إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
107449 مشاهدة
خلق الملائكة وكثرة عددهم والإيمان بهم

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال -رحمه الله تعالى- ذكر خلق الملائكة وكثرة عددهم، قال: أخبرنا أحمد بن عمرو بن أبي عاصم وإبراهيم بن محمد بن الحسن قالا: حدثنا أبو عميرة الفريابي عن سفيان عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من مارج من نار وخلق آدم مما قد عرفتم .
قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن زكريا وإسحاق بن جميل قالا حدثنا سلمة قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من مارج من نار وخلق آدم مما وصف لكم .
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال حدثنا الأحمسي قال وحدثنا الوليد قال حدثني يزيد بن مخلد قال حدثنا أبو أسامة عن ابن المبارك عن معمر عن الزهري بإسناده مثله.
قال: حدثنا جعفر بن عبد الله بن الصباح قال حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال حدثنا أبو خالد سليمان بن حيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: خلق الله عز وجل الملائكة من نور. قال: حدثنا الوليد قال حدثنا أبو معين الحسين بن الحسن قال حدثنا ابن أبي مريم قال حدثنا نافع بن يزيد عن سعيد بن أبي أيوب عن عمر مولى غفرة عن يزيد بن رومان أنه بلغه أن الملائكة خلقت من روح الله عز وجل.
قال: حدثنا أبو يحيى الرازي قال حدثنا هناد قال حدثنا ابن المبارك عن إسماعيل عن أبي صالح عن عكرمة -رحمه الله تعالى- خلقتني من نار قال: خلق إبليس من نار وخلقت الملائكة من نور العزة.
قال: حدثنا أحمد بن زنجويه المخرمي قال حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن خالد الرقي قاضي دمشق قال حدثنا الوليد بن مسلم عن صدقة بن عبد الله عن موسى بن عقبة عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتاني ملك برسالة من الله عز وجل ثم رفع رجله فوضعها فوق السماء ورجله الأخرى ثابتة في الأرض لم يرفعها .
قال: حدثنا الوليد قال حدثنا سهل بن الفرقان قال حدثنا محمد بن أبي السري قال حدثنا عمرو بن أبي سلمة عن صدقة عن موسى بن عقبة عن محمد بن المنكدر عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لله عز وجل ملائكة ما بين شحمة أذن أحدهم إلى ترقوته مسيرة سبعمائة عام للطير السريع الطيران .
قال: أخبرنا أبو يعلى الموصلي قال حدثنا جدي إبراهيم النيلي قال وحدثنا إسحاق بن أحمد قال حدثنا أبو زرعة قال حدثنا إبراهيم النيلي قال حدثنا عامر بن يساف عن يحيى بن أبي كثير -رحمه الله تعالى- قال: خلق الله عز وجل الملائكة صمدا ليس لهم أجواف.
قال: حدثنا إسحاق بن أحمد قال حدثنا أحمد بن حماد الرازي قال حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: خلق الله عز وجل الملائكة من نور الصدر والذراعين.
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال حدثنا سليمان بن سيف الحراني قال حدثنا سعيد بن بزيع عن ابن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: خلق الله عز وجل الملائكة من نور وينفخ في ذلك ثم يقول: ليكن منكم ألف ألفين فإن من الملائكة خلقا أصغر من الذباب.
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال حدثنا أبو عبيد الله المخزومي قال حدثنا مروان بن معاوية الفزاري عن زياد بن المنذر عن عطية عن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن في الجنة لنهرا ما يدخله جبريل عليه السلام من دخلة فيخرج فينتفض إلا خلق الله عز وجل من كل قطرة تقطر منه ملكا .
قال: حدثنا الوليد بن أبان قال حدثنا محمد بن أيوب قال حدثنا علي بن المديني قال حدثنا محمد بن عمرو بن مقسم الصنعاني قال حدثني ابن أبي السوم قال سمعت وهب بن منبه -رحمه الله تعالى- يقول: إن لله تبارك وتعالى نهرا في الهواء سعة الأرض كلها سبع مرات ينزل على ذلك النهر ملك من السماء فيملؤه ويسد ما بين أطرافه ثم يغتسل منه فإذا خرج قطرت منه قطرات من نور فيخلق من كل قطرة منها ملك يسبح الله عز وجل بجميع تسبيح الخلائق كلهم.
