اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية
50216 مشاهدة
شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين وبعد:
نقرأ في هذا اليوم أبياتا تتضمن عقيدة أهل السنة والجماعة مع الاختصار والإيجاز. هذه الأبيات تُنسب إلى شيخ الإسلام أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام المعروف بابن تيمية شيخ الإسلام، وعَلَم الهداة الأعلام رحمه الله تعالى، وأكرم مثواه، وهذه الأبيات لم تكن مشهورة، ولأجل ذلك ما أوردها الشيخ عبد الرحمن بن القاسم في مجموع الفتاوى، ولعله لم يجزم بأنها لشيخ الإسلام، أو أنها ليست من الفتاوى التي لها مكانتها، ولا شك أنها عقيدة لها أهميتها، ولو كانت مختصرة .
تضمنت مجمل عقيدة أهل السنة، وتضمنت القول الصحيح الذي عليه أئمة الإسلام من سلف الأمة وأئمتها، وقد جزم بصحتها عن شيخ الإسلام الشيخ العالم محمد الغنامي -رحمه الله- وطبعها في رسالته التي هي بعنوان: القول السديد في عقيدة التوحيد وطبعت قديما، وقرأتها يمكن قبل خمس وخمسين سنة أو نحوها.
جزم بأنها لشيخ الإسلام، ورأيتها أيضا مكتوبة عند أحد أجدادنا بخط قديم في صفحة واحدة؛ ولكنه ذكر قال: هذه أبيات تُنسب إلى شيخ الإسلام، ولا شك أن اشتهارها يدل على مكانتها، وعلى أنها من نظمه رحمه الله تعالى، وأيضا قد شرحها بعض المتأخرين، شرحها المرداوي وطبع شرحه محققا، وجزم بأنها لشيخ الإسلام رحمه الله، وذلك علامة على شهرتها وعلى مكانتها.
ومع ذلك فإن علماء الحنابلة قديما لم يهتموا بشرحها، ولم يهتموا أيضا بكتب العقائد، وإنما جهدهم ينصب على كتب الفقه، أو على الأحكام الذي تميزوا به؛ وذلك لأن أمر العقيدة ليس مختصًا بمذهب دون مذهب؛ بل جميع أهل المذاهب كلهم على عقيدة واحدة .