إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
175630 مشاهدة
شروط صحة السلم

بشروط سبعة زائدة على شروط البيع. والجار متعلق بيصح أحدها انضباط صفاته التي يختلف الثمن باختلافها اختلافا كثيرًا ظاهرا؛ لأن ما لا يمكن ضبط صفاته يختلف كثيرًا، فيفضي إلى المنازعة، والمشاقة بمكيل، أي كمكيل من حبوب، وثمار، وخل، ودهن، ولبن، ونحوها.


ثم قال: يصح بشروط سبعة زائدة على شروط البيع.
شروط البيع تقدم أنها سبعة، يزاد عليها سبعة أخرى، تختص بالسَّلَم، فتكون أربعة عشر شرطا.
أحدها: انضباط صفاته يعني كون المَبِيع ينضبط بالصفة؛ وذلك لأنه غائب، والغائب لا يباع إلا إذا كان يوصف وصفا دقيقا، يحصل به معرفته.
وحتى لا يحصل اختلاف، فإن الاختلاف يحدث كثيرًا فيحصل نزاع، فلذلك قالوا لا بد أن ينضبط بالصفة انضباطا تاما بحيث لا يكون هناك اختلاف؛ فالشيء الذي لا ينضبط بالصفة، يحصل به تخالف بين المتعاقدين عند الوفاء، هو يقول مثلا: هذا غير الذي بعتني، فيقول: بل هذا هو الذي بعتك.
فلذلك قالوا: لا بد أن ينضبط بالصفة.
ثم ذكر أن مما ينضبط بالصفة المكيل، وهو الذي يكال.
وكانوا يبيعون بالكيل وبالوزن -أيضًا- قال الله تعالى: وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ أمر بإيفاء الكيل وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ فأمر بوفاء الكيل، فدل على أن هناك كيلا.
وقد تقدم في الربا .. المرجع في الكيل إلى المدينة وفي الوزن إلى مكة وقد تقدم -أيضًا- في الربا أنواع المكيلات. أن الحبوب كلها مكيلة، وكذلك المائعات كلها مكيلة، فالبر، والرز، والدخن، وكذلك الشعير -مثلًا- والسنك، والذرة، وكذلك والحبوب الأخرى، كالحلبة، والشونيز الحبة السوداء، والحبوب الموجودة الآن كالقهوة، والفول، والقرنفل، والزنجبيل، والدارسومي، وكذلك كل ما يمكن كيله من الحبوب، ونحوها.
الموزون: ما لا يمكن كيله كما سيأتي، وكما تقدم في باب الربا.
فالمكيل هو الحبوب، والمائعات:
اللبن، والدهن، والخل، والدبس، والتمر من المكيلات -أيضًا-؛ لأنه يباع بالكيل.
فالحاصل أن هذه إذا بيعت سَلَمًا، فإنها تباع بالكيل، تنضبط بالكيل نعم.

وموزون من قطن، وحرير، وصوف، ونحاس، وزئبق، وشب، وكبريت وشحم، ولحم نيء ولو مع عظمه، إن عين موضع قطعه.


هذا شيء من الموزونات؛ وذلك لأنه لا يتأتى كيلها، لا يمكن أن تكال فيرجع فيها إلى الموزون، فاللحوم تباع بالوزن، فيجوز السَّلَم فيها، وكذلك القطن والكتان، والصوف، والحديد، والزئبق.
يعني الأشياء التي لا يتكون فيها الوزن، ولا ينضبط، يرجع فيها إلى الوزن، لا تنضبط بالكيل رُجع فيها إلى الوزن، فبيعها سَلَمًا، تباع بالكيل. يصح في اللحم إذا عين موضع قطع، ويكون العظم تابعا نعم.

ومذروع من ثياب وخيوط.


يصح السَّلَم في المذروع كالثياب، والخيوط، والحبال؛ لأنها تباع بالذرع نعم.

وأما المعدود المختلف كالفواكه المعدودة كرمان، فلا يصح السَّلَم فيه لاختلافه بالصغر، والكبر، وكالبقول؛ لأنها تختلف، ولا يمكن تقديرها بالحزم.


هذه لا يصح السَّلَم فيها، التي تختلف بالصغر، والكبر.
الفواكه تختلف الصغر، والكبر، فمثلا الرمان، والتفاح، والبرتقال، والموز، والكمثرى، والمشمش، وأشباهها هذه تؤكل، يتفكه بها.
ومثلها الجُح، وغيره من أنواع البطيخ، هذه تختلف بالصغر وبالكبر، وبكمال النضج ونقصه؛ فلذلك لا يصح السَّلَم فيها؛ لأنهم يختلفون عند الوفاء، فيقول هذا: أعطني كبير، فيقول هذا هو الموجود، فيحصل تخالف.
الرمان يوجد -مثلًا- في نجد صغير، وقريبا من التفاح، ولكن يوجد في الحجاز وفي الطائف وكذلك -أيضًا- في الشام كبير قريبا من الأترج، فلذلك يختلف، فلا يصح السَّلَم فيه؛ لأنه سوف يختلفون عند الوفاء.
كذلك الجُح يختلف بالصغر والكبر، وكمال نضجه ونقصه. فلا بد أن يكون عند الوفاء ينضبط، فإنه إذا أسلم -مثلًا- في الجُح، أو فيما يسمى بالهنودة أنواع الفواكه المأكولة، اختلفوا عند الوفاء، ولو كانت متقاربة.
بعضها متقارب، لكن يقع بينها اختلاف.
أما الذي هو متقارب لا يمكن أن يجوز السَّلَم فيه.
التفاح متقارب إذا كان من إنتاج بلد، لكن يوجد -مثلًا- تفاح في نجد ولكنه صغير، ويوجد -أيضًا- في الشام صغير يوجد في كثير من البلاد كبير فيختلف.
الليمون كذلك -أيضًا- يقع بينه اختلاف، وكذلك البرتقال، يختلف بالصغر وبالكبر، وبالطعم، وبأشبهه، فيحصل بينه اختلاف.
وكذلك الخضار يقع فيها اختلاف.
الخضار مثل القرع يختلف كثيرًا مع اختلاف أنواعه، والطماطم، والكوسة، وكذلك ما يسمى بالخيار، يختلف بالصغر، والكبر، وما يسمى بالطروح يختلف. بعضها يؤكل نيئًا كالخيار، والطماطم، وبعضها يؤكل نيئًا، ومطبوخا كالجزر والفجل، فهذه تختلف؛ لذلك لا يصح السَّلَم فيها؛ لوجود التفاوت فيما بينها.
البقول كذلك -أيضًا- ليست منضبطة.
والبقول واحدها البقل، أو جمع البقل. ذكره في القرآن في قوله تعالى: يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا فالبقل هو هذه النباتات.
ما يسمى بالخس يعني ورق، وكذلك -أيضًا- ورق الفجل، وكذلك ورق البصل، ورق الكرات. هذه بقول، والعادة أنها تباع بالحزم، ولكنها تختلف الصُرَر، يصرونها صُرَرًا، فلو قال مثلا: أسلمت بعشرين صُرة وفي مائة صُرة، لاختلفوا عند الحزم. هذا يقول: كبيرة، وهذا يقول: صغيرة.
فلذلك لا يصح السَّلَم في هذه البقول وما أشبهها. نعم.
س: في حالة لو كانت الفواكه تنضبط بالوزن، الحاصل الآن أن كثيرًا من التجار يسلمون فيها بالوزن، يجد البستان مزروع ويسلم فيه بالوزن، وزن ما أنتجه كالموز، والبرتقال، والتفاح.
الأصل أنها تباع بالعدد، يعني هذه الأشياء تباع بالعدد، حتى البصل يبيعونه بالعدد ما كانوا يبيعون بالوزن، ولا بالكيل في الفواكه، والخضار، ولكن في هذه الأزمنة توسعوا، وتجددت هذه المعلبات، وتجدد -أيضًا- البيع بالوزن، فصار الوزن مقابل عندهم أنها توزن.
فقد يقال: يجوز بعضها بالوزن أي يسلم فيه بالوزن، إذا كان اتفق على صفة منضبطة، كالطماطم قد يحتاج إليه -مثلًا- يوميا.
لو -مثلًا- أنه ما عنده ثلاجة تحفظه، فاتفق مع صاحب بقالة أن أعطيك -مثلًا- خمسمائة ريال بمائة كيلو من الطماطم، آخذها يوميا. كل يوم كيلو إلى مائة يوم أسلمها لك، ولكن لا بد أن يكون من نوع كذا وكذا؛ لأنه يختلف -مثلًا- يعني بالكبر والصغر، ويفضل الصغير؛ لأنه ألذ طعما، وكذلك -أيضًا- يتفقون على النضج أنها قد نضجت أو أنها لا تزال جافة؛ لأنها قد يقع فيها شيء من التغير. فمثل هذا قد يجوز إذا انضبط بالصفة. ومثلها التفاح والبرتقال، قد يقول: أنا احتاج إليه يوميا، فأقدم لك يا صاحب البقالة ثمن مائة كيلو آخذها منك في مائة يوم، كل يوم كيلو آكله، فالأكل أو كل يوم كيلوين -مثلًا- ويكون من النوع الفلاني الأحمر، أو الأصفر، وسواء زاد أو نقص.
لو رخص في بعض الأيام، وأصبح الكيلو بريال وأنا اشتريت منك الكيلو بثلاثة تعطيني بالثلاثة التي سلمتها لك قديما، ولو ارتفع وأصبح الكيلو بعشرة تعطيني. أنا قدمت لك أسلمت لك من قبل تحضره لي كل يوم في الساعة الفلانية؛ لأن هذا يجوز ما دام أنه أصبح مضبوطا بالوزن. ويمكن ضبطه بالنضج أنه من الناضج أو من الذي لونه كذا أو ما أشبه ذلك.
بالنسبة للبقول قد يقال -أيضًا- أنها أصبحت موزونة، فيمكن أن يجوز السَّلَم فيها بالوزن. بمعنى أنه يقول: أُسلم لك الآن خمسمائة ريال على أنه بعد ستة أشهر تعطي لي خمسمائة صرة كل صرة وزنها كيلو من الخس -مثلًا- أو من الفجل أو من البصل ورق البصل أو نحو ذلك. تأخذها دفعة واحدة. اشتريتها -مثلًا- الصرة بريال أو بريالين، وبعتها بموسم من المواسم، الصرة بخمسة، فحصل لك ربح، ولكنك قدمتها قبل وقت حصادها؛ وذلك لأن صاحب البقول صاحب المزرعة قد يحتاج إلى دراهم، فيقول إلى صاحب الدراهم أبيعك من هذه البقول مائة كيلو أو ثلاثمائة كيلو، أسلمها لك بعد خمسة أشهر، ولكن ادفع لي الثمن الآن، الكيلو بريالين، لو كان موجودا الآن لكان الكيلو بأربعة، ولكن أبيعك الكيلو بريالين؛ لكوني محتاجًا إلى النقود، وأنت لست بمحتاج إليها، فأعطنيها أشتري بها بذورا، أو أشتري بها حرَّاثات، أو نحو ذلك. فإذا حصدت فإني أعطيكها دفعة واحدة وأنت تبيعها وتتصرف فيها.
الظاهر إنها أصبحت موزونة وأصبحت معلومة نعم.