قال: حدثنا محمد بن أحمد بن الوليد الثقفي قال حدثنا يمان بن سعيد المصيصي قال حدثنا إبراهيم بن عبد السلام المكي قال حدثنا أبو الأشهب عن الحسن -رحمه الله تعالى- قوله عز وجل: يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ قال: جعلت أنفاسهم لهم تسبيحا.
قال: حدثنا أبو يحيى الرازي قال حدثنا سهل قال حدثنا أبو معاوية عن الشيباني عن حسان بن مخارق عن عبد الله بن الحارث قال قلت لكعب -رحمه الله تعالى- أرأيت قول الله تعالى: يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ أما يشغلهم رسالة؟ أما يشغلهم حاجة؟ قال: مَن هذا؟ قالوا: غلام من بني عبد المطلب قال: فأخذني فضمني إليه ثم قال: يا ابن أخي جعل لهم التسبيح كما جعل لكم النفس ألست تأكل وتشرب وتقوم وتجلس وتجيء وتذهب وتكلم وأنت تتنفس فكذلك جعل لهم التسبيح.
قال: حدثنا جعفر بن أحمد قال حدثنا ابن أبي الزياد قال حدثنا محمد بن خنيس عن وهيب بن الورد -رحمه الله تعالى- قال: سمعت وذكر الملائكة فقال: يسبحون الليل والنهار ولا يفترون هم من خشية ربهم مشفقون قال: لقد بلغني أن من دعائهم وقد وصفهم بما وصفهم أنهم يقولون: ربنا ما لم تبلغه قلوبنا من خشيتك فاغفره لنا يوم نقمتك من أعدائك.
قال: حدثنا جعفر بن أحمد قال حدثنا سلمة قال حدثنا مسعدة بن شاهين قال حدثنا حكيم بن عبد الله قال سمعت الضحاك يقول: إن لله تبارك وتعالى ملكا إذا جهر بصوته صمتت الملائكة كلها تعظيما لذلك الملك لا يذكرون إلا في أنفسهم لأنهم لا يفترون عن التسبيح. قلنا وما ذلك الملك؟ قال: ملك له ستون وثلاثمائة رأس في كل رأس ستون وثلاثمائة لسان لكل لسان ستون وثلاثمائة لغة.


ورد في أصول الإيمان: الإيمان بالملائكة في قول النبي صلى الله عليه وسلم : الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره وذلك لأن الإيمان يستدعي الإيمان والتصديق بالمغيبات, أي: بكل ما أخبر الله تعالى به من الأمور الغيبية, فنحن نؤمن بالله، والإيمان بالله من الإيمان بالغيب؛ لأنا ما رأينا ذاته تعالى, وإنما رأينا آياته الدالة عليه, ونؤمن بالملائكة وإن لم نطّلع على خلقهم, ولم نَرَ أعيانهم, ونؤمن بمن يشبههم, نؤمن بأن الله خلق الجن, وإن كنا لا نراهم, وأنه خلق الشياطين ونحن لا نراهم، وأن الشيطان يدخل في جسد ابن آدم, يجري من ابن آدم مجرى الدم, ويصل إلى قلبه, ويوسوس له كما قال تعالى: مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ .
وكذلك أيضا أخبر بأن الملائكة خلق من خلق الله تعالى خلقهم لعبادته، وأنهم مطيعون لربهم دائما, لا يخرجون عن طاعته ولا عن عبادته كما قال الله تعالى: فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يعني الملائكة يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ أي لا يملون، وكذلك أخبر في آية أخرى بأنهم لا يفترون يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ وأنهم لا يستحسرون, أي: لا يملون من العبادة, ولا يملون من الذِّكْرِ.
أُخبر في هذه الآثار أن التسبيح لهم مثل النَّفَس لنا, فالإنسان لا يستغني عن النَّفَس، لو اغتم مثلا وقتا قصيرا لهلك.
فإذا كان لا يستغني عن هذا النَّفَس, فكذلك الملائكة نَفَسهُم هو التسبيح، ورد ذلك أيضا في أهل الجنة, قال صلى الله عليه وسلم : يلهمون التسبيح كما تلهمون النَّفَس أي: أنهم دائما يسبحون, يسبحون الليل والنهار لا يفترون, وكذلك أخبر بأنهم مكرمون قال تعالى: بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ من دون الله, فذلك مأواه جهنم. يعني لا يتجرأ أحد منهم أن يدعي أنه إله من دون الله.