، ولا لغيره ضرا ولا نفعا، وإذا كان هكذا فكيف يطلب؟ وكيف يسأل؟ وإذا كانت هذه حالته فكيف بمن هو دونه؟ فإن الجميع كلهم لا يملكون شيئا، ولا يخلقون، وهم مخلوقون.
ودل على ذلك أيضا من القرآن آيات كثيرة، منها قوله – تعالى- في سورة الأعراف: قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ يعني إلا ما شاءه الله لي، لا أملك لنفسي، إذا كان كذلك فكيف تدعونه أيها المشركون؟ وكيف تقولون أعطنا ونحو ذلك؟ يسمع كثير منهم يدعونه، ذكرنا أن بعضهم ينادونه بـ يا رسول الله، ونحو ذلك، في مرة ونحن خارجون من الحرم المكي كان عند الباب زحام شديد، فهناك ناس يدخلون، وآخرون يخرجون، فحصل زحام، سمعت واحدا صرخ بقوله: يا رسول الله، في هذه الحالة الحرجة، كأنه يقول: فرج عني يا رسول الله ما أنا فيه من الزحام، حيث إن هناك من يزحمه أمامه، ومن يزحمه إلى جانبيه، نسي أو غفل أن يقول: يا ربي أو يا الله.
وكذلك أيضا سمع بعض الشباب واحدا في نفس الحرم وهو قد انتهى من الطواف، وإذا هو يقول: مدد يا رسول الله هكذا؛ فعند ذلك أنكر عليه، وقرأ عليه قول الله تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا كثير منهم يدعون النبي - صلى الله عليه وسلم- ويدعون غيره من الأولياء، ومن عقيدة الرافضة التعلق على الخمسة الذي نظمها بعضهم بقوله:
لي خمسـة أطفــــي بهم
نـار الجحـيم الحاطــــمة
المصـــطفى والمجــتبى
وابنـاهمـا والفاطمـــــة
هؤلاء يعلقون عليهم آمالهم المصطفى والمجتبى -يعني الرسول- وعلي وابناهما الحسن والحسين وفاطمة فهؤلاء يدعونهم من دون الله، والوقائع كثيرة لمثل هؤلاء المشركين، فالله تعالى قال لنبيه: قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا لا أملك لكم كلكم ضرًا ولا رشدا قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا إن أرادني الله بضر فلا يكشفه غيره، وإن أرادني برحمة فلا يردها غيره: إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ فإذا كان هو عليه السلام لا يملك لنفسه، فكيف يملك لغيره؟ وإذا كان كذلك فكيف بمن سواه؟!
الآية الثانية: في سورة فاطر قول الله تعالى: وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ القطمير: هو قشرة نواة التمر، إذا أخرجت النواة وجدت عليها قشرة رقيقة خفيفة تنفخها؛ فتطير، فهل هذه تسمى ملكا من ملكها؟ أي لا تملك هذه المعبودات كلها من قطمير -حية أو ميتة- إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ يعني مهما صرختم ومهما ناديتموهم: وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ لو قُدر أنهم يسمعون - سواء كانوا أحياء أو أمواتا- ما استجابوا لكم: وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ يتبرءون منكم ويقولون: مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُون فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ نحن في شأن وأنتم في شأن، تدعوننا ونحن أموات، ونحن غائبون عنكم.
وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا يستجيبون لهم إلى يوم القيامة: وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ غافلون عنكم وعن دعائكم، أموات قد ماتوا، وقد انتقلوا إلى الدار الآخرة، أو إلى حساب الآخرة، مشغولون بأنفسهم، ولو كانوا أنبياء، ولو كانوا أولياء: وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ فهكذا قوله: وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ يدخل في ذلك الأنبياء، والأولياء، والملائكة، والشهداء، والصالحون، ونحوهم؛ فلا يجوز دعاء أحد من هؤلاء؛ وإنما الذي يدعى هو الله وحده.
الأحاديث صريحة في أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يملك شيئا.
في الحديث الأول: قصة أحد وصل إليه بعض المشركين فشجوه أي شجوه في وجنته، جرح في وجنته، وكسرت رباعيته إحدى أسنانه، وهشمت البيضة على رأسه -كان على رأسه بيضة يعني: خوذة: وهي المغفر؛ فهشمت، وسقطت حلقة من حلقات المغفر في رأسه، واجتذبها بعض الصحابة بأسنانه حتى نضرت ثنية من ثناياه ونزف الدم، وأحرقت فاطمة قطعة حصير وأخذت رماده وضمدته على ذلك الجرح الذي في وجهه، والذي في رأسه، وجعل يمسح الدم عن وجهه ويقول: كيف يفلح قوم شجوا نبيهم؟ يعني استغرب أنهم يفلحون، ما أفلحوا، بل سلط الله تعالى عليهم، ومات منهم من مات، وعُذب من عذب، وهدى الله تعالى بعضهم.

هاهنا: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ الأمر ليس إليك، وإنما هو إلى الله، فلا تستغرب ذلك، فالله تعالى هو الذي يسلط مَنْ يشاء على مَنْ يشاء، فقد تَسَلَّطَ الكفار قديما من اليهود على أنبيائهم، وقتلوا الكثير من الأنبياء، وآخرُ من قتلوا يحيى بن زكريا قتل لرضا امرأة بغيٍّ، فكيف لا يتسلطون عليك؟! ولكن العاقبة لك، ولمن تبعك.
هذا الآية: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ تبين أنه لا يجوز أن يُسْأَلَ شيئا من أمر الآخرة، فلا تسألوه مغفرة، ولا تسألوه جنة، ولا تسألوه نجاة، ولا تسألوه رحمة، بل اعبدوا الله تعالى، واسألوه وحده، ولا تسألوا النبي صلى الله عليه وسلم، ولا غيره.
يقول الحفظي
وكـل مـن دعـا معـه أحـدا
أشـرك بالله ولو محمــــدا
أما القصة الثانية: فكان المشركون بمكة قد تسلطوا على بعض المستضْعَفِين، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو للمستضعفين في قنوته في صلاة الفجر، ويدعو على أولئك المتسلطين، فإذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الثانية بعدما يقول: سمع الله لمن حمده، ويقول: ربنا ولك الحمد يبدأ يلعن بعض أولئك الذين تسلطوا، ويدعو للمستضعفين؛ فيقول: اللهم أنجِ المستضعفين من المؤمنين، اللهم أنجِ الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة كانوا من المستضعفين، ولم يتمكنوا من الهجرة.
الوليد بن الوليد هو أخو خالد بن الوليد آمن قديما، ولكن أسروه ومنعوه من الهجرة، ومع أنه يتمنى ذلك، وكذلك: عياش بن أبي ربيعة وسلمة بن هشام وغيره من المستضعفين. ثم يقول: اللهم العن فلانا وفلانا في بعض الروايات سَمَّى بعضا من أكابرهم: الحارث بن هشام -هو أخو أبي جهل - وكان ممن اشتد هجاؤه للمسلمين، كان شاعرا، ومع ذلك يهجو المسلمين، ولكنه أسلم بعد ذلك، وحَسُنَ إسلامه، صفوان بن أمية ولد أمية بن خلف الذي كان يُعَذِّبُ بِلَالًا ؛ لأنه كان مولاه، لما كان في وقعة بدر، وأسره عبد الرحمن بن عوف ورآه بلال قال: أمية بن خلف !! لا نجوتُ إن نجا ! فاستدعى بعض الأنصار فقتلوه، ولده صفوان أسلم بعد ذلك وهداه الله.
سهيل بن عمرو كان نزيلا بمكة وهو من أهل الطائف من ثقيف ولكنه شرف في مكة وهو الذي حصل على يديه الصلح في صلح الحديبية، ولكنه قبل ذلك كان رئيسا فيهم، وكان يُؤَلِّبُ على المسلمين، وكان مِمَّنْ أَلَّبَ عليهم يوم الأحزاب. فهؤلاء الثلاثة سُمُّوا في هذا الحديث، كلهم أسلموا هداهم الله تعالى، ودخلوا في الإسلام.
سُهَيْلٌ كان بعد ذلك من المجاهدين بعد عهد النبي صلى الله عليه وسلم - في عهد أبي بكر وعمر - كان قائدا من القواد. وكذلك أبو سفيان كان أيضا يتولى القيادة، وكان يجاهد في سبيل الله، فُقِئتْ عينه في سبيل الله، وجاهد، ثم فُقِئتْ عينه الثانية أيضا. دَلَّ ذلك على أن الله تعالى هداهم. فالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب، فكان يدعو عليهم، ويلعنهم؛ لأنهم كانوا قد آذوا المؤمنين، فأنزل الله تعالى عتابا له هذه الآية: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ الله تعالى هو أَعْلَمُ بهم، فقد يتوب عليهم، وقد يُعَذِّبُهم. فإنْ عَذَّبَهُمْ فإنهم ظالمون، وإن تاب عليهم فإن الله تعالى يقبل التوبة عن عباده إذا اهتدوا.
في الآية عتاب للنبي صلى الله عليه وسلم، وفيها دلالة على أنه ليس له من الأمر شيء، وإذا كان ليس له من الأمر شيء، فكيف يُدْعَى مع الله؟! وكيف يصرف له شيء من حق الله؟